في برنامج «قضية رأي عام»، الذي يقدمه الزميل ياسر العمرو عبر قناة «روتانا»، عرضت الزميلة منيرة مهيزع تحقيقاً حول «قتيلة الحاير»، وهي حكاية معلمة سعودية اسمها «دليّل» قتلها زوجها غيلة، إذ باغتها وهي تهبط من سيارته آمنة فدهسها، ثم جرّها بحبل مسافة 700 متر. ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من موتها، وعلى مرأى من أشخاص شهدوا جريمته. وبعد كل هذا حكم القاضي بعد عامين ونصف على زوجها شمشون الجبار ب12 سنة سجناً، وستين جلدة. قصة دليّل هي واحدة من قصص النساء اللواتي قيّدهن غياب القوانين، وفُرض عليها العيش مع زوج عاطل من العمل يتعاطى المخدرات ويضربها ثم أخيراً يقتلها. دليّل كما وصفتها أختها امرأة قوية الشخصية وكريمة. كانت هي من يعيل الزوج والأبناء ويدفع إيجار البيت، لم تكن عوناً فقط لزوجها وعائلتها، بل ساعدت عائلة الزوج وإخوته. هذه المرأة القوية أضعفت أمام الزوج، وبسبب وجود قانون ينصفها، لأنه وكما قالت أختها (يعرف نقطة ضعفها، فكلما اختلفا أخذ أطفالها منها)، والأم لا تترك أبناءها بصحبة مدمن وعاطل من العمل... دليّل لم تستطع أن تأخذ قراراً يحميها من مصيرها الذي حملها إلى الموت. العبارات التي قالتها النساء من قريبات «دليّل» حول القضية، تبين لي إلى أي حد تُمتهن النساء في علاقاتهن، وكأنهن ملكيات شخصية لأزواجهن، وبعد ذلك يأتي حكم القضاء ليفجع أهلها، ويطالبون بحكم الشرع، فالقاضي لم ير في جريمة كاملة الأركان إلا فعلاً يستوجب سجن سنوات، وما كان القاضي نفسه سيتخذه لو أن رجلاً قام بقتل رجل. الأم تقول كل زوج وله مشاكل، والأخت تقول يحبها بجنون، وعلى الزوجة في ثقافة مثل «ثقافة الحريم» أن تفسر أن ضربها حب مجنون، وأن البقاء مع زوج يتعاطى المخدرات ويضرب وعاطل من العمل قسمة ونصيب. في التفسيرات التي جمعت ممن حولها عن سبب المشاكل بين الزوجين انزلقت كلمة تقول إن المشاكل بين الزوجين سببها راتبها. إذاً راتبها كان هو المجرم المدان في الجريمة، وبدلاً من أن يكون من حسن حظ عائلتها أنها تشغل وظيفة معلمة وتجني منها راتباً يرتق شقوق حياتها، صار راتبها سبباً لآلامها، فلماذا؟ هل لأنه كان رمزاً لتفوّقها على زوجها العاطل، أو لأن الزوج كان يريد أن يسطو عليه. النساء في القضاء حكاية لا تنتهي، فدية المرأة في العرف القضائي نصف دية الرجل والله عز وجل يقول «والنفس بالنفس». وفي قضية سابقة أخرى قتل زوج زوجته غيلة، فتنازل الأهل فدفع ديتها 60 ألفاً ثم ورثها، وأقسم بالله أن هذه ليست حكايات طريفة بل حقيقة. لكن في قضية دليّل هذه المرة لسنا أمام ثقافة مجتمع تجعل من كل «دلّيل» عبدة لرجل يفعل بها ما يشاء، بل نحن أمام قضاء جعل من كل زوج شمشوناً جباراً. [email protected] Twitter | @badryahalbeshr