لم أفهم حيثيات الحكم الصادرة بحق زوج “دلَيّل" الذي قتلها غيلة، دهساً مع سبق الإصرار والترصد، والحكم هو 12 عاماً فقط؟ هذا الحكم وبحسب اللقاءات التي شاهدتها مسجلة لأفراد من أسرتها، قد أصابهم بالقهر جراء الشعور بالظلم على دم ابنتهم. وللتوضيح لمن لا يعرف معنى القتل “غيلة" هو الذي يحدث بخدعة المقتول الذي يكون في مأمن بنفسه مع القاتل.. والحكم فيه من الناحية الشرعية هو: وجوب قتل الجاني ولا يسقط بعفو أحد، ولا يحق لأي أحد أن يتشّفع لإسقاط حكم القتل ضد الجاني. أما القتيلة “دليّل" رحمها الله.. فهي معلمة مثابرة، تعمل وتصرف على زوج عاطل، يأخذها كل صباح إلى مدرستها ويعود ليأخذها بعد الظهر إلى البيت. ما حدث في ذلك اليوم الدامي هو قيامه بمباغتتها بكل جبن وحقارة، فقام بدهسها ذهابا وإيابا عابراً بسيارته فوق جسدها ثلاث مرات، واستكمالا لتربيته لجبنه فر هارباً فلحق به أحد الرجال ممن به مروءة وقام بالقبض عليه وتسليمه للشرطة. بعد هذا ومن خلال متابعة للسياق العام لهذه القضية التي ترتكز على زوج مجرم طماع ينهب راتب زوجته، وزوجة ضحية، وأهل مكلومين. أستغرب أن يحصل الجاني على هذا الحكم المخفف بالسجن لمدة 12 عاماً، والذي لم يصدر إلا بعد معاينة وفحص القضية بكافة جوانبها ومرور عامين على حدوث الجريمة المروعة. إن مثل هذه الأحكام المخففة، تعطي شعوراً للمرأة بعدم الأمان، وتشجع المرضى ومدمني المخدرات على قتل نسائهم لأي سبب كان، أو حتى دون سبب طالما لن يحصل إلا على حكم مخفف، وقد يخرج بعد انقضاء نصف المدة، أو أقل إن شمله العفو الرمضاني السنوي! وهذه الجريمة البشعة لا أظنها تستحق حكما أقل من القتل “تعزيراً" لتتحقق الحكمة الإلهية، وهي تطهر الجاني من ذنبه، والحكمة الاجتماعية في كونها عقوبة زاجرة تنذر من يفكر بمثلها وتردعه، إضافة إلى أهميتها في إطفاء لهيب الانتقام الذي ينمو ويكبر في نفوس أهل المجني عليه، إذا شعروا بالظلم، وهذا قد يؤدي إلى تفشي “الثأر" الذي يحوّل المجتمع إلى غابة بلا نظام، لذا اختلف الباحثون والنشطاء حول عقوبة الإعدام والتي برزت في السنوات الأخيرة فعاليات حقوقية تًطالب بإلغاء هذه العقوبة، بحجة حق الإنسان في الحياة. وهذه المطالبات لم تحصل على تعاطف كبير في الأوساط الحقوقية نظراً لرؤيتها إلى هذا الحق من زاوية واحدة، أي من جهة حق الجاني في الحياة، والتغاضي عن حق المجني عليه في الحياة! ما أردته، وما أطالب به في موضوع قتيلة الغيلة “دليّل" رحمها الله، هو إعادة النظر في هذه القضية وبهذا الحكم المخفف الصادر بحق الجاني، مما تسبب في وجود احتقان لدى أسرة المجني عليها، بل ولدى كثير من فئات المجتمع بعد أن تم فتح أوراق هذه القضية وخرجت إلى الرأي العام، عبر برنامج الزميل المتميز ياسر العمرو في قناة روتانا خليجية. بل إن الشعور بالظلم لم يطل الأسرة وحدها بل هو شعور لمسته لدى كثير من النساء بما يوحي وكأن أرواحنا رخيصة! إن هذا أيضا، يفتح الأبواب أمام كل من أراد النيل من القضاء، لذا فإن المحافظة على سمعته لا تكون بإسكات الناس، بل من خلال جهاز القضاء نفسه.. والله من وراء القصد.