سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بري ل "الحياة": ليس انقلاباً ولا انتصاراً ... والمطلوب العودة الى الحوار جنبلاط ل "الحياة": لن أترك أهلي ينتحرون ... هل المطلوب خروجنا من لبنان ؟ . عملية "كسر التوازن" تسيطر على الجبل بعد بيروت
سجلت عملية "كسر التوازن" التي اطلقتها المعارضة اللبنانية بقيادة "حزب الله" اختراقاً كبيراً امس بنجاحها في السيطرة على الجبل بعد سيطرتها على بيروت، ما أوحى بأن لبنان في طريقه الى مشهد سياسي جديد بكل ما يعنيه ذلك داخلياً وإقليمياً ودوليا. وفيما اجتمع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في محاولة لوقف التدهور في لبنان، كان التساؤل في بيروت عن الهدف المقبل لعملية"كسر التوازن"واحتمال انتقالها الى مناطق اخرى، خصوصاً المنطقة المسيحية التي يقيم فيها رئيس حزب"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع، وما اذا كان العماد ميشال عون سيلعب دوراً فيها. وخطفت الحرب التي دهمت أمس لساعات قرى قضاء عاليه وبلداته في جبل لبنان، الأنظار عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة، والذي عُقد للنظر في التأزم السياسي في لبنان والذي بلغ ذروته الأمنية والعسكرية في الأيام الأخيرة، بعدما بدأ في بيروت وامتد الى مناطق في البقاع والشمال، تحديداً في عكار وطرابلس، ثم الى جبل لبنان... من دون التأكد مما اذا كان التصعيد سيتوقف عند هذه الحدود ام سيتوسع باتجاه مناطق أخرى توضع كلها في عهدة الجيش اللبناني، على غرار ما حصل في بيروت وأقضية الشوف وعاليه والمتن الأعلى في بعبدا راجع ص 6 و7 و8. لكن الحرب التي انتقلت من بيروت الى قضاء عاليه، دامت ساعات وأوقفها القرار الذي اتخذه رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط، وفاجأ به الجميع. إذ قضى، بعد التشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بأن يتولى الوزير السابق طلال أرسلان بواسطة اتصالاته، وقف النزف والدمار الذي يلحق بالجميع. وفي كلمة وجّهها الى أبناء الجبل تمنى جنبلاط على أرسلان ان ينسق مع الجميع، وأن يكون الجبل في عهدة الجيش اللبناني، وهذا ما تبلغه قائده العماد ميشال سليمان من جنبلاط الذي كان طوال الأيام الأخيرة ومنذ صباح أمس خصوصاً يتشاور باستمرار مع بري وأرسلان اللذين تشاورا مع الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله، إضافة الى قيادة الجيش. لكن قرار جنبلاط تفويض أرسلان إجراء اتصالات لوضع الجبل في عهدة الجيش اللبناني، لم ينفذ فوراً وبقيت منطقة عاليه تتعرض لقصف مدفعي كثيف، ما استدعى اتصال وزير الإعلام غازي العريضي قصِف منزله في بيصور أثناء وجود عائلته فيه لكنها لم تصب بأذى مرات بالعماد سليمان وأرسلان، فيما كان جنبلاط يشدد من خلال النائب أكرم شهيب الموجود في منزله في عاليه، على ضرورة التزام الهدوء وعدم الرد إفساحاً في المجال أمام انتشار الجيش الذي بدأت وحداته تستعد للتمركز في المنطقة. كما ان جنبلاط كان يشدد في اتصالاته بكوادر الحزب التقدمي الاشتراكي ووجهاء الطائفة الدرزية، على التزام قراره تسليم الجيش المنطقة لأنه يريد تجنيها حرباً مدمرة، وأن لا خيار سوى ضبط النفس وممارسة أقصى درجات اليقظة، والتعامل بإيجابية مع وحدات الجيش التي كانت تستعد للانتشار في المنطقة. وجاء انتشار الجيش في الجبل بعد أقل من 24 ساعة على قرار قوى 14 آذار، ومن خلالها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وضع بيروت في عهدة الجيش، وتجاوب المعارضة مع إلغاء المظاهر المسلحة الذي لم ينفذ بالكامل في عدد من شوارع العاصمة