بعد حياة فنية غنية، رحلت الفنانة أمينة رزق فجر أمس الأحد عن عمر يناهز 93 عاماً، في مستشفى قصر العيني اثر إصابتها بهبوط حاد في الدورة الدموية. وكانت دخلت العناية الفائقة قبل أسابيع بعد صراع طويل مع المرض. بدأت أمينة محمد رزق المولودة في طنطا عام 1910 مسيرتها الفنية في سن مبكرة بعد أن وفدت إلى القاهرة في بداية العشرينات مع والدتها ومعهما جدتها وخالتها أمينة محمد عقب وفاة والدها في طنطا. وأقامت الأسرة الصغيرة في حي روض الفرج. وعن بدايتها الفنية تقول أمينة رزق: "دخلت عالم الفن السحري وأنا صغيرة وكان الفضل الأول في تعرفي الى هذا العالم لخالتي الفنانة الراحلة أمينة محمد التي كانت من أعضاء مسرح رمسيس الذي أنشأه يوسف بك وهبي، فقدمتني إليه وظللت أتنقل مع الأدوار البسيطة بين عامي 1924 و1926 إلى أن أتيحت الفرصة الذهبية في عالم البطولات وكانت مسرحية "الذبائح" التي كتبها الأديب انطون يزبك وكانت البطولة لثلاث شخصيات نسائية تم اختياري لأداء دور إحداهن، وكان عمري وقتها 13 عاماً وبضعة شهور، وهذا الاختيار أسعدني جداً خصوصاً أنني أقف أمام يوسف وهبي، وبعدها أصبحت واحدة من أعمدة فرقة رمسيس". واستمر وجودها على المسرح مع كل الأجيال من المخرجين وبلغ رصيدها من الأعمال نحو 500 مسرحية ومنها "تيار الملذات" و"البؤساء" و"البخيل" و"كرسي الاعتراف". وظهرت أمينة رزق في السينما الصامتة وتكلمت في أول فيلم ناطق، ففي العام 1928 اشتركت في تمثيل فيلم "سعاد الغجرية" الذي أخرجه الفرنسي جاك شوتز، وبعدها توالت الأفلام التي تجاوز عددها 150 فيلماً، ومنها أفلام "أولاد الذوات" و"الدكتور" و"غضب الوالدين" و"دعاء الكروان" و"بداية ونهاية" و"شفيقة القبطية" و"قنديل أم هاشم" و"الشيماء" و"السقا مات" و"أين عمري" و"أولاد الفقراء" و"البؤساء" و"دماء على النيل" و"الشموع السوداء" و"الإنس والجن" و"المولد" و"الكيت كات" و"أرض الأحلام". واشتهرت أمينة رزق بأداء دور الأم ولقبت ب"أم الممثلين". وإلى جانب تميزها في دور الأم المليئة بالحنان وقوة الشخصية لعبت شخصية سيدة شريرة في فيلم "عاصفة من الحب" الذي أخرجه حسين المهندس، وكان أداؤها مفاجأة للجمهور. وإذا كان تميز الفنان يتأكد من طلته حتى في مشهد واحد فإن هذا ظهر في شكل كبير عند أمينة رزق، فإلى جانب تميزها في البطولات فإن وجودها أيضاً حتى في مشهد واحد أو مشاهد قليلة كان له أثر كبير. ففي فيلم "أريد حلاً" من بطولة فاتن حمامة وإخراج سعيد مرزوق لعبت دور امرأة مطلقة لم يستغرق دقيقة واحدة ونالت عنه تقديراً كبيراً، وأيضاً في فيلم "ناصر 56" أمام أحمد زكي. وكانت الدعامة الأساسية للأعمال التي شاركت فيها في أدوارها الثانوية أيضاً، ولكن يظل أداوها لشخصية الأم من العلامات السينمائية في معظم أفلامها "مال ونساء"، "قلبي علي ولدي"، "شفيقة القبطية" و"دعاء الكروان". واستحقت أمينة رزق أن تنال لقب رائدة التمثيل لأنها ظلت تعمل نحو 79 عاماً في مجالات المسرح والتلفزيون والسينما، وقدمت مئات الشخوص الفنية وتحمل عضوية رقم 1. وهناك من أطلق عليها "راهبة الفن" لكونها فضّلت أن تعيش لفنها من دون زواج، ونالت خلال مشوارها عشرات التكريمات والجوائز من مصر والدول العربية، وكان ابرزها وسام الفنون والأداب من الزعيم جمال عبدالناصر. كما منحها الرئيس أنور السادات معاشاً أستثنائياً، أما الرئيس حسني مبارك فاختارها في العام 1991 عضواً في مجلس الشورى لتكون أول فنانة تدخل مجلس الشورى.