عمّان الهادئة ثقافياً ليست كما تبدو للعيان، ففي إحدى ضواحيها تضج موسيقى صاخبة لفرقة "آخر زفير" الحديثة الولادة والتي تعزف موسيقى"مستترة"بلغة عربية وألحان غربية من صنف"اندرغراوند"underground غير الشائعة والمختبئة عن عيون الإعلام. وأطلقت أخيراً هذه الفرقة الشابة المكونة من أربعة موسيقيين يعزفون موسيقى"الغرنغ"Grunge و"البنك"Punk و"الروك"Rock أغنيتها الرسمية الأولى بعنوان"حب أيام زمان"ولاقت استحساناً من الشباب العماني الباحث عن غرابة اللحن والملمس الصوتي الخشن، المتميز بنكهته الغربيّة لدى مغنّي الفرقة وكاتب أغانيها بسام صايج. يؤمن بسام 25 سنة بفرقته التي يشاركه فيها كايد قنيبي عازف درامز ومحمد عواد عازف غيتار وسالم دلل عازف غيتار، ويقول:"نحن مقتنعون بالموسيقى التي نعزفها وحتى لا نكون منافقين اجتماعياً، اخترت أن أغني باللغة العاميّة برفقة الموسيقى التي نحبها، ما يشكل تحدياً كبيراً لنيل إعجاب المتلقي لموسيقانا، وعلى رغم درايتنا ان هذا النوع من الموسيقى قد يكون جديداً على الجمهور، الا اننا سنسعى لترسيخه عبر الأغنيات التي نقدمها والحفلات التي نحييها". وعن أغنية"حب أيام زمان"يقول باسم أنها أول أغنية نجحت الفرقة في انتاجها في شكل لائق من حيث التسجيل والمضمون والموسيقى. وأتت هذه الأغنية بعد تجارب سابقة الا أن"حب أيام زمان"بلورت تجربة"آخر زفير"وشكلت نهجها الموسيقي المستقل. وتنتسب الفرقة في وجدانها الموسيقي الى فرق غربية تحبها وتمشي على خطاها أمثال فرقة الراحل كيرك كوبين والمعروفة ب"نيرفانا"Nirvana وفرق أخرى مثل"راديو هيد"Radiohead و"توول"Tool وغيرها. تسنى أخيراً للفرقة الشابة مشاركة موسيقاها الغريبة والغربيّة مع الجمهور في"سوق جارا"الذي ينعقد مع بداية الربيع من كل سنة في شارع الرينبو الشهير في عمان. وشجع المنظمون لهذا السوق الذي يجمع ما بين بائعي التحف النادرة والطبخات اللذيذة لربات البيوت والحرفيين وبائعي الكتب وقارئي الفنجان الفرق الشبابية الناهضة من خلال توفير فرصة أداء أغانيهم التي بقيت لفترة طويلة حبيسة جدران بيوتهم، أمام جمهور متنوع من أعمار مختلفة، وقدمت"آخر زفير"ثلاثة عروض في السوق. يشارك الفرقة نحو ألف وخمسمئة عضو صفحتها الخاصة في موقع"فايس بوك"الشهير الذي أضحى المنبر الأول لترويج الفرق الأردنية المختلفة والناهضة، اذ يدين القسم الأكبر منها في نجاحاته الموسيقية الى جيل الانترنت المتحرر من قنوات الإعلام الرسمي التي قلما تعترف بالمبادرات الموسيقية اللامنهجية والثائرة على السائد والمعروف. وعلى رغم نشاط الحركة الموسيقية"المستترة"في عمان، يبقى هذا الوسط الموسيقي منغلقاً وبعيداً من عيون الاردنيين لضيق الاهتمام المحلي بالفنون والثقافة وانعدام الاهتمام بالشباب، اذ أن حضور حوالى 300 شخص لحفلة موسيقية غير تجارية يعتبر إنجازاً، مقارنة بحفلات بيروت والقاهرة ودمشق، خصوصاً ان العواصم المذكورة قطعت شوطاً كبيراً في الانفتاح على الانماط والتجارب الموسيقية الشبابية، وباتت تنظم مهرجانات وحفلات دورية تجتذب جمهوراً كبيراً. يقول كايد عازف الدرامز في"آخر زفير":"هناك العديد من الفرق الاردنية التي تقدم موسيقى اندرغراوند، وهي في تزايد دائم، لكن معظم هذه الفرق لا تلقى دعماً مادياً ومعنوياً من الجهات المعنية والمجتمع، خصوصاً أن هذا النوع من الموسيقى لا يزال غريباً على آذان مجتمعاتنا التي تعودت على الانماط الموسيقية التجارية".