وأحيائها، خصوصاً في الروشة ورأس بيروت، وهذا ما استنفر بري طوال نهار أمس في مطالبته حلفائه بضرورة الالتزام بالقرار، مع ان المعارضة أبقت العصيان المدني في بيروت، من دون ان توضح ما المقصود به. وسألت مصادر في الأكثرية هل سيبقى قائماً الى حين بدء الحوار، ومن ثم انتظار النتائج التي ستصدر عنه في شأن تشكيل حكومة وحدة وطنية وقانون انتخاب جديد. وبينما لم يصدر أي رد فعل عن"حزب الله"إزاء التطورات العسكرية التي تسارعت منذ صباح أمس في عاليه، واكتفى"تلفزيون المنار"التابع له في التركيز على ان المعارك تدور بين"أنصار المعارضة وميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي"، فإن أوساطاً مقربة من قيادة الأخير اتهمت"حزب الله"بشن الحرب على منطقة عاليه مؤكدة أنها"كانت من جانب واحد"، وأن الرد الاشتراكي بقي محدوداً جداً، وسرعان ما توقف بناء لتعليمات رئيس"الاشتراكي"وليد جنبلاط. وأوضحت مصادر قيادية في الأكثرية أنها لا تعرف الحدود التي ستبلغها العمليات العسكرية، وسألت:"هل الضغط على الجبل هو لتوجيه رسالة سياسية الى الحكومة وقوى 14 آذار بضرورة عودتها عن القرارين المتعلقين بشبكة الاتصالات السلكية التي أنشأها"حزب الله"وبإعفاء قائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير من مهامه، علماً أنها ماضية في العودة عنهما إنما فور تأمين النصاب لعقد جلسة لمجلس الوزراء، رجحت حصولها في غضون ساعات، أما ان هناك رسالة سياسية أخرى ما زالت معالمها غير واضحة". وتابعت ان"الحكومة على وشك اتخاذ قرارها الرامي الى العودة عن القرارين، استجابة للرسالة التي وردتها بهذا الخصوص من العماد سليمان، ولكن لا نعرف هل الأمر يتعدى الاستجابة لمضمونها الى المطالبة باستقالة الحكومة كما أخذت تروّج أوساط على صلة وثيقة بأطراف رئيسة في المعارضة بخلاف موقف بري الذي لم ينقل عنه زواره أي طلب جديد يتعلق بمصير الحكومة. لذلك، فإن تصعيد الوضع العسكري الذي انتقل فجأة من بيروت الى منطقة عاليه، وإنما بسابق إنذار انطلاقاً من المناوشات التي دارت فيها بين"حزب الله"و"التقدمي الاشتراكي"، طغى امس على الوضع السياسي، فيما جرت محاولات جدية لإعادة التواصل بين بري ورئيس كتلة"المستقبل"النائب سعد الحريري. وفي هذا السياق، كان ل"الحياة"لقاء مع جنبلاط في منزله في كليمنصو في بيروت الذي يفرض عليه الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي طوقاً أمنياً. بدأ جنبلاط حديثه بالسؤال عما حصل في منطقة عاليه، وما إذا كان من خيار آخر. وقال:"عندما بدأت المناوشات في تلة 888 التي تربط بين قرى بيصور وكيفون وسوق الغرب، وافقت فوراً على ان توضع في عهدة الجيش، وحاولت منذ أول من أمس، العمل من اجل إعادة الهدوء الى المنطقة، لكن الجواب على الذي حصل ليس عندي. وأضاف:"صحيح حصل تشويه في جثتين لشابين من حزب الله, وأنا أول من سلّمت الأمر الى الجيش وقلت فلنتحمل مسؤوليته أمام القضاء اللبناني، وعاد الحزب وقال ان هناك جثة ثالثة، وتحركنا فوراً لكننا لم نعثر عليها". وتابع جنبلاط:"منذ يومين حتى صباح أمس كنت على اتصال بالرئيس بري، وسعيت معه الى الإفراج عن أربعة شبان من عاليه موجودين لدى حزب الله، وقلت له لا بد من إطلاقهم لقطع الطريق على حدوث رد فعل، واعتبرني أنا وليد جنبلاط رهينة عندك في بيروت، حتى نتمكن من تحديد مكانهم وإطلاقهم، ولكن فجأة بدأ القصف على القرى والبلدات". وسئل هل بدأ القصف فوراً فأجاب:"نعم، هذه هي رسالة الرئيس السوري بشار الأسد الى الرئيس رفيق الحريري ووليد جنبلاط، وفيها ندمّر البلد على رأسيكما، ونحرق الجبل"، واستدرك:"أمام ما