من جملة ما يميز الروائي إبراهيم الناصر تجدده وانفتاحه الدائم على تجارب الأجيال اللاحقة له، في اختلافها وتنوعها. وأيضاً إصراره على الكتابة وإصدار الروايات والمجامع القصصية، واحدة تلو الأخرى. أصدر الناصر أخيراً مجلداً بأعماله القصصية، وهو ما يعد مناسبة لحوار جديد معه، لطرح قضايا أدبية عدة. نبدأ من صدور مجلد بأعمالك القصصية الكاملة، أخيراً، هل تتوقع أن يثير أسئلة ما، حول تجربتك السردية، وحول الجدوى من صدور الأعمال الكاملة بالنسبة إلى أي كاتب؟ - في حقيقة الأمر كان نطاق توزيعه محدوداً. ومنذ مدة أرسلت نسخاً منه إلى زملائي من القصاصين والروائيين، وكذلك إلى عدد من النقاد... ولا أتوقع أن يحدث شيئاً في الوسط الثقافي في شكل عام، ومن النقاد خاصة. لسبب أن القارئ سبق أن اطلع على ما ضمه من مجاميع قصصية، لكن الغاية الأساسية من جمع إصداراتي القصصية في مجلد واحد، بالنسبة إلي أن تكون في متناول النقاد والقراء الذين يهمهم السرد في السعودية منذ بواكيره الأولى. إلى جانب ذلك، فقد أصدرتها في مجلد خوفاً عليها من الضياع والاندثار، خصوصاً أن بعض قصصها كتبت منذ أربعين عاماً، وتحكي الواقع الاجتماعي آنذاك، كما أن تلك الإصدرات القصصية، تمثل في مجموعها، مسارات القصة السعودية في صفة عامة. بعد تجربة طويلة في الكتابة، نتج عنها عشرات الكتب، هل تنتظر تكريما من مؤسسة ثقافية داخلية أو خارجية، وهل سبق أن رشحت نفسك كروائي وقاص سعودي لجائزة العويس الثقافية في الإمارات؟ - أولاً، التكريم ضروري ومهم جداً، وله تأثير في دعم الحركة الثقافية، والذي نأمله جميعاً كأدباء ومثقفين، أن يكرم المبدع في أوج حياته الصحية والعملية، وأفضل أن يتزامن ذلك مع صدور مجموعة شعرية أو رواية أو مجموعة قصصية، أو أي عمل إبداعي يكون متميزاً ومتطوراً. إضافة إلى ذلك فإن التكريم المبكر من شأنه أن يحفز جيل الشباب على الإبداع والمثابرة، لأن الحافز المعنوي والمادي يعدان من أهم الدوافع التي تثري الحركة الثقافية إجمالاً. والتكريم ظاهرة عالمية محمودة ايضاً، وهو ليس ببدعة في أي مجتمع ثقافي متحمس لتقدير المبدعين. ثانياً: أنا لا أميل إلى ترشيح نفسي لأي جائزة عربية، وسبق أن سمعت بترشيح كتاب سعوديين لجوائز أخرى، و ما أشعر به أن الشباب يحتاجون أكثر من سواهم إلى الدعم والمؤازرة. الحضور النسائي السردي كيف تقويم واقع الحركة الثقافية السعودية والسردية منها تحديداً؟ - الساحة السردية في السعودية تعيش الآن عصرها الذهبي، بدليل هذا الكم من الإصدارات المتوالية، لا أقول بأنها جميعاً تمثل المستوى الذي نطمح إليه، إنما هناك محاولات جادة، تسعى إلى ذلك الهدف ولا ازعم أنني أقرأ كل ما يصدر من روايات، إنما أحاول اختيار ما يرشح لي أو أثق بكفاءته، ويلاحظ أن الحضور النسائي السردي، له نشاط بارز في السنوات الأخيرة، وهذه خطوة هامة تحسب لمصلحة الحركة الثقافية السعودية عموماً... ولكي نكون جادين في إصدار الأحكام، ينبغي أن يقرأ كل عمل إبداعي جديد على حدة، بعيداً من الحساسيات الشخصية، لأن النجاح لنا جميعاً وللوطن أيضاً، وهنا يمكن لي أن أشير إلى بعض مشاهيرنا في السرد كرجاء عالم، عبده خال و عبدالحفيظ الشمري. في المقابل شهدت الحركة السردية النسائية، كثيراً من الإصدارات، التي ساهمت في تفعيل مشهدنا الثقافي وهي نتيجة إيجابية، تضاف بفعالية إلى نتاج بعض الشعراء والأكاديميين، الذين تحولوا إلى الكتابة السردية، أعتقد أنه أمر مبهج أن يأخذ السرد مكانة متميزة في أبجديات ثقافتنا، شأنه شأن بقية دول العالم، وفي الختام يبقى الحكم للجمهور من النقاد والقراء حول النتاج السردي. الحكم الجازم حول موهبة علوان عند صدور"سقف الكفاية"الرواية الأولى للشاب محمد حسن علوان، كان لك رأياً اعتبره البعض قاسياً ومجحفاً، الآن وبعد صدور الرواية الثانية"صوفيا"، ماذا تقول حول موهبة علوان وأصالة ما يكتب؟ - كان رأي صريحاً في رواية"سقف الكفاية"للشاب محمد علوان، وهو الشك في تدخل أيادي أخرى مع المؤلف في تشكيل ذلك النص. أما"صوفيا"، فلم أقرأها إلى الآن كي أعطي رأيي فيها، ويكون الحكم جازماً حول موهبة علوان. كيف تتعامل مع الجديد في الرواية العربية والعالمية؟ - عربياً أتابع إصدارات أحلام مستغانمي وجمال الغيطاني وسواهما من الروائيين المتميزين. أما عالمياً فأقرأ إصدارات الروائي الألماني جونتر جراس، وقد اطلعت على عمله المدهش"الطبل الصفيح"، وكذلك الأعمال الجديدة للكولومبي جابرييل ماركيز، وأتابع جديد الكتاب العالميين بقدر المستطاع، لأن المواكبة ضرورية لمعرفة المستجدات في الساحة الأدبية في العالم. كأنما النقد اتجه في الآونة الأخيرة، إلى تناول إصدارات الشباب، من الروائيين والشعراء، هل يعني أن النقاد انتهوا من الكتابة حول ما أنجزه جيل الرواد؟ - هذه أمنيتي، أن يوجه النقاد أقلامهم إلى ما يكتبه جيل الشباب، فهذا الجيل في حاجة إلى التوجيه واكتشاف أخطائه، لكي يكون نتاجه مثمراً وعطاءه متميزاً. ونحن كرواد كما يحلو للنقاد تصنيفناً، ينبغي أن نتابع الساحة في حماسة القارىء وملاحظة الناقد، من أجل إعطاء خلاصة جهودنا وتجاربنا، لتمثل دفعة قوية للشبان في حقل الرواية، فقياس الأمم بشبابها لا بكهولها... ومن جهة أخرى، سررت لحصول القاص الشاب منصور العتيق على جائزة الشارقة للقصة القصيرة، في وقت سابق، وهذا ما يؤكد وجود جيل من الشباب المتمكن، والذي يحتاج إلى الدعم المادي والمعنوي، كي يستمر في عطائه.