عيدية أبو سلمان لأهل الرياض.. كسر احتكار العقار    الحياة الفطرية في المملكة    الاستقالة فنّ لا يتقنه إلا الأذكياء    من إيريك فروم إلى الذكاء الاصطناعي    البيت الأبيض «أساء فهم» أبحاث بشأن الرسوم الجمركية    "الذكاء الاصطناعي".. فكر استراتيجي ومنظومة رقمية متكاملة    الإيرانيون متشائمون بعد توتر وعقوبات على مدى عقود    60 ألف طفل مهددون بسوء التغذية    المملكة وريادة الخير    العربي يخشى البكيرية.. أبها ينازل الزلفي.. الصفا يواجه الفيصلي    برشلونة يكتسح دورتموند برباعية ويضع قدماً في قبل نهائي دوري أبطال أوروبا    سان جيرمان يعاقب أستون فيلا بثلاثية ويقترب من الصعود لقبل نهائي «أبطال أوروبا»    صندوق النفقة    الصبر على أذى الآخرين.. سمو النفس ورفعة الأخلاق    تحت رعاية الملك.. حَرم خادم الحرمين تكرم الفائزات بجائزة الأميرة نورة    وكر الكوميديا    لماذا لا يكتب المحامي مثل الدعوجي؟    أطفالنا لا يشاهدوننا    "فن المملكة".. لغة بصرية تتجاوز الجغرافيا    حضور مميز في حفل جائزة جازان للتفوق والإبداع جازان    الحسد    حين يتصدع السقف    "جوازك إلى العالم" يحتفي بالجالية السودانية في الخبر    صم بصحة نموذج تكامل بين المجتمع والتجمعات الصحية    الغارات الأمريكية مستمرة لإسقاط الحوثيين    الصين للرئيس الأوكراني: لا مقاتلين في صفوف القوات الروسية    الكوليرا تحصد الأرواح في جنوب السودان    إسدال الستار على معرض في محبة خالد الفيصل    ضبط شخصين في جازان لترويجهما (11.7) كلجم من مادة الحشيش المخدر    أكثر من 500 إعلامي في "جولة الرياض" للجياد العربية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن    مدير تعليم الطائف يشدد على تكامل الأدوار بين المدرسة والأسرة    كأس الطائرة تنتظر الضلع الرابع    أمير منطقة ⁧‫جازان‬⁩ يستقبل سها دغريري بمناسبة فوزها بجائزة جازان‬⁩ للتفوق والإبداع    527 إنذارا لمحلات غذائية مخالفة بالقطيف    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير منطقة تبوك يستقبل المستشار للسلامة المرورية بالمنطقة    الأمير سعود بن نهار يستقبل مدير إدارة المخدرات بمحافظة الطائف    خادم الحرمين يتلقى رسالة شفوية من رئيس ليبيريا    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تحتفي بولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025    89 % نمو تراخيص مرافق الضيافة السياحية في 2024    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز التعاون العسكري    أمير المدينة المنورة يستقبل قائد قوات أمن المنشآت بالمنطقة    هواتف بلا "واتساب" في مايو المقبل    «القمر الدموي».. خسوف كلي يُشاهد من معظم القارات    توافق مصري فرنسي على رفض التهجير وتهيئة أفق سياسي لحل الدولتين    في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا 2.. التعاون يهزم الشارقة الإماراتي ويضع قدماً في النهائي    في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه دورتموند.. وباريس يخشى مفاجآت أستون فيلا    تريليون ريال أصول مدارة    جولة للتعريف بسلامة المنتجات السعودية عالمياً    جازان تودّع شيخ قبيلة النجامية بحزن عميق    أمير جازان يرأس اجتماع لجنة الدفاع المدني الرئيسية بالمنطقة    إنجاز طبي سعودي.. استئصال ورم في الجمجمة بالمنظار    تقلب المزاج.. الوراثة سبب والاتزان النفسي علاج    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    أمير منطقة تبوك يستقبل المشرف جامعة فهد بن سلطان وأمين المنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتصالات ضعيفة والطريق إليها وعرة . الصحراء وغياب الخدمات يفرضان "عزلة إجبارية" على سكان "ثاج"
نشر في الحياة يوم 25 - 05 - 2007

تعاني بلدة ثاج التابعة لمحافظة النعيرية من عزلة، فرضها عليها موقعها في وسط صحراء محافظة النعيرية، إضافة إلى ضعف شبكة الاتصالات الهاتفية في البلدة الأثرية، التي يعود تاريخها إلى نحو خمسة آلاف عام.
