يوم التأسيس شاهد على الحدث الأكبر لتأسيس هذا الكيان الكبير الواسع الأرجاء المترامي الأطراف ومشهود عبر هذه العقود المتلألئة بوهج التاريخ الطويل الحافل بالكفاح والأحداث والأمجاد والبطولات والإنجازات. جاء يوم التأسيس لينقل معاني الفخر والحماس والأصالة والعراقة والترابط لشعب الجزيرة العربية وليعزز المثل والقيم والمعاني المرتبطة بهذه المناسبة الوطنية الفريدة، ومُرسِّخًا للاعتزاز بالإرث التاريخي والعراقة التليدة والتماسك المجتمعي لهذه الدولة المباركة. لقد بدأت انطلاقة التوحيد والتمكين من البدايات الأولى لتأسيس الإمام محمد بن سعود كيان الدولة السعودية الأولى في الدرعية لقرون ثلاثة خلت، والتي كانت بلدانها وأقاليمها لا تفتأ آنذاك تشهد فُرقة وتشرذمًا وتشتتًا وتناحرًا واقتتالاً دائمًا ليضع لبنة البناء والتأسيس والوحدة بين أرجائها وأصقاعها وتخومها، وجعلها تحت حكم واحد لتدب فيها الحياة وتزدهر الحضارة ويستتب الأمن والاستقرار بين ربوعها وأصقاعها. وعندئذ بدأت مرحلة جديدة في شبه الجزيرة العربية وتوالت معها الإنجازات في عهد هذه الدولة السعودية الأولى وأصبحت الدرعية عاصمة لدولة مترامية الأطراف وكانت هذه هي النواة التي نمت وترعرعت وازدهرت في تلك الحقبة المشهودة لتلتحم مع عصر الدولة السعودية الحديثة وليأتي هذا الالتحام نتاج سلسلة من مراحل زمنية متعددة وأحداث تاريخية متعاقبة مرت وتفاعلت خلال القرون الثلاثة الأخيرة على صعيد الجزيرة العربية برمتها. إن يوم التأسيس ليوم مشهود تتألق فيه صفحات مجد مشرقة من تاريخ الدولة السعودية الحديثة، ويُعد هذا الحدث منعطفًا تاريخيًا حاسمًا ونقطة تحول كبرى في تاريخ الجزيرة العربية بأسرها، نظرًا لما تمخضت عنه تلك الأحداث الجسام المتعاقبة من قيام دولة سعودية استقرت على يد المغفور له الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه وأكرم مثواه - ذلك الرجل الفذ الذي شاءت القدرة الإلهية أن يكون على يديه جمع تلك الأطراف المتنائية والأصقاع المترامية والأرجاء المتباعدة من شبه الجزيرة العربية، فكان ميلاد المملكة العربية السعودية كدولة أسست على عبقرية الحكم وقوة العزيمة وحسن الإدارة وتطبيق الشريعة الإسلامية السمحاء. ولقد جاء إعلان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - بأن يكون يوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام يوم التأسيس كذكرى متجددة تنطق بالجهد الدؤوب والكفاح المتواصل وليكون رمزا خالدا للأجيال الحاضرة واللاحقة لاستلهام معاني الجد والعمل والصبر للحفاظ على كيان هذه المملكة السعيدة والسعي إلى بناء مستقبلها المشرق بإذن الله. * جامعة الملك سعود