لم يغادر رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" وليد جنبلاط، لبنان إلى الدوحة للمشاركة في الحوار، قبل أن يزور القرى التي شهدت اشتباكات عنيفة سقط خلالها شهداء، خصوصاً الشويفات وبيصور وعاليه، مهدئاً جمهوره ومخاطباً إياه بالقول:"نرفض إقامة خطوط تماس في الجبل، نحن ذاهبون إلى الحوار والجيش وحده يحمينا". وقام جنبلاط منذ الصباح بجولة تحت عنوان"تهنئة وتهدئة"في منطقة عاليه، بدأها من خلدة حيث التقى رئيس"الحزب الديموقراطي اللبناني"الوزير السابق طلال إرسلان. وقال جنبلاط بعد اللقاء:"نؤكد سوياً على العيش المشترك مع إخواننا من الطائفة الشيعية الكريمة وغيرهم". وأمل ب?"أن تُحل النزاعات، كما ورد في بيان اللجنة، بطرق الحوار، والسلاح لا يفيد ولا يعطي أي نتيجة". وزاد:"سنستكمل بعد العودة من الدوحة اللقاءات مع الأمير طلال ارسلان، فهذا بيتنا والمختارة بيته". وعن الاتصال الذي جرى بينه وبين المسؤول في"حزب الله"وفيق صفا، قال جنبلاط:"جرى اتصال محض أمني مع السيد وفيق صفا لاستيضاح شيء معين وعلينا أيضاً من أجل وضع الأمور في نصابها ألاّ ننسى الدور الإيجابي والفعال الذي قمنا به نحن وإرسلان والرئيس نبيه بري في ما يتعلق بتسوية النزاع على الأرض". أما إرسلان فقال:"مرت غيمة سوداء على هذا الجبل وأشكر لجنبلاط كل تعاون أبداه بالتفويض الذي منحني إياه وأتمنى أن أكون منعت هذا الشبح الأسود الذي أتى إلى الجبل بحكمة السيد نصرالله وجنبلاط اللذين منحاني ثقتهما للعب هذا الدور لمصلحة الجميع ومصلحة الجبل". أضاف:"كما أكد جنبلاط، الجبل سيحضن هذه المقاومة ولا خوف من أن يكون فيه أحد يطعن المقاومة في الظهر، اليوم لقاؤنا كان قصيراً ولكن سنقوم بدورنا بحفظ كرامة الجبل". ثم انتقل جنبلاط إلى الشويفات حيث كانت له محطة رئيسة في منزل رئيس بلدية المدينة هيثم الجردي الذي تعرض منزله للقصف. فاستقبله مئات من أبناء المدينة على وقع الزغاريد ونثر الرز. وألقى جنبلاط كلمة في المحتشدين، رفض خلالها"إقامة خطوط تماس بين القرى والمناطق"، مؤكداً"أننا ذاهبون إلى الحوار، وإذا كان لا بد من تنازلات من الجميع فلا بأس". ورأى أن"لا تناقض بين مشروعي الدولة والمقاومة"، معتبراً أن"ما جرى كان غيمة صيف". وأقيم لجنبلاط في طريقه إلى بيصور عدد من الاستقبالات خصوصاً في عين عنوب وعيتات، ودعا هناك إلى"الهدوء والتروي"، مشدداً على"العيش المشترك بين كل شرائح المجتمع". وفي بيصور أقيم له احتفال حاشد في باحة المركز الاجتماعي في البلدة في حضور شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، ووزير الإعلام غازي العريضي، ورئيس البلدية امين ملاعب ورؤساء بلديات غرب عاليه، وحشد من الأهالي. واستهل جنبلاط كلامه بنقد ذاتي قائلاً:"كان أفضل بالشكل وبالمضمون، أن يكون العلم اللبناني الأكبر والعلم الحزبي بتصرفه، كان أفضل. وفي الوقت نفسه أقول اليوم افضل طريقة للدفاع هي الحوار، وتأكيد العيش المشترك مع كيفون والقماطية والضاحية، لأن الخلاف السياسي لا يعالج بالسلاح"، مذكراً بأن"بيصور أم الشهداء، كانت المعبر إلى بيروت، والمعبر إلى الجنوب لتحرير بيروت وتحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي". وأضاف:"ما جرى في هذه الأيام الصعبة سنعتبره غيمة صيف، سحابة صيف ونقولها، كما قلتها في الشويفات، حتى ولو جار علينا الجار نحميه ولا نجاوبه إلا بالحسنى والحوار". وأضاف جنبلاط:"ذاهبون إلى الحوار وجرح كبير، الجرح السياسي، لكن تذكروا كلنا كنا في مسيرة المقاومة الوطنية. والمقاومة من اجل البقاء. وكلنا ساهمنا في تحرير بيروت من الاحتلال الإسرائيلي، تذكروا بيروت الجريحة، تذكروا بيروت الصامتة، تذكروا بيروت التي مرت عليها محنة كبيرة، تذكروا بيروت رفيق الحريري، تذكروا بيروت سعد الحريري، تذكروا بيروت ثورة الأرز، ولا تناقض ولن يكون هناك تناقض على رغم العقبات بين حركة الاستقلال للوصول إلى بلد سيد حر، إلى حصرية السلاح بإمرة الدولة في يوم ما وجعل لبنان دولة قوية مقاومة". وتابع:"لا تناقض أبداً بين المشروع المقاوم وبين الدولة القوية، الأمور الأخرى تعالج بالحوار". وزاد:"سرنا في إزالة الفتيل مع كل الفاعليات وفي طليعتهم الأمير طلال ارسلان والحزب الديموقراطي، سرنا في إزالة الحساسيات، ولا بد لي من ان اذكر المساهمة الكبيرة التي قدمها الرئيس نبيه بري في اتصالاته مع الفريق الآخر، لم نتخل عن قناعتنا وغير مطلوب أن يتخلوا عن قناعاتهم، فلنعالج الأمور بهدوء وبترو على طاولة الحوار، المطلوب منا ومنهم ان نقدم تنازلات من اجل وأد الفتنة والاستمرار في هذه المسيرة، مسيرة العيش المشترك". وقال جنبلاط:"هذا الجبل مرت عليه تلك السحابة، سنبقى وإياكم يا أهل بيصور، يا أهل كيفون، يا أهل القماطية، يا أهل الضاحية، سنبقى جسماً واحداً كل له رأيه السياسي، لكن سنبقي العيش المشترك الذي أردناه وأراده مشايخنا العقلاء، وأراده أحد المناضلين الكبار من أهل بيصور الرفيق غازي العريضي". وألقى الشيخ حسن كلمة شدد فيها على"العيش المشترك مع كل الشرائح من أجل بناء المستقبل على أسس وطنية جامعة". بعد ذلك تفقد جنبلاط منزل العريضي في بيصور الذي تعرض للقصف. وقال:"نحن في بيت الرفيق غازي، بيت المقاوم والمناضل العسكري. وأهم من المقاومة العسكرية المقاومة بالكلمة، وأياً تكن القذائف او القنابل، الكلمة ستبقى أقوى. الكلمة المحقة والمقاومة ستبقى أقوى بكثير". وأضاف:"لسنا خائفين من الحوار، من أجل تثبيت، في يوم ما إن شاء الله، أن تكون فقط الدولة هي لديها حصرية السلاح، وحمل السلاح، وأحيي في هذه المناسبة، وأؤكد مجدداً دور الجيش اللبناني والقوى الأمنية على رغم الصعوبات الهائلة، لكن ليس لدينا حماية إلا الجيش، جميعنا يجب أن نلتف حول الجيش وقوى الأمن، جميعنا بغض النظر عن الاختلافات السياسية، والطريق طويل". ورد العريضي بكلمة شكر فيها لجنبلاط والمشايخ وكل شاب ل"حمايتهم البلد من الفتنة"، مشدداً على ضرورة"الاحتكام إلى الكلمة لأن لنا وطناً واحداً ويجب أن يكون لنا مستقبل واحد نعمل جميعاً من اجل بنائه". ثم انتقل إلى عاليه حيث استقبل بمهرجان شعبي أيضاً بمشاركة النائب أكرم شهيب ورئيس بلدية عاليه وجدي مراد. وتحدث جنبلاط مكرراً مواقفه وعدم خشيته من الحوار وضرورة تقديم"تنازلات لمصلحة الوطن إلى أن تعالج الدول العربية الأمور ضمن ظروف مؤاتية لإنضاج الحل".