للقارئ السعودي حكايته مع الرواية. في زمن سابق كانت أخيلته السردية تقتات على الرواية العالمية والرواية العربية. الرواية السعودية لم تكن مطروحة لديه كخيار قرائي. قبل عدة سنوات تكاثر الإصدار الروائي السعودي.لذا كان هذا المحور عن رؤى القارئ تجاه الرواية السعودية : راضي الشمري لديه رؤية تقترب من رؤية الناقد فيقول : في البداية، دعنا نضع خطا زمنيا للرواية السعودية (الحقيقية) قراءة وكتابة بدءاً من التسعينات: كانت الرواية في المملكة جنساً جديداً غير مألوف ، وكان القارئ يتكئ على نتاج مصر والشام. في تلك الأثناء كان الروائي السعودي يعمل ويتدرب في صمت مطبق تحاشياً لإزعاج الصحوة والتي قد طغى حراكها على البلد .في ذلك الوقت، صدرت لعبده خال ( الموت يمر من هنا ) و لغازي القصيبي ( شقة الحرية ) ، كانت أعمالا جادة جداً وذات قدرة عالية خصوصاً في قوة السرد ولقيت ترحيباً غير مسبوق. مع الوقت، أصبحنا نحتفي بالرواية السعودية بشكل جعل الكل يكتب رجاء الشهرة واحتفاء الناس دون رقيب يحدد عيوب الرواية أدبياً، وذلك أدى لنتاجٍ مشوّه ركيك.رأينا الكتاب ينتقدون بعضهم البحث في المجلات والصحف والكتب نقداً نخبوياً دون أن نرى نقد القارئ العادي وهو من يمثل الشريحة الكبرى، مما جعل الكاتب يكتب في إطار ذوقي محدد سبّب ضموراً في مخيلة الكاتب سواءً خوفاً من المجتمع أو من نقد الكبار . في بداية الألفية ، ظهرت محاولتان يجب ذكرهما: (سقف الكفاية) لمحمد علوان و(القارورة ) ليوسف المحيميد. هذه الروايات أظهرت تماسكا أدبيا نتج من الاستفادة من خبرات الكتّاب السابقة واطلاع عجيب في التجارب العربية . هذين النموذجين أعادا الأمل في الرواية السعودية. تلا ذلك رواية(ساق الغراب) ليحيى امقاسم كعمل مفتاحي للجنوب و رواية (شارع العطايف) لعبدالله بن بخيت كنموذج مذهل وعظيم في السرد يستحق الإشادة. وفي هذه الأيام، مع تفشي العولمة وانتشار الشبكات الاجتماعية، أصبحنا نرى الكتاب خارج قصر الكتب والاعمدة الصحفية العاجي. يحكي تجاربه ومغامراته أثناء الكتابات ونجاحاته وإخفاقاته. استطاع الكاتب السعودي الاستفادة من شتى التجارب حول العالم في إنشاء رواية مميزة، والمبيعات في الاعوام السابقة تشهد بذلك. مؤخراً، صدرت أكثر من رواية سعودية مميزة ك (ابن طرّاق) لبدر ومحمد السماري و(المخوزق) لأشرف فقيه، وأتوقع مع الاستفادة من الخبرات المتواجدة حوله ونقد الشارع سيستطيع الروائي السعودي كتابة شيء يخلد في البال لعقود.ولذلك ، نعم سأستمر في قراءة الرواية السعودية . مدى حارث لديها رؤية سلبية عن المنجز الروائي السعودي وتتحدث عن تجربتها فتقول : قراءاتي الايجابية للتجربة السعودية لا تتعدى ثلاثية الحمد وشارع العطايف لعبدالله بن بخيت وتجارب سيئة جدًا مع الكثير من الروايات وغيرهم ومع ذلك لا يجوز التعميم والأدب شاسع والجمال نجده أينما كان وفي أي وقت لا أرى داعيا للهجر فالتجارب خجولة صحيح بسبب المحاكاة .ونحن مازلنا في أول طريق الانفتاح ومن ناحية أخرى الهوية السعودية المتنوعة والنسيج الثقافي المتعدد يستحق أن يولد منه روايات عديدة. عبدالله نايف العتيبي يرى أن الروائيين الذين لهم تجارب جيدة في البدايات تراجعوا ويضيف : نعم، هي كما أشرت ظاهرة وليست نتاجا ثقافيا حقيقيا ممكن أن يمثل الإبداع الروائي. .