اضطرت الحكومة السعودية في الفترة الأخيرة إلى إعفاء المزارعين في مناطق عدة من بينها محافظة بيشة التي تشير التقديرات إلى أن مزارعيها فقدوا نحو ثلاثة ملايين نخلة بسبب الجفاف، من سداد نحو 50 في المئة من قيمة القروض المطلوبة عليهم للبنك الزراعي العربي السعودي، لقلة المياه والجفاف وعجزهم عن سداد القروض الحكومية الممنوحة لهم، كما اضطرت إلى زيادة الدعم الحكومي للأعلاف ومدخلاتها. وتستورد السعودية حالياً كميات كبيرة من حاجاتها من الأغذية من الخارج، بسبب ارتفاع الطلب نتيجة الزيادة الكبيرة في أعداد السكان، في مقابل تراجع الإنتاج الزراعي المحلي وتضرره نتيجة الجفاف الشديد، وهو ما يهدد أمن البلاد الغذائي بالخطر. كما تلبي السعودية قدراً كبيراً من حاجة مواطنيها من مياه الشرب من خلال تحلية مياه البحر، بعد تراجع مخزون المياه الجوفية وجفاف كثير من الآبار والعيون في مناطق عدة. وتشير تقديرات المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة إلى تنامي الطلب على المياه المحلاة في السعودية بمعدلات تربو على 14.5 في المئة سنوياً، ويتوقع أن يصل إلى نحو 5.7 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يومياً في عام 2014، وهو ما حفز الحكومة السعودية إلى رصد 163 بليون ريال لجميع القطاعات العاملة في شؤون المياه في البلاد. وتعاني السعودية أيضاً من ارتفاع معدل الاستهلاك اليومي للفرد في السعودية، الذي يقع ضمن أعلى المعدلات في العالم، فوفقاً لدراسة أجرتها شركة بوز آند كومباني"يفوق استهلاك الفرد السعودي من المياه معدل الاستهلاك العالمي بنسبة 91 في المئة، وهو ما يتجاوز الاستهلاك في المملكة المتحدة بأكثر من ست مرات". وقدم مسؤولو المركز الإقليمي لمراقبة الجفاف والإنذار المبكر والتوقعات الفصلية للدول العربية وجنوب غرب آسيا، التابع للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، صورة قاتمة لوضع الجفاف في المناطق السعودية أوصت ليصبح هيئة إقليمية ذات صفة اعتبارية مستقلة تخدم جميع الدول العربية. وأكد رئيس اللجنة العربية الدائمة للأرصاد الجوية الدكتور سعد المحلفي ل"الحياة"أن الوضع العام للجفاف في السعودية"سيء جداً"، مشيراً إلى أن الجفاف ظاهرة ملموسة محلياً وعربياً ودولياً، مشيراً إلى أن التقارير الواردة من مناطق المملكة وكذلك من الدول العربية تشير إلى زيادة ظاهرة الجفاف، نتيجة هطول الأمطار أقل من معدلاتها المسجلة. وأوضح الدكتور المحلفي أن جولات فرق المسح الميدانية على جميع المناطق السعودية، وكذلك نتائج الاستبانات الواردة من الجهات الحكومية المعنية، إضافة إلى المقارنة الدورية بين الصور الجوية، تؤكد جميعها تأثر المناطق السعودية كافة بشدة الجفاف، كما أن التقارير الواردة من الدول العربية إلى المركز تشير إلى زيادة تأثرها بالظاهرة نفسها، بدرجات متفاوتة. وكشف رئيس اللجنة العربية الدائمة للأرصاد الجوية عن تأثيرات سلبية اقتصادية واجتماعية وبيئية عدة رصدتها خمس فرق مسح ميدانية جالت على مناطق المملكة في عام 2011، وأكدت تلك التأثيرات أيضاً المعلومات الواردة من الجهات الحكومية، في ردها على الاستبانات الموجهة إليها من المركز. وأوضح أن المسح الميداني وقف على واقع الغطاء النباتي ومدى تأثير الجفاف في الأشجار والنبات ونقص المسطحات الخضراء، وتأثير الجفاف سلباً في المياه الجوفية بما يؤدي إلى نقصها في شكل كبير نتيجة قلة الأمطار، وكذلك نقص الأراضي الزراعية بسبب ندرة الأمطار وتناقص المياه الجوفية بما يؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية، وهو ما ينتج منه تأثر الاقتصاد العام نتيجة تأثر الإنتاج الزراعي والحيواني والغطاء النباتي، إلى جانب الوقوف على الآثار الاجتماعية والبيئية، كهجرة المزارعين إلى المدن، وتأثر البيئة سلباً نتيجة جفاف الأشجار ونقص المسطحات الخضراء.