يبدو أن الزميل محمد السيف أراد أن يضم إلى مهنة الصحافة الصعبة مهنة أخرى أشد صعوبة وإقلاقاً منها وهي مهمة النشر والتوزيع. فبعد أن عرفنا السيف فترة غير قصيرة رئيساً للقسم الثقافي بالزميلة"الاقتصادية"، وكان مهتماً بالصوت الشبابي واستقطابه سواء في العمل الصحافي الثقافي أم في مجال العناية بالإبداع السعودي الشاب، وإثر ذلك تطالعنا الآن اهتماماته بمجال النشر والتوزيع في داره الجديدة التي ستعانقها عيون مرتادي معرض الرياض الدولي للكتاب. وسنتعرف إليه هنالك لا صحافياً متتبعاً لأخبار النشر والتوزيع. وإنما كفرس رهان في المعارض الدولية للكتاب. وقال محمد السيف:"إنها تجربة ثرية أردت أن ألج بها من بوابة الكتاب الذي عشقته، فأنا لست غريباً على الثقافة والتأليف، إذ سبق أن نشرت لي إصدارات كان من أهمها كتابي عن وزير النفط السعودي الأول عبدالله الطريقي، والذي صدر بعنوان: صخور النفط ورمال السياسة". الصحافي والكاتب الذي أصبح الآن ناشراً أيضاً اختار العاصمة اللبنانيةبيروت مقرّاً لدار النشر التي افتتحها حديثاً. وعبر عن تعليله لذلك بأنه"ليس نأياً عن وسط النشر المحلّي، ولكن لأن سوق الكتاب والنشر في لبنان مليء بالتجارب والخبرات وتشيع فيه أجواء النشر الاحترافي بصورة قلما نجد لها مثيلاً في العالم العربي". وقال السيف:"اقتحمت سوق الكتاب بدءاً بكتابين أحدهما سعودي والآخر عربي، فالسعودي هو كتاب الرواية الجماهيرية لمؤلفه سعد المحارب، الذي قدم قراءة نقدية في مرحلة ذيوع الرواية السعودية من خلال قراءته لنماذج مهمة من كتابات ما بعد الألفية الثالثة وما قبلها من أهمها على وجه الترتيب الزمني شقة الحرية وثلاثية الحمد وبنات الرياض". وأضاف:"وفي نظري أن هذا الكتاب كان لا بد لدار تريد الولوج إلى سوق الكتاب بقوّة أن تتبناه نظراً لأنه عني برصد عدد من المفارقات بين الرواية السعودية قبل الألفية وما بعدها. ومن أهم ما رصده هو سمات الرواية الجماهيرية والفروقات الجذرية في ما بين هذه الروايات الجماهيرية وما يمكن أن نستقرئه عن الأدب والمجتمع استخلاصاً من سماتها الموحدة وفروقاتها المختلفة، بوصفها ظاهرة ثقافية بدأت كصورة نخبوية وتحولت إلى قضية شعبية". أما الكتاب الآخر فهو كتاب فكري ينضم إلى عائلة الكتب الفكرية التي بدأت في التكاثر في نهاية الألفية الفائتة، وهو كتاب عربي للباحث الموريتاني المعروف السيد ولد أباه، تناول فيه إشكال"الدين والهوية"، ومن أبرز ما تناوله قضية الإسلاموفوبيا الجديدة ورهاناتها الفكرية والاستراتيجية، وسر تفشي طابعها العنصري في العالم الغربي. ويحاول فيها الباحث أن يخرج ببديل أسماه"الديبلوماسية الدينية"عن"الجدال العقائدي"في ما بين الأديان.