وقبل عدة سنوات كانت هناك طفرة روائية وكانت هناك أسماء للروائيين كتبت روايات جيدة لكن تلك الأسماء تلاشت أو تراجع مستوى الروايات التي تصدرها.واعتقد أن الروائي الحقيقي هو الذي له ديمومة إبداعية وخلق حالة خاصة لا يشبه أحدا في كتابته للرواية وشخصيا لم يعد الحافز موجودا لقراءة الرواية السعودية فالسرد ضعيف فنيا والنهايات متماثلة والمواضيع مكررة أو غير عميقة. ولو استفاد الروائي السعودي من القراءة الجادة للروائيين العالمين لربما نجحوا في كتابة رواية جيدة ومقنعة للقارئ . أما آمال عبدالله فلديها موقف سلبي من الرواية السعودية : لا احرص على قراءة الرواية السعودية فانا من هواة الأدب المغاربي والانجليزي وقراءتي للرواية السعودية بدافع الفضول .فلا أتكبد مشقة اقتناء وقراءة رواية مالم تكن أثارت ضجة وفي الغالب تكون مخيبة للآمال. فواز الروقي يرى بأن غياب النقد الجاد هو احد أسباب تراجع الرواية السعودية بالنسبة لي فإن الاهتمام بالروايات العربية والعالمية أكبر من الاهتمام بالروايات المحلية وذلك يعود لعدة أسباب منها افتقار الروايات السعودية إلى جوهر الموضوع مع ضعف الجانب السردي وافتقارها لعنصر التشويق بجانب أنه في الآونة الأخيرة يلاحظ بأن الإنتاج الروائي المحلي يسوق لها إعلاميا رغم ضعفها اللغوي والروائي. كما أن غياب النقد واتجاه النقاد إلى الإنتاج على حساب النقد ربما يكون له دور في ذلك. كما أن التركيز على القارئ السعودي بصفته كمستهلك لا كقارئ بالنسبة لدور النشر أدى إلى شهرة وزيادة التوزيع للروايات السعودية الأخيرة رغم عدم أحقيتها بذلك وهذا طبعا لا يقلل من بعض الإنتاج الأدبي الروائية حاليا. القارئة ميادة محمد تحمل رؤية سلبية تماما عن الرواية السعودية فتقول : لا اقرأ الرواية السعودية , لأنها أصبحت في الآونة الأخيرة تتخبط وتعتمد على تناول التابوهات بشكل غير مدروس لذا أفضل الروايات العربية لأنها تتناول شيئاً من ثقافتي. وتبقى الرواية المصرية والمغربية رائدة عربياً ولا مقارنه مع التجربة السعودية. منال المنيع لها رؤية مغايرة وتقول : لا تستهويني للأسف. وأسفي هنا نتيجة عدة أسباب من وجهة نظري، أعلم مسبقاً أنني لست بصدد إعطاء نقد أدبي بقدر مايهمني عرض رؤيتي حولها.. أولها أصبح نهج الروايات يرتكز على استغفال القارئ،وهدر وقته بعرض تفاصيل الشخصية الروائية التي تلامس الواقع الأقرب ، مع إيماني بأن الإنسان بطبيعته يميل لسماع حكايات الآخر وفي الأغلب شغوف بالتلصص وترقب ردود أفعال الآخر، وبالتالي القارئ يقع في فخ النص الروائي الذي يجعله يسأل بعد قراءة الرواية عن حكايات وتفاصيل الرواية، وارتباطها بواقع الكاتب أولاً ؟ أيضاً بالنسبة لي القراءة فعل اختياري، والاختيار يعتمد على التنوع، لكن عرض السرد الروائي على اختلافه ظل بنفس الأفكار وتكرارها، وحصر الرواية بمواضيع كالحب، النهايات، العادات و وهي كذلك تقترب من البعد الفلسفي الملغم بالحب والحزن وتبتعد عن المعلومة المعرفية، أو حتى الإنسانية العميقة. بالإضافة أرى أن أغلب الروايات السعودية تفتقر إلى الرمزية الميثولوجية. القاص مهدي عبده يقترب من الرأي المحايد ويقول : أحاول أن أحرص على قراءة الرواية السعودية بالانتقاء لأن في تاريخ أي أدب في العالم لابد أن يكون هناك نوع من تفاوت الجمال واللغة فالمترجمون يقومون ويختارون ويأتي دورنا في القراءة لكن في الرواية العربية والسعودية لابد أن نختار ونقيم ونقرأ أيضاً فمن النتاج الروائي السعودي السنوي لابد أن تخبئ الأغلفة لغة فاخرة وأحياناً بتساهل من بعض دور النشر تقرأ ماهو رديء. أما القاصة مها النهدي فتقترب من الرؤية الايجابية تجاه الرواية السعودية : لا أحد ينكر ان من وضع الرواية السعودية في الصدارة هي (رجاء الصانع) بغض النظر عن ركاكة اللغة والصياغة الا أنها مفصل في الرواية السعودية،لذلك فقد حرص الوطن العربي على متابعة الرواية السعودية من بعدها، وتدفق بعدها النتاج وازدهر وأصبح هناك طفرة في الأدب السعودي عموماً، مما جعلني والأغلبية حريصة جداً على قراءة الرواية السعودية و خاصة الأسماء الجديدة التي أثبتت قدرتها العالية في فن الرواية، أما عن (العتاولة) فطرحهم مذهل ودخل في قائمة البوكر أكثر من مرة ...فكيف بعد هذا لا أحرص على قراءة الرواية السعودية؟. هند الهديب ترى بأن الرواية السعودية لا تزال في طور التجريب وأن الجوائز التي نالتها بعض الروايات لا يعكس المستوى الفني للتجربة الروائية بشكل عام :لست حريصة على متابعة جديد الرواية السعودية ولا توجد في ذاكرتي أسماء جديرة بالمتابعة، كل ما قرأته منها كان بعد توصية أو بتحريض ممن أثق برأيه. وربما لأننا إلى الآن ليس لدينا روائيون مميزون لهم بصمتهم أو رؤيتهم المختلفة عن الآخرين فالرواية مازالت عندنا وليدة أو بمعنى أصح خديجة. واعتبر كل ما ظهر في مجال الرواية على الصعيد السعودي - حتى ما حصل منها على جوائز أو إطراء - مازال في طور التجريب أو محاولة إثبات الوجود والتواجد ولو على سبيل المحاولة الواحدة . سامي العلي يرى بأن القارئ أصبح أكثر نضجا في رؤيته للرواية لذا على الرواية السعودية ان تقترب من هذا النضج لدى القارئ : القلة من الروايات السعودية التي تجذبني أو احرص على قراءتها؛ ربما أن ظاهرة طفرة الإصدارات الروائية التي كانت قبل سنوات أفرزت لدى القارئ ما هو الغث والسمين من هذه الإصدارات؛ وأصبح يفرق بين الكاتب الروائي المتميز؛ وغيره ؛ سواء في اللغة الرواية؛ والبناء الروائي؛ والحبكة: والسبك؛ والتكنيك؛ خصوصا الفكرة و الأفكار التي تدور حولها الرواية وما تثيره من تساؤلات اجتماعية أو فكرية أو سياسية تخترق الممنوع: فهذه المفردات تجذب قارئ الرواية؛ وربما كان سقف الحرية المنخفض سبباً لعزوف القارئ أن يقتني الرواية السعودية ... وهناك عدة جوانب لا يسع المجال لذكرها.. بيد أن القارئ بدأ ينضج في استيعاب فن الرواية وعناصرها و تقبلها وتميزها إذا كانت جيدة أو لا ...بعيدا عن طفرتها التي حاكت المسكوت عنه؛ وجذب الناس إليها... وأنا أكثر ما يشدني في الرواية الفكرة والطرح المتناول فيها.. رجاء الصانع