وتفاقمت عزلة ثاج بسبب رداءة الطرق، إضافة إلى غياب إدارات خدمية مهمة عنها، لعل أبرزها الدفاع المدني والشرطة والهلال الأحمر. وتعد مدينة الجبيل الأقرب إليها، على رغم انها تبعد عنها مسافة 95 كيلومتراً، فيما تبعد عنها النعيرية نحو مئة كيلومتر. وعلى رغم كثرة المطالبات التي رفعها الأهالي إلى الجهات الخدمية، إلا أنهم لم يتلقوا سوى وعود بتوفير تلك الخدمات، التي يراها الأهالي"ضرورية جداً".
ويستغرب سكان ثاج، البالغ عددهم 2500 شخص عدم وجود برج لتقوية شبكة الجوال إذ يبعد أقرب برج عن البلدة نحو عشرة كيلومترات، ويوجد في بلدة الصرار. وذكر أحد مسؤولي شركة"الاتصالات السعودية"للأهالي الذين راجعوها، مطالبين بإنشاء برج في بلدتهم، أن هذا البرج"يغطي مسافة 17 كيلومتراً"، لكنهم فعلياً لا يستفيدون منه، إلا حين تتحسن الأحوال الجوية، ما يعرضهم لكثير من الحرج مع المتصلين بهم، الذين لا يعلمون عن سوء الخدمة في بلدتهم. كما أن الحي الذي يسكنه جاسر القحطاني"لا توجد فيه خدمة إرسال نهائياً"، ويقترح على شركة الاتصالات"في حال كانت هناك صعوبة في إقامة برج للجوال، أن تقوم بحل جزئي، يتمثل في وضع ريشة تقوية الإرسال على أحد المباني العالية في البلدة، كبرج المياه أو برج الهاتف الثابت".
ويجد أحمد العازمي صعوبةً مزدوجةً مع ضعف خدمة الموبايل في البلدة، فعمله يتطلب أن يكون مستعداً خارج أوقات الدوام.
ويقول:"قد يتم استدعائي في أي وقت، ويطلب مني المسؤولون في العمل أن لا أغلق هاتفي، وأن أكون مستعداً لأي طارئ، ولكن لا توجد خدمة في منزلي، لذا أترك الهاتف في السيارة، وبين فترة وأخرى ألقي نظرة عليه"، مضيفاً"على رغم ذلك، لم أسلم من عتب زملائي في العمل، لتأخري في الاستجابة لاتصالاتهم".
ويعاني الأهالي أيضاً بسبب رداءة الطريق الوحيد الرابط بين البلدة والصرار، الذي شهد حوادث مرورية، نجم عنها إصابات ووفيات.
وتكثر في الطريق الحفر والتشققات. ويحمّل الأهالي وزارة النقل مسؤولية الحوادث التي تقع لهم في الطريق. وشهدت الحوادث تزايداً خلال الفترة الماضية، بعد نفاد العمر الافتراضي للطريق، وكثرة مرور الشاحنات عليه، التي تقل حمولات زائدة، إذ يفتقد الطريق لميزان ونقطة مراقبة لمنع الحمولات الزائدة للشاحنات، ما جعل غالبية الأهالي يمتنعون عن السفر على الطريق ليلاً، بسبب خطورته. كما طالبوا بإنشاء طريق بين ثاج والحناة، مُعبد بالإسفلت، بدلاً من الطريق الحالي الترابي. وتفصل بين البلدتين مسافة تُقدر بنحو عشرة كيلومترات، كما طالبوا بدمجه في الطريق الحديث، الذي ينطلق من مدينة الجبيل، ويلتقي بطريق ثاج ? الصرار، على مسافة خمسة كيلومترات شمال ثاج.
ويشير الملعبي، الذي يقطع المسافة يومياً بين ثاج والحناة، حيث مقر عمله، إلى خطورة الطريق. ويذكر"خلال الصيف ومع هبوب الرياح وتحرك الرمال، تضيع معالم الطريق، ما يسبب حوادث انقلاب المركبات، أما في الشتاء، فتكثر حوادث الانزلاق، خصوصاً بعد هطول الأمطار"، مضيفاً"تعرضت أثناء انتقالي بين البلدتين لأكثر من ثلاث حوادث انقلاب، بسبب الانزلاق"، مطالباً وزارة النقل ب"ربط الهجرتين بطريق أسفلتي، لكثرة مرور الأهالي بهذا الطريق، وبخاصة المعلمين والموظفين في الجبيل والدمام".
وتبدو حال طلاب مدارس المرحلتين المتوسطة والثانوية أصعب من بقية سكان البلدة، بسبب اضطرارهم إلى الانتقال يومياً إلى الحناة، لعدم وجود مدارس في قريتهم. ويذكر جاسر القحطاني أنهم"يودعون أسرهم يومياً، خوفاً من أن يكون آخر لقاء بينهم".
