سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بيترايوس وقيادات عسكرية عليا لا تعتزم التصويت ... وأصوات الجنود والمحاربين القدامى حاسمة في السباق . أوباما يتفوق على ماكين في تبرعات الجيش وعائلات الجنود في الخارج تحشد للديموقراطيين
تعتبر اصوات الجنود على قدر عال من الاهمية في الانتخابات الحالية، اولاً لأن ثقة الاميركيين في جيشهم اعلى من ثقتهم بسياسييهم بحسب أكثر من استطلاع للرأي. فالأميركيون يلومون في العادة المسؤولين المدنيين عندما يتعرض الجيش لانتكاسة، ولا ينتقدون الجيش نفسه على أدائه، مثلما حدث في العراق عندما اتهمت إدارة الرئيس بوش بأنها ارسلت عدداً غير كاف من القوات ولم تقدم لها المعدّات اللازمة لتنفيذ المهمه، وهي مسألة تحولت الى قضية رأي عام تؤثر حالياً في مسار الانتخابات. ثانياً، تكتسب أصوات الجنود اهمية أيضاً، لأن نسبة تصويتهم في العادة أعلى من نسبة تصويت بقية الأميركيين، ففي انتخابات العامين 2000 و 2004، صوّت أكثر من 70 في المئة من أصل 1.4 مليون جندي في الخدمة العسكرية، من بينهم نصف مليون خارج اميركا، بينما راوحت نسبتا التصويت العامة بين 51 في المئة و64 في المئة. صعوبة الوصول الى العسكريين ويجد الديموقراطيون صعوبة عادة في الوصول الى اصوات الجنود، لأن الجيش أكثر ميلاً الى الجمهوريين بسبب نهجهم الحازم في قضايا الدفاع والأمن القومي اولاً، ولنزعتهم نحو الإنفاق اكثر على الجيش ثانياً. ويترجم ذلك في تصويت الجنود. ففي العام 2004 حصل بوش على اصوات اكثر من 64 في المئة من الجنود بحسب معلومات منقولة عن وزارة الدفاع التي تتحفظ في العادة عن اعلان بيانات تتعلق بميول الجيش الحزبية. لكن الأزمة الاقتصادية من جهة، وانتشار اكثر من 160 الف جندي في عمليات قتالية في العراق وأفغانستان من جهة اخرى، يبدو انها قد تدفع الكثير منهم الى التصويت هذا العام لأوباما. ففي دراسة نشرها المركز من اجل سياسات مسؤولة The center for responsive politics في بداية أيلول سبتمبر الماضي، تبين أن اوباما، تلقى تبرعات مالية من الجنود بقيمة 450 الف دولار، في حين تلقى ماكين 460 الفاً، لكن الزيادة لدى الأخير سببها حصوله على تبرعات اكثر من المدنيين العاملين في وزارة الدفاع، ما يعني حصول اوباما على مساهمات من الجيش لحملته الانتخابية اكثر من ماكين. قد يبدو الرقم قليلاً مقارنة بعشرات الملايين من الدولارات التي يجمعها المرشحون شهرياً، لكن الجيش عادة لا يتبرع بمبالغ كبيرة للسياسيين، اذ لم يتمكن بوش وكيري العام 2004 من جمع اكثر من 1.8 مليون دولار من الجنود. ورفعت هذه الارقام سقف توقعات الديموقراطيين بإمكان التأثير في الجيش لمصلحتهم. ففي العام 2000 جمع بوش تبرعات مالية من الجيش ضعف ما جمعه آل غور، لكن هذه النسبة تقلصت في انتخابات 2004 عندما جمع بوش اكثر بمرة ونصف مرة فقط مما جمعه جون كيري. وتعكس هذه الارقام بداية تغير في موقف الجيش لمصلحة الحزب الديموقراطي، اذ تظهر دراسات أعدتها مجلة"ميليتاري-تايمز"ان نسبة تأييد الجمهوريين في الجيش تراجعت 