سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ذروة التعبئة عشية 14 شباط والمعارضة تعتبر تصعيد زعيم الاشتراكي "تجاوزاً لكل الحدود" . لبنان : الحريري يشدد على درء الفتنة وجنبلاط يحذر من "إرهاب في الجبل"
واصلت قيادات رئيسة في قوى "14 آذار" حملات التعبئة وحشد المؤيدين للمشاركة في المهرجان الذي تقيمه الخميس المقبل في ساحة الشهداء في الوسط التجاري لبيروت، لمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، فيما أخذت تتراجع الآمال المعقودة على الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لإنجاح المبادرة العربية من أجل تسوية الأزمة في لبنان، على رغم انه سيعود في 24 الجاري الى بيروت أي قبل يومين من موعد الجلسة التي حددها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. راجع ص 6 و7 وبلغت حملات الاستنفار ذروتها مع انتقال رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري ليل الجمعة الماضي الى طرابلس وعقده لقاءات مع فاعلياتها السياسية والروحية والنقابية، وممثلي العائلات في الشمال الذين توافدوا بأعداد كبيرة من كل مناطق الشمال الى مقر إقامته في فندق"كواليتي إن". وطغى على مواقف الحريري"الهجوم السلمي"في حضه أبناء الشمال على التوجه الى بيروت في محاولة جدية لاستيعاب أجواء الاحتقان السياسي والأمني المسيطر على البلد نتيجة استمرار الفراغ في سدة الرئاسة الأولى والتي يمكن ان تؤثر في حجم المشاركة الشعبية في مهرجان ساحة الشهداء في ظل مخاوف على الوضع الأمني واحتمال تعريضه الى انتكاسة تحت وطأة الإشكالات الأمنية المتنقلة التي تشهدها العاصمة وبعض المناطق بين محازبين ينتمون الى الأكثرية وآخرين الى المعارضة بزعامة"حزب الله". ومع ان الحريري نجح في كسر الحاجز النفسي الذي يمكن ان يؤثر في حجم المشاركة في الذكرى الثالثة لاستشهاد والده، فإن رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط أطلق أمس مواقف سياسية لافتة، جاءت على هامش عقد الجمعية العمومية للحزب التقدمي الاشتراكي لانتخاب مجلس قيادة جديد له. وفي هذا السياق قالت مصادر قيادية في الأكثرية ل"الحياة"أنها تراهن على تحقيق مشاركة شعبية مميزة في الذكرى لتمرير رسالة الى الداخل أي المعارضة ومن خلالها الى سورية وبعض القوى الخارجية بأن قوى 14 آذار على جاهزيتها لمواجهة التداعيات السياسية والأمنية المترتبة على الفراغ في الرئاسة الأولى وأن جماهيرها لن تتخلى عنها بخلاف ما يدعيه بعض الأوساط في المعارضة ان ميزان القوى اخذ يميل لمصلحتها. وإذ اعتبرت مصادر قيادية في المعارضة بأن المواقف التي أعلنها الحريري من طرابلس جاءت هادئة وأقل حدة من مواقفه في مؤتمره الصحافي الذي عقده الخميس الماضي في بيروت لأن ما يهمه تأمين أكبر حشد شعبي في ذكرى استشهاد والده، لفتت في المقابل الى ان مواقف جنبلاط سجلت خروجاً على المألوف، معتبرة أنه"تجاوز كل الحدود، كأنه أراد ان يميز نفسه عن حليفه الحريري". لكن المصادر القيادية في الأكثرية قالت ان لكل من الحريري وجنبلاط طريقته في التعبير وفي إطلاق المواقف وأن الحديث عن وجود تباين بينهما في المواقف ما هو إلا"محاولة مكشوفة للإيحاء بأن قوى 14 آذار تعاني أزمة ثقة ومن مشكلة عدم انسجام سياسي، على رغم ان قيادات في المعارضة أخذت تشكو في ضوء اللقاءات التي عقدها موسى في بيروت وآخرها رعايته للقاء الذي ضم الحريري وحليفه الرئيس أمين الجميل ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون من ان الأخير تجاوز التفويض الذي أعطته إياه المعارضة عندما طرح شروطاً من خارج التفاهم بين أركانها، تمثلت في الاتفاق على اسم رئيس الحكومة الجديد وعلى توزيع الحقائب". وبالعودة الى المواقف التي أطلقها الحريري من طرابلس، فهو أكد انه لم يصعد في مواقفه السياسية عندما دعا الى المشاركة في ذكرى استشهاد والده،"لكنني قلت ان لبنان يتعرض منذ ثلاث سنوات لمشروع إرهابي تعطيلي وأن هناك محوراً ايرانياً - سورياً نعاني منه ونعاني من محاولة وضع لبنان تحت وصايته". وأضاف:"قلنا إذا اعتقد أحد بأننا سنبقى ساكتين وأن هذا الشارع يخيفنا فإننا لا نخاف سوى من الله سبحانه وتعالى، ونحن لا نريد المواجهة ولكن إذا فُرضت علينا فنحن بالتأكيد لها". وسأل الحريري في مقابلة مع محطة"أخبار المستقبل":"هل المطلوب ان نجلس مكتوفي الأيدي ونحن بالتأكيد لا نريد المواجهة، وكنا مددنا يدنا مرة واثنتين وعشر مرات وسنبقي يدنا ممدودة للنهوض بهذا البلد". ورداً على سؤال قال الحريري:"سننزل الى الشارع لنقول كفى، ولا أشك في ان المعارضة لا تريد المواجهة وكذلك نحن، ولكن إذا فُرضت علينا ولجأوا الى المواجهة، فإن المستفيد سيكون إسرائيل والنظام السوري، فهل نريد ان نكون أداة للمشروع الإسرائيلي - السوري؟ أنا لا أعتقد بأن المعارضة تريد ان تكون كذلك".واستدرك:"ثبت ان المواجهة في الشارع مدمرة للبنان، ونحن لا نطلبها ولكن قلنا لهم إذا أرادوا ان يجروا البلد الى مواجهة فلن نقف مكتوفي الأيدي". وذكر ان"المعارضة وإن كانت مسلحة فهذه نقطة ضعفها، فهل ستوجه سلاحها الى الداخل؟" وأشار الى ان الأكثرية ضد الاحتقان، ومن دعاة انتخاب رئيس للجمهورية والكف عن التعطيل، معتبراً ان"أي اختراق استخباراتي سوري لأي فريق لبناني هو اختراق للوطن"، ومؤكداً ان"حزب الله هو أكثر حزب لبناني يتحدث عن نزع سلاحه"، ومشدداً على أهمية"ان يكون الجميع محضين لمنع الفتنة، باعتبار ان توقيع مذكرات التفاهم لمنع الفتنة أمر معيب". اما جنبلاط فركز على ان 14 شباط سيكون"موعداً مع التجديد والتحدي، نكون أو لا نكون، يكون لبنان أو لا يكون حراً سيداً مستقلاً، أم يبقى مرهوناً لإيران وسورية تحت شعار التنسيق بين دولة ميليشيا حزب الله وبين الدولة اللبنانية". ورأى ان"الدولة اللبنانية وحدها تقرر الحرب والسلم وتتعاطى في ملف الأسرى لا ان يبقي حاكم ميليشيا حزب الله قرار السلم والحرب في يده على حساب الاستقرار والسيادة". وحذر جنبلاط من إطاحة اتفاق الطائف تحت شعار الديموقراطية التوافقية، وقال ان"علاقات أقلوية لقسم من لبنان يرعاها النظام السوري المتزمت ويمولها صاحب الطموحات الفارسي الامبراطوري في عالمه الأسود، ستفشل كما فشلت في السابق". ونبه الى ان"وجود لبنان على المحك في 14 شباط، فأما ان يكون الأمن في يد الدولة المركزية، وإما ان يخرج من المربعات الأمنية وما أكثرها، وهذا من دون ان نستفيض بالكلام عن التدريب والتسليح لكل الجماعات بغض النظر عن هوياتها المذهبية". وزاد:"يبدو ان مجوعات صغيرة في الجبل وغير الجبل مزودة ومسلحة حديثاً من المربع الأمني الأساسي، تنوي القيام بعمليات إرهابية جديدة". وعلمت"الحياة"من مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي ان جنبلاط وإن أطلق نبرات عالية واستخدم تعابير حادة، فإنه"يتوخى من كل هذا الكلام خلق أجواء ضاغطة لمنع المواجهة في الشارع". وأكدت المصادر ذاتها ان جنبلاط"ليس في وارد التحريض على الفتنة أو جر البلد الى الفوضى، لكنه يخشى استخدام بعض الأدوات في الجبل وهي معروفة بارتباطها بالنظام السوري، من اجل افتعال الفتن، وتهديد الاستقرار العام". وقالت ان جنبلاط أراد"توجيه رسالة الى الآخرين تحت عنوان ان مخططكم التخريبي أصبح مكشوفاً، وإذا أردتم الاستمرار فيه سنتصدى له". وتابعت المصادر ان جنبلاط اراد"أن يُفهم الآخرين ان مشروعهم غير قابل للحياة، وأن الأكثرية قادرة على توفير الحماية للبنانيين، وأن توازن الرعب ضروري لردع من يحاول الابتعاد في مواقفه الى حدود المغامرة بمصير البلد". وأشارت الى ان"جنبلاط رغب في أن يكبّر الحجر بالمعنى السياسي لوقف ما يخطط له في الجبل، والتهديد ليس حكراً على فريق دون الآخر". في القاهرة، التقى وزير الخارجية المصري أحمد ابو الغيط امس وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي. وأكد الناطق باسم الخارجية المصرية حسام زكي انهما اتفقا على ان الفترة الممتدة حتى موعد الجلسة المقبلة للبرلمان اللبناني هي"فرصة حقيقية لإنجاح المبادرة العربية، على اللبنانيين عدم اهدارها". وقال زكي ان ابو الغيط اكد للعريضي، حرص مصر على استمرار طرح المبادرة العربية وفقاً لما أعلنه موسى حول عزمه على مواصلة جهوده في محاولة لإيجاد تسوية للأزمة اللبنانية. وقال العريضي ان موسى بذل جهوداً كبيرة وحاول تنفيذ المبادرة العربية لكن الأمر تعثّر بسبب مواقف المعارضات، فنحن لسنا امام معارضة واحدة بل معارضات، وهذا ما بدا واضحاً في الزيارتين الأخيرتين لموسى، حيث سمع من رموز المعارضة كلاماً وأطروحات متباينة". وحذر من ان"الاغتيالات لن تتوقف وأنها تستهدف رموزاً اساسية في سياق فرض الترهيب على اللبنانيين وشل مؤسساتهم وتفكيك الدولة".