مني اليسار الإيطالي بهزيمة مدوّية جديدة، بعد أسبوعين من خسارته أمام اليمين بزعامة سيلفيو بيرلوسكوني في الانتخابات الاشتراعية. وحقق مرشّح اليمين الوسط لمنصب رئيس بلدية روما جانّي آليمانو انتصاراً مفاجئاً بفارق سبعة نقاط على منافسه القوي فرانتشيسكو روتيلّي الذي شغل منصب وزير الثقافة في حكومة رومانو برودي ورأس بلدية روما لثماني سنوات في منتصف التسعينات من القرن الماضي. وعلى رغم أن اليسار تمكّن من الفوز في عدد كبير من محافظات الشمال التي تمثّل معاقل مهمة لتحالف بيرلوسكوني، فإن خسارة مقعد"المواطن الأول"في العاصمة روما جاءت لتدق ناقوس الخطر لزعامة الحزب الديموقراطي الجديد الذي واجه هزيمتين كبيرتين خلال الأشهر الثلاثة من تأسيسه وإناطة زعامته إلى عمدة روما السابق فالتر فيلتروني. ووجه الناخبون في روما رسالة قوية إلى زعامة الحزب الديموقراطي مفادها أن"تغيير الزعامات ضروري"، ما سيُُضطر فيلتروني ورفاقه إلى إعادة النظر في الكثير من القناعات والتحالفات التي صاغوها في شكل متسرع من دون الأخذ في الاعتبار ما آلت إليه حكومة برودي قبل انهيارها منتصف آذار مارس الماضي. وتوضّحت رسالة الناخبين"التوبيخية"لزعامة اليسار في ما نتج عن صناديق الاقتراع يومي الأحد والإثنين الماضيين، اذ أشاح ما يزيد عن 110 آلاف ناخب بوجوههم عن المرشح الديموقراطي بامتناع البعض عن التصويت لصالحه أو تصويت البعض الآخر لصالح مرشح اليمين. وتجلى ذلك من خلال انخفاض عدد ناخبي اليسار قياساً الى الدورة الأولى التي جرت قبل أسبوعين بالتزامن مع الانتخابات الاشتراعية التي انتصر فيها بيرلوسكوني. وفي محاولة لتبرير الخسارة، اعتبر روتيلّي أن"اليمين استخدم الديماغوجية ولعب على وتر المخاوف الأمنية لسكان العاصمة". في المقابل، اعتبر آليمانو، رئيس البلدية المنتخب، أن"سكان روما استوعبوا أهمية الأهداف التي وضعتها لنفسي وللفريق الذي سيقود بلدية العاصمة". وعن الخطوة الأولى التي سيُنجزها فور جلوسه على كرسي القياصرة في قاعة الكامبيدوليو مقر بلدية روما، قال آليمانّو:"سأذهب لتقديم العزاء إلى زوج السيدة فرانتشيسكا ريجّاني التي قتلها مهاجر من رومانيا نهاية العام الماضي لأؤكد له ولجميع مواطني روما أن ما وقع للسيدة ريجّاني لن يحدث في المستقبل لأننا سنحول دون الأوضاع التي أدّت إلى ذلك". وشدّد آليمانو على أنه سيدعو إلى"اجتماع عاجل مع والي روما وقادة الأجهزة الأمنية لوضع خطة لوقف التدهور الحاصل في المدينة، بسبب تفشّي ظواهر الهجرة غير الشرعية وانتشار مخيّمات الغجر". وكان الملف الأمني وتسيّب أوضاع المهاجرين والغجر في روما وضواحيها أحد أهم الملفات موضع النقاش خلال الحملة الانتخابية.وأكدت أوساط عمدة روما الجديد انه"سيستخدم القبضة الحديد إزاء حال الفلتان التي تشهدها المدينة في إطار تفشّي ظاهرة مخيّمات الغجر العشوائية والإقامة غير الشرعية لأعداد هائلة من مواطني رومانيا التي انضوت قبل سنة ونصف سنة تحت لواء الاتحاد الأوروبي ما منح مواطنيها حق دخول إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى من دون الحاجة إلى تأشيرات. يأتي عمدة روما الجديد جانّي آليمانّو من صفوف حزب"الحركة الاجتماعية الإيطالية"، الحزب الفاشي السابق، وساهم مع زعيم الحزب جانفرانكو فيني بنقل الحزب من التاريخ الفاشي الى تأسيس حزب"التحالف القومي"والذي فتح أمام اليمين الإيطالي ذي الجذور الفاشية أبواب الحكم في إيطاليا وأوصل زعيم الحزب فيني إلى منصب نائب رئيس الحكومة ووزير الخارجية، وسيوصله تحالفه مع بيرلوسكوني اليوم إلى تبوأ الموقع الدستوري الثالث في البلاد، أي منصب رئيس مجلس النواب. ورأى بيرلوسكوني ان الانتصار في البلديات"يستكمل انتصارنا في الانتخابات الاشتراعية"". وانتخب القيادي في حزب"شعب الحرية"السناتور ريناتو سكيفاني أمس، رئيساً لمجلس الشيوخ في الدورة الاشتراعية السادسة عشرة. وحصل سكيفاني على 178 صوتاً من أصل 315، مقابل 13 صوتاً لمنافسته إيما بونينو، فيما امتنع شيوخ الحزب الديموقراطي الذين يمثلون تحالف اليسار - الوسط عن التصويت.