وبأسى، يتذكر مرزوق الملعبي أشخاصاً يعرفهم من بلدته، فارقوا الحياة في حوادث مرورية تعرضوا لها في الطريق بين ثاج والحناة، محملاً وزارة النقل"مسؤولية الأرواح التي أُزهقت في هذا الطريق"، مضيفاً"كل ما نأمله أن تعالج الوزارة وضع الطريق، بإجراء صيانة عاجلة له، على أن تقوم في وقت لاحق، ولكن قريب، بإنشاء طريق يحوي كل مواصفات السلامة".
ولا تقتصر نواقص ثاج على الاتصالات والطرق، فالبلدة تفتقد لإدارات خدمية أخرى، مثل مركز للدفاع المدني وآخر للشرطة وفرق إسعافية تابعة للهلال الأحمر، للتعامل مع الحالات الطارئة، ويقول مبارك الملعبي:"المسافة البعيدة التي تفصل بين ثاج والمدن التي توجد فيها الخدمات، فضلاً عن رداءة الطريق وضعف الاتصالات، يحتم وجود فروع لتلك الجهات في البلدة، للتعامل مع الحالات الطارئة، سواء التي تحدث في ثاج، أو في المنطقة في شكل عام، وبخاصة في الطريق الواصل بين المنطقة الشرقية ووادي المياه التابع لمحافظة النعيرية، الذي يتفقد لمركز دفاع مدني وهلال أحمر، على طول مسافة الطريق البالغة نحو 150 كيلومتراً، وهو يمر بمنطقة صحراوية وعرة، تكثر فيها الماشية ما يزيد من خطورة الطريق".
بدوره، ذكر رئيس مركز ثاج سيف العازمي، أن"إدارة المركز بعثت عشرات الخطابات، التي شارك المواطنون في توقيعها، مطالبةً بتوفير الخدمات الناقصة في البلدة، مثل مركز الدفاع المدني، وبرج شبكة الموبايل، وربط طريق ثاج بهجرة الحناة بطريق إسفلتي، ولكن لم يصدر حيالها أي قرار حتى الآن".
رمالها تُخفي 5 آلاف عام من الحضارات
تحتفظ رمال ثاج بكثير من الأسرار التاريخية، التي تعود إلى نحو ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد، والقليل منها تم اكتشافه من جانب موظفي شركة"أرامكو"غير السعوديين، خلال رحلات التنقيب، التي قاموا بها في المنطقة قبل عقود، وما تبعه من حفريات قام بها فريق من الإدارة العامة للآثار والمتاحف خلال خمسة مواسم، بدءاً من العام 1983، والتي كشفت عن أدوات وأوانٍ مصنوعة من الخزف والفخار والمرمر والعاج وقطع من النحاس والبرونز والحديد وبعض العملات، وهو يُعد نقطة من بحر حضارة، انطلقت قبل خمسة آلاف عام، وصولاً إلى القرن الرابع الهجري.
وتقع ثاج على بعد 300 كيلومتر شمال مدينة الدمام. ويرجع مؤرخون بناء المدينة إلى الفترة الإغريقية المعروفة بالعصر السلوقي، الذي بدأ إثر فتوحات الاسكندر المقدوني سنة 330 قبل الميلاد، وإن كان البعض يعود بها إلى ما قبل هذا التاريخ. واكتسبت ثاج أهمية بارزة في توفير الخدمات التجارية، واعتمد الاستيطان فيها على النشاط الزراعي والرعوي، وما يرد إليها من سلع من طريق تجارة القوافل. وشهدت المدينة خمس مراحل للاستيطان، منذ ما قبل التاريخ، مروراً بالفترة الأشورية والبابلية المتأخرة، والأخمينية الممتدة من سقوط الدولة البابلية الثانية، وحتى ظهور الاسكندر العام 332 قبل الميلاد. واستمر الاستيطان خلال الفترة الهلينستية، التي تُعد أغنى الفترات في المخلفات الأثرية وأهمها. واستمر الاستيطان إلى الفترة البارثية والساسانية، وكانت معروفة في بداية العصر الإسلامي، إلا أنها فقدت شهرتها بعد انتقال التجارة منها إلى هجر.
وتظهر ثاج الأثرية من أعلى مدينة متكاملة، محاطة بسور يبلغ طوله 2535 متراً، وعرضه 4.5 متر، مدعماً بأبراج، وتقع داخله وحدات معمارية، إضافة إلى عدد آخر خارج أسوارها، واكتشف فيها 15 بئراً داخل السور وسبع خارجه.
وتشغل ثاج نحو 20 كيلومتراً مربعاً، وهي تتبع محافظة النعيرية إدارياً، وتعد واحدة من نحو 400 موقع أثري في المنطقة الشرقية، يعود إلى فترات مختلفة منذ العصور الحجرية، وحتى أواخر العصر الإسلامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.