صدر عن وزارة الثقافة المصرية كتاب"وجوه سينمائية خالدة"للدكتور أحمد شوقي عبدالفتاح، في مناسبة إهداء الدورة الأخيرة ال 34 لمهرجان القاهرة السينمائي إلى روح الفنانين الراحلين أمينة رزق ومحمود المليجي، اللذين اجتمعا معاً في مسرح"رمسيس"الذي أنشأه يوسف بك وهبي للنهوض بالحركة المسرحية المصرية، وفيما كانت رزق تقدم أدوار البطولة، كان المليجي يعمل ملقناً في الفرقة. وإذا كان وهبي أعطى الفرصة لرزق لتصبح نجمة مسرحية ثم سينمائية، فإن فاطمة رشدي هي التي اكتشفت المليجي، سواء على الخشبة أو أمام الكاميرا. وكان القاسم المشترك بين الاثنين أنهما اختارا الفن بنفسيهما وسارا في طريقه بمجهودهما الشخصي. احتوى الكتاب الذي يقع في 184 صفحة على جزأين، خصص الأول للحديث عن أمينة رزق، وجاء في ثلاثة فصول، حمل الأول عنوان:" طفولة فنية جداً"، رصد فيه مولدها في مدينة طنطا وسط دلتا مصر عام 1910 وترددها في طفولتها على السيرك في احتفالات مولد السيد البدوي، وتقديمها بعض الاسكتشات على المسرح بتشجيع من خالتها أمينة محمد التي أبدت اهتماماً مبكراً بالفن أيضاً، ولم تكن تكبر أمينة سوي بعامين. ثم انتقال الأسرة عقب وفاة الوالد إلى حي روض الفرج في القاهرة وهي في الثامنة من عمرها. ولعبت الصدفة دوراً في انضمامها وخالتها إلى فرقة"رمسيس"حيث كان صعودها الأول على الخشبة في 14 تشرين الأول أكتوبر 1924. وكانت المفاجأة في قيامها بالبطولة في مسرحية"الذبائح"بدلاً من الفنانة والصحافية الرائدة فاطمة اليوسف التي اختلفت وقتها مع وهبي، وبدأ نجمها يعلو في المسرح إلى أن أصبحت البطلة الوحيدة للفرقة وعمرها لا يتجاوز الرابعة والعشرين، وتلا ذلك التحاقها بالمسرح القومي الذي أمضت فيه أكثر من ربع قرن كواحدة من بطلاته المعدودات. وخصص الفصل الثاني لدخول أمينة رزق عالم السينما في مرحلتها الصامتة حين شاركت في فيلم"سعاد الغجرية"الذي نال وقتها هجوماً نقدياً عنيفاً ولم يستمر عرضه سوى أسبوع. وبعده شاركت في فيلم مصري خالص"أولاد الذوات"1932 ثم"الدفاع"1935 وخلال الأعوام الخمسة التالية قدمت"المجد الخالد"و?"ساعة التنفيذ"و?"الدكتور"و?"قيس وليلي"و?"قلب امراة"و?"رجل بين امراتين". أما الفصل الثالث، فخصص لنضوج السينما والممثلة خلال الفترة من 1941 وحتى 1944، وهي السنة التي انتهت فيها فرقة"رمسيس"إلى الأبد، وقدمت خلاله رزق أفلام"عاصفة على الريف"و?"أولاد الفقراء"و?"كليوباترا"و?"البؤساء"و?"الطريق المستقيم"و?"برلنتي"و?"من الجاني"و?"طاقية الاخفا"و?"ليلى في الظلام". وتحدث الفصل الرابع"الأمومة السينمائية من صورة نمطية إلى رمز"عن رزق التي تحولت بمثابرتها إلى أم لأجيال متعاقبة، بحيث تحولت أفلامها من دون قصد منها إلى سجل أمين للتحولات التي مر بها المجتمع وكيفية تعامل الأم معها، بداية من"بائعة الخبز"مروراً ب"أربع بنات وضابط"و?"دعاء الكروان"و?"نهر الحب"و?"بداية ونهاية"و?"اريد حلاًّ"و?"أمهات في المنفي"و?"التوت والنبوت"و?"الطوفان"و?"العار"و?"الانس والجن"و?"المولد"و?"الكيت كات"و?"أرض الأحلام"وغيرها. نزيف وجودي وخصص الجزء الثاني من الكتاب لمحمود المليجي، وجاء في ستة فصول، حمل الأول عنوان"النزيف الوجودي للمليجي الصغير"، تحدث فيه المؤلف شوقي عبد الفتاح عن مولده في حي المغربلين الشعبي العريق في القاهرة عام 1910 لأب مولع بالموسيقى، ما أدى إلى انتقال الحالة النفسية والمزاجية التي تصاحب وجود فرق موسيقية في المنزل إلى الطفل الذي حاول تعلم الموسيقي سواء في المنزل أو المدرسة، إلى أن اكتشف موهبة التمثيل لديه صدفة في مدرسة الخديوية الثانوية التي كانت تضم فرقة مسرحية قوية، ما كان سبباً في انضمامه إلى فرقة فاطمة رشدي، التي رشحته لاحقاً لمشاركتها بطولة فيلمها"الزواج". وفي بداية الخمسينات من القرن الماضي أسس المليجي شركة فنية سينمائية - النجم الفضي قدمت عدداً من الأفلام عبّرت عن رؤاه الفنية كمنتج، ومن أهمها"الأم القاتلة"و?"نحن بشر"و?"سجين أبو زعبل"و?"المبروك"و?"سوق السلاح"و?"أبو الليل"و?"الرعب"و?"مدينة الصمت". ولم يهتم المليجي بتحقيق التوازن بين طبيعة أدواره والبعد الإنساني لشخصياته التي يؤديها على الشاشة، لكن هذا التوازن تحقق مع مرور الزمن، وبدء مرحلة جديدة في حياته مع فيلم"الأرض"الذي جسد فيه الشخصية السينمائية الخالدة"محمد أبو سويلم". وفي الوقت الذي عرض فيه الفصل الثالث"المليجي شريراً"نماذج من أفلامه، ومنها"أمير الانتقام"و?"آمنت بالله"و?"صورة الزفاف"و?"حميدو"و?"فتوات الحسينية"و?"رصيف نمرة 5"و?"العروسة الصغيرة"و?"اسماعيل ياسين في الاسطول"و?"سوق السلاح"، عرض الفصل الرابع"المليجي طيباً"نماذج من افلام"غرام وانتقام"و?"الايمان"و?"يوم من عمري"و?"ولدي". أما الفصل الخامس"المليجي أباً"، فقدم نماذج من"اللقاء الأخير"و?"شباب اليوم"و?"الدموع الساخنة"، وخصص الفصل السادس لنماذج الأفلام التي تعاون فيها مع المخرج يوسف شاهين من خلال أفلام"الأرض"و?"حب إلى الأبد"و?"الاختيار"و?"حدوتة مصرية".