وسط إقبال ضعيف من الناخبين وانتشار أمني كثيف حول لجان الاقتراع، شهدت المحافظات المصرية أمس انتخابات للمجالس المحلّية لم يشمل التنافس فيها سوى 20 في المئة من المقاعد بعد فوز الحزب الوطني الحاكم بنسبة 80 في المئة الباقية بالتزكية. وتميّزت الانتخابات في مدينة المحلّة الكبرى التي شهدت منذ الأحد مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين أوقعت قتيلاً واحداً على الأقل وعشرات الجرحى، باتفاق سياسي بين"الوطني"وأحزاب"الوفد"و"التجمع"و"الجيل"حصلت بمقتضاه أحزاب المعارضة على 23 مقعداً بالتزكية، في إطار تهدئة الرأي العام في المدينة. وأعدت وزارة الداخلية خطة أمنية"محكمة"لتأمين سير العملية الانتخابية وحراسة اللجان من خارج مراكز الاقتراع فقط. ومنعت الخطة دخول الأمن اللجان الانتخابية إلا بناء على طلب عضو من الهيئة القضائية المشرف على اللجنة، في خطوة تستهدف تأكيد حياد الإدارة في عملية الاقتراع. وشهدت المدرسة القومية في وسط القاهرة استعدادات مكثفة منذ الصباح، كونها اللجنة المقيّد في جداولها الانتخابية الأمين العام للحزب الوطني رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف الذي قال في تصريحات بعد الإدلاء بصوته إن المحليات زادت أهميتها بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي تضمنت أحقية 140 عضواً من مجالسها بتسمية المرشح المقبل لمنصب رئاسة الجمهورية، مضيفاً أن الحزب الوطني يؤمن بأهمية إنهاء النظام المركزي في المحليات، ويولي أهمية قصوى في حق الرقابة للمجالس المحلية على أداء الإدارات المحلية والحكومة بهدف الوصول إلى الإصلاح الشامل. وأكد الشريف ضرورة خروج الناخبين لاختيار مرشحيهم، وأرجع قلة الإقبال على التصويت إلى أن نسبة التزكية في الدوائر وصلت إلى 80 في المئة. وقال:"كنا نتمنى أن تكون نسبة المنافسة كبيرة". وأكد أن اختيار مرشحي"الوطني"جاء عن طريق الانتخاب وليس الاختيار. وسُئل الشريف عن قرار جماعة"الإخوان المسلمين"الانسحاب من الانتخابات بسبب ما وصفته ب"إهدار أحكام القضاء"، فأجاب:"انني غير مسؤول عن تنفيذ أحكام القضاء، وكل حزب أو مجموعة له حرية الاختيار في ما يتخذه من قرارات"، إلا أنه شدد على رفض أي نشاط سياسي يقوم على أساس ديني، مؤكداً أن"الوطني"لا يدخل في صراعات سياسية مع أي قوى، بل هناك مؤسسات في الدولة تتصدى لأي محاولات للخروج عن الشرعية. ومعلوم أن"الإخوان"برّروا مقاطعتهم، الإثنين، بأن القضاء أصدر أحكاماً لمصلحة مرشحيهم لكن السلطات لم تنفّذها. من جانبه، أوضح الأمين العام لحزب"التجمع"عبدالعال أن إقبال الجماهير على صناديق الاقتراع في معظم الدوائر لم يتجاوز 5 في المئة من أعداد الناخبين، معتبراً أن سبب ذلك هو فقد المواطنين ثقتهم في استطاعتهم إحداث تغيير. وأضاف أن ثقافة المواطن المصري لا تعتدّ بالأساس بالمحليات، إذ تعتبرها جزءاً من جهاز الحكومة وأن الحزب"الوطني"سيأتي بمن يريد ويضمن له الفوز. كذلك أشار