استضافت خميسية حمد الجاسر الثقافية، صباح الخميس الماضي، أستاذ اللغة والنقد الأدبي في جامعة الملك سعود الدكتور محمد خير البقاعي، الذي القى محاضرة"الترجمة باعتبارها بحثاً علمياً"متخذاً من كتاب"القمر أساطير وطقوس"الذي ترجمه أخيراً من الفرنسية إلى العربية نموذجاً، استهل البقاعي محاضرته التي ادارها استاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالعزيز بن سلمة، بمقدمة تاريخية عن الأهمية الجوهرية للترجمة منذ غابر العصور حتى الآن، استعرض خلالها العصر الذهبي للترجمة في حقبة الدولة العباسية، وأيام خلافة المأمون تحديداً، إذ اضطلع فيها العرب بنقل تراث الحضارة اليونانية وشرحها وتهذيبها ولقيت دعماً ومؤازرة من الخليفة المأمون، ما جعل المكتبات المكتبات تزدان بجواهر الكتب الثمينة، ودلل المحاضر بمعاناة المترجم العربي مستلهماً معاناة"حنين بن اسحاق ت 264 الذي جابه الصعاب في سبيل ترجمة كتاب"الطب". وخلص البقاعي إلى ان الترجمة ليست عملية لغوية خالصة، وليست براعة في معرفة عبقرية لغة الانطلاق وعبقرية لغة الوصول، والقدرة على نقل هذه العبقرية من لغة إلى أخرى، انها بحسب رأيه كل ذلك إضافة إلى القدرة الثقافية، وامتلاك اسرار البحث العلمي بمنهجيته وأسسه المعروفة. وعن تجربته في الترجمة أوضح بأنها عملية شاقة زادته تبحراً في حقول المعرفة، وعمقت في نفسه التمرس البحثي الذي أوصله إلى حقيقة ان الترجمة تعد بحثاً علمياً من طراز رفيع، عكس الشائع بأنها من مستلزمات البحث العلمي. وعن الكتاب الذي ترجمه أخيراً"القمر أساطير وطقوس"أفاد بأنه كتاب اجتماعي يعود تأليفه لعام 1962، ويبحث ويحلل القمر باعتباره شعاراً ورمزاً حضارياً في مختلف الثقافات الأممية". وعن واقع الأمة في الترجمة ابان البقاعي بأنها لن تواكب الأمم وتزداد رقياً حضارياً ومعرفياً ما لم تفعل عمليتي التعريب والترجمة، باعتبارهما أساس النهوض والتواكب، ولن يتأتي ذلك اليها بقرار سياسي عربي موحد وملزم تجاه التعريب والترجمة، فالواقع العربي عقيم في مجمله وبالذات في جوانب الترجمة والتعريب، وشدد المحاضر على الأمانة العلمية والفعلية في الترجمة فهما ركيزة المترجم الذي يعتبر كائناً منفتحاً يقع على عاتقه عبء النقل والأسلوب، ودلل على معاناة سليمان البشاني الذي ترجم"إلياذة هوميروس"، وقضى فيها 20 عاماً، وتوجهت"الحياة"بسؤال إلى المحاضر عن تغيب العمل المؤسسي الممنهج في الترجمة، وما السبل للحد من الترجمات الهزيلة في المكتبات؟ وهل يؤيد مقولة ان أفضل من يترجم الأدب هو الأديب والطب هو الطبيب 00 وهكذا ؟ فقال:"ان العمل المؤسسي ينقصه الوعي بأهمية الترجمة وعدم النظر إلى مردودها الربحي السريع"ولإيقاف الترجمات الهزيلة ينبغي طرح الأفضل والأجود في المواضيع ذاتها، حينها سيجد القارئ المتعة في الترجمات الحادة.