يحصل الآن في الجبل، خصوصاً بعد الذي أصاب بيروت رفيق الحريري، كان عليّ ان أختار بين مصلحتي الخاصة والشخصية وأهل البلد عموماً والجبل خصوصاً، فاخترت من دون تردد ان أكون الى جانب أهلي وإخوتي بكل طوائفهم"، وزاد:"لست في وارد أن أحرق البلد أو الجبل، ويقول الناس ان جنبلاط هو السبب في إحراقه، حتى لو كنت في موقع الدفاع عن النفس". وأشار الى ان الحزب التقدمي"سارع الى تقدير الوضع على الأرض، ورأينا ان في مقدورنا الدخول في مواجهة ولكن الى متى، إذ ان قدراتنا محدودة بخلاف القوة العسكرية لحزب الله". ولفت جنبلاط الى أنه اختار"تجنيب المنطقة الدمار، تماماً كما فعل النائب الحريري في بيروت، وقال:"قطعنا الطريق على مواجهة مدمرة للجميع، الرابح فيها سيكون خاسراً حتماً، والخيار الذي اتخذناه ينطلق من الحفاظ على فسحة من الأمل لمنع ضرب التعايش الدرزي ? الشيعي أو الإحاطة به، لذلك كان لا بد من هذا القرار، لأن لا خيار آخر، وإن كان ليس سهلاً عليّ اتخاذه". وقال:"تذكرت كلام بشار الأسد، عندما بدأ القصف على بيصور وعيتات وعاليه والشويفات". وقيل لجنبلاط:"ماذا طلبت من الرئيس بري عندما وافقت على تفويض الأمير طلال أرسلان، فأجاب:"لم أقل شيئاً سوى ان بشار يريد ان يعطيها لطلال أرسلان، وكلام السيد نصر الله كان واضحاً، لأني لا أريد ان أترك أهل الجبل ينتحرون، والآن سنرى ماذا ستكون النتائج وهل نتوقع حصول الأسوأ، بعد الذي حصل مع سعد الحريري في بيروت، ومن ثم معي في الجبل، أنا أعرف هذا الشيء". وعن توقعاته بعد وضع الجبل في عهدة الجيش، قال ان"العنوان الرسمي للرئيس بري هو في عودة الحكومة عن القرارات, وغداً اليوم سيحصل ذلك وسترجع عنها". وأضاف:"أنا مع الحوار وكان الرئيس بري حدد استئنافه على أساس بندين، تشكيل حكومة جديدة وقانون الانتخاب. لكنني أرى من الضرورة الانتظار لبعض الوقت لنرى اذا كانت للبعض في المعارضة شروط أخرى، وربما بعد الذي حصل سيتصرف هذا الفريق بأنه هزمك وسيطلب تشكيل حكومة موقتة، أي لن يقبل بعودة الأكثرية على رأس الحكومة" وأيّد جنبلاط التوصل الى"قانون انتخاب من شأنه ان يريح الأكثرية كما المعارضة"، وأشار الى ان"هناك من يريد الوصول في القانون الى إلغاء كل القرارات التي اتخذتها الحكومة، لا سيما تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية". وتابع:"انهم يريدون قانوناً انتخابياً يتيح لهم الوصول بأكثرية لإلغاء كل القرارات، من خلال تسلمهم للسلطة". ولفت الى ان"العنوان الرسمي للحوار معروف وموجود، هذا في الظاهر أي في الوجه الأول من الرسالة، وعلينا الآن الانتظار لمعرفة الوجه الآخر منها، بعد الذي حصل في الجبل، مع انهم يكتفون الآن بالمطالبة بإلغاء قرارات الحكومة". ولم يستبعد جنبلاط"ان تكون لدى فريق في المعارضة أجندة أخرى، أي جدول أعمال خاص به، ونحن سنذهب معهم لنكتشف حقيقة ما يريدون، وللتأكد مما اذا كان التذرع بإلغاء القرارات ما هو إلا مناورة، ام انهم يريدون ذلك فعلاً للذهاب الى الحوار. نحن مع الحوار بعدما جنّبنا بيروت والجبل الحرب والدمار. في السابق طلبوا تجميد القرارات، أما اليوم فيلحّون على إلغائها، وإذا كان هذا هو المطلوب فلا مانع وسترون غداً اليوم ما ستقرره الحكومة". وشدد على ان"المشكلة ليست أمنية إنما في القرار السوري في منعنا من ان نحكم، واليوم سيقول لنا إذا كانت لديكم القدرة على الحكم فاحكموا، وجماعتنا باقية في الجبل، هل تتحملوا هذا؟ لا أعرف ماذا سيطلبون غداً". وقيل لجنبلاط بماذا تخاطب المحازبين وأهل الجبل، فأجاب:"أقول لهم ان المرحلة صعبة، وكنا صمدنا أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان واليوم أقول لهم اصمدوا ونحن ما زلنا متمسكين بالثوابت والأساسيات، ونحن أمام نضال طويل وطويل، ومن اجل دولة القرار المستقل وسيادة وطنية وجيش موحد، واستيعاب المقاومة وعلاقات طبيعية بين لبنان وسورية، ولكن أخشى ان نكون عدنا الى الصفر. وعلى كل حال، لا أريد تعريض جماعتي للانتحار، وكان سعد الحريري بدأها في بيروت وأنا أكملتها في الجبل". وسئل جنبلاط: هل هناك حل للأزمة، فأجاب:"لا أدري وهل مطلوب منا الخروج من البلد، وإنما ليس الآن، إنما بعد وقت، لا أدري، ولا أعرف إذا كان الأمر سيبقى محصوراً في السياسة أم أن هناك مطالب أخرى... لا أعرف أكانت"أمنية"أو غير ذلك. هم اختاروا الظرف الإقليمي المناسب، وقبل مجيء الرئيس جورج بوش الى المنطقة، فاستلموا بيروت والجبل، ولا أدري بعدها اين سيصلون، بعد البقاع والجنوب. استكملوا سيطرتهم أمنياً وعسكرياً. والآن ماذا يريدون"؟ وسأل جنبلاط:"هل يريد ترجمتها بالسياسة أي في الانتخابات ليوصل البلد الى معادلة، وفيها انه لن يقبل استمرار 14 آذار ولا حكومة السنيورة، أنه ألغى آخر مفاعيل الانتخابات النيابية في صيف 2005 بعدما منع الحكومة من القيام بأي شيء". وقال:"على رغم الغيمة السوداء التي تخيم على البلد، لا مهرب إلا في العيش مع الشيعي اللبناني ومع وصية الإمام الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ومن قبلها وصية الإمام السيد موسى الصدر. نعم انها غيمة كبيرة أتمنى ان نتجاوزها وعليهم ان يفهموا المعادلة وألا يغتر الغوغائيون بالانتصار". أما بري فأكد ل"الحياة"انها"ليست معركة لانتصار طرف على طرف، بالتالي ما هي إلا رد فعل على خطأ سياسي فادح ارتكبته حكومة السنيورة البتراء، لذلك ما كان مطلوباً قبل شهور مطلوب الآن، أي في العودة الى طاولة الحوار، من دون زيادة أو نقصان، وهذا ليس انقلاباً ولا ضربة شمس". وكان أرسلان أكد في مؤتمره الصحافي أهمية الحفاظ على العيش المشترك وأن ليست في الجبل"أي طعنة للمقاومة". وشدد على التزام أنصار المعارضة قرار وقف النار والتعاون مع الجيش، وقال ان جنبلاط فوّض إليه في بعض الأمور الأمنية التي تتعلق بالمراكز المسلحة ومخازن الأسلحة و"أنا وزملائي في المعارضة وافقنا على تسليمها للجيش". وأشار الى ان الاتفاق على تفويضه"حظي بموافقة جميع الأخوان في المعارضة، تحديداً في حزب الله". وعلى رغم ان"حزب الله"لم يعلّق على ما حصل في الجبل، اعتبر تلفزيون"المنار"التابع له أن ما حصل هو سقوط للرئيس الفعلي للحكومة وليد جنبلاط الذي استنجد بالأمير طلال أرسلان، وهو ايضاً سقوط لأوهام الاعتماد على الخارج، وسقوط للمشروع الأميركي وللفتنة في لبنان". وأشار"المنار"الى تواتر أنباء عن احتمال تقديم السنيورة استقالته، وأفاد بأن المعارضة تقول ان"لكل لحظة ظروفها، وأنه يُبنى على الشيء مقتضاه ولا يُلدغ مؤمن من جحر مرتين". ونفت مصادر وزارية لبنانية مساء أمس وجود أي نية لاستقالة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. ومساء أفاد موقع"النشرة"الإلكتروني بأن النائب أكرم شهيب قتل في اشتباكات الجبل، لكنه ما لبث أن أطل عبر شاشات التلفزة لعرض تطورات أمس. ونفت مصادر"التقدمي الاشتراكي"ما أشاعته وسائل إعلام معارضة عن اشتباك بين عناصر من الحزب وعناصر من الجيش. على صعيد آخر، وعلى رغم قرار وقف الملاحة الجوية في مطار رفيق الحريري، هبطت في المطار مساء أمس طائرة تبيّن أنها أقلّت مجموعة من رجال الأعمال اللبنانيين من الخارج. وتردد ان بينهم وزير الأشغال العامة محمد الصفدي الذي كان موجوداً في الخارج، والتقى ليلاً الحريري في بيروت.