إلى ما قامت به الحكومة من"ممارسات تهدف إلى منع مرشحي المعارضة من التقدم بأوراقهم، مما أفقد الشعب الحماسة"للمشاركة في الاقتراع. وأعلن عبدالعال أن ل"التجمع"415 مرشحاً موزعين على 24 محافظة، مشيراً إلى أن إعلان"الوطني"فوزه بأكثر من 83 في المئة من المقاعد بالتزكية قبل بدء الانتخابات"أفقد الناخب الثقة في القدرة على التغيير". وفي الإطار ذاته، شكا"الائتلاف المصري لدعم الديموقراطية"من منع مراقبيه من متابعة العملية الانتخابية وفرض"قيود"على ممارسة أعمال المراقبة. وقال إن مراقبي الائتلاف فوجئوا بقيام الجهات المشرفة على الانتخابات في بعض الدوائر بسحب التفويضات الخاصة بالمراقبة من المراقبين ومنعهم من دخول اللجان، إضافة إلى قيام ضباط الأمن بتهديد المراقبين وإلقاء القبض عليهم في حال عدم ابتعادهم عن مقارّ اللّجان، كما تم منع إعلاميين من دخول مقار اللجان في بعض الدوائر أيضاً. كذلك أصدر المجلس القومي لحقوق الإنسان تقريراً في شأن بعض التجاوزات التي حدثت أثناء سير العملية الانتخابية منها منع مراقبين من دخول دوائر وإلغاء الانتخابات في إحدى دوائر محافظة سوهاج بعد انسحاب المرشح قبل فتح باب الاقتراع بساعات وعدم وجود حبر"فوسفوري"ونقص في أوراق التصويت في بعض الدوائر، إضافة إلى تأخر موعد بدء التصويت في بعض اللجان وتقديم موعده في دوائر أخرى. وكانت منظمات حقوقية عدة أبدت رغبتها في مراقبة الانتخابات ووافقت وزارة الشؤون القانونية لبعضها خصوصاً وان قانون الجمعيات الأهلية يشترط ذلك. وكانت جماعة"الإخوان المسلمين"التي تعد أكبر فصيل سياسي منافس للحزب الوطني أعلنت قبل ساعات من فتح باب الاقتراع انسحابها من الانتخابات بسبب ما واجهته من إجراءات وصفتها ب"القمعية والاستبدادية"، مشيرة إلى أن دعوتها إلى المقاطعة جاءت رداً طبيعياً على رفض المسؤولين الحكوميين تنفيذ آلاف الأحكام لمصلحة مرشحي الجماعة بوجوب تسجيل أسمائهم في قوائم المرشحين. ويختار الناخبون الذين يبلغ عددهم 35 مليوناً حوالي 52 ألف مرشح من بين حوالي 70 ألفاً بينهم 55 ألف مرشح ينتمون إلى الحزب"الوطني". وأشارت مصادر حكومية إلى أن الناخبين سيختارون ممثليهم لمقاعد المجالس المحلية أمام 318 لجنة عامة وأكثر من 41 ألف لجنة فرعية. وكانت عمليات التصويت بدأت في الثامنة صباحاً واستمرت إلى الخامسة مساء ليتم إقفال الصناديق تمهيداً لبدء عملية فرز الأصوات ثم يقوم المحافظون بإعلان النتائج النهائية بدءاً من اليوم وعلى مدى خمسة أيام. وكانت آخر انتخابات للمجالس المحلية جرت في نيسان ابريل العام 2002 والتي شهدت حسم 52 في المئة من المقاعد بالتزكية لمصلحة الحزب الوطني الذي فاز بنسبة 97 في المئة من إجمالي المقاعد في النهاية، بينما فاز المستقلون ب 2.6 في المئة وحزب"الوفد"بنسبة 0.03 في المئة وحزب"التجمع"بنسبة 0.02 في المئة. أما الحزب"الناصري"ففاز بنسبة 0.02 في المئة و"الأحرار"ب 0.01 في المئة وحزب"مصر الفتاة"بمقعد واحد فقط.