14 نقطة مئوية للمرة الأولى منذ العام 1980، عندما انتقل الكثير من قادة الجيش في عهد الرئيس جيمي كارتر الى مواقع الجمهوريين. الدراسة تشير ايضاً الى ان اوباما قد يحصل على ضعف النسبة التي حصل عليها كيري العام 2004. والصراع لا يدور فقط على اصوات الجنود العاملين فعلياً في الجيش، بل على اصوات 23.8 مليون من قدامى المحاربين، بعضهم خدم في الحرب العالمية الثانية، والحرب الكورية، في حين خدم اكثرهم 7.9 مليون في حرب فيتنام، والبقية في حربي الخليج الاولى والثانية. ويعيش اكثر هؤلاء 60 في المئة - بالترتيب - في ولايات كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس وبنسلفانيا ونيويورك وأوهايو، وهو ما يظهر مدى اهمية اصواتهم للحزبين خصوصاً في الولايات الثلاث المتأرجحة فلوريدا، بنسلفانيا وأهايو. الاحصاءات من دائرة المحاربين القدماء التابعة لوزارة الدفاع. بيترايوس وتعتبر قضية الحوار الديبلوماسي مع الدول المعادية للولايات المتحدة، وتاريخ المتنافسين الشخصي، وطريقة تصويتهما في مجلس الشيوخ في قضايا تتعلق بالجيش والامن القومي، من المواضيع التي تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام لدى الجنود وعائلاتهم. ففي الوقت الذي كان ماكين يردد اسم الجنرال ديفيد بيترايوس، قائد القوات الاميركية في العراق سابقاً، كمثال على إمكان تحقيق النصر في العراق بالتخطيط الجيد، فإن اوباما استفاد من كلمة للأخير في الثامن من شهر تشرين الاول اكتوبر في مؤسسة"هريتيج"، اعتبر فيها ان على أميركا مفاوضة اعدائها، مضيفاً ان هذا ما فعله في العراق لتحييد الكثير من الخصوم، وهو ما يعارضة ماكين تماماً. يذكر أن بيترايوس اعلن رغبته في عدم التصويت قائلاً انه يرغب ان يكون الجيش فوق الخلاف الحزبي بين المعسكرين، لكن موقفه ايضاً فسر بأنه يرغب في الابتعاد من ماكين، ربما لقناعته بأن المراهنة على حصان خاسر قد تفقده وظيفته الجديدة كقائد للقيادة الاميركية المركزية في الشرق الاوسط. ويحاول ماكين استغلال تاريخه الشخصي للادعاء بأنه يتفهم جيداً احتياجات الجيش، فوالده مثله كان جندياً، وهو أسير سابق في حرب فيتنام، وكان اثنان من ابنائه في الخدمة العسكرية، احدهما انتهت خدمته في العراق قبل أشهر قليلة فقط. الا أن ذلك لم يشفع له لدى الجنرال الديموقراطي، ويسلي كلارك، الذي رد على ذلك في مقابلة مع"سي بي سي"، قائلاً ان"لا علاقة بين تاريخ ماكين الذي يحترمه كجندي خدم بلده بشجاعة وبين قدرته على قيادة اميركا"، مضيفاً ان"قيادته لطائرة في حرب فيتنام وسقوطها ووقوعه في الاسر، ليست مؤهلات كافيه لرسم سياسات عالمية". وفي وقت اعلنت سيندي ماكين، من بنسلفانيا منتصف الشهر الجاري، ان"قشعريرة سرت في جسدها"عندما صوّت اوباما في الكونغرس ضد تمويل الجيش في العراق، وأنها فكرت فوراً بمصير ابنها، مضيفة ان على اوباما ان"يضع نفسه مكانها ليعرف كيف شعرت"، جاءها الرد سريعاً من ميشيل اوباما التي ذكرت عائلات الجنود الاميركيين في خطاب لها في فرجينيا، بأن اوباما هو من أصر على أن يشمل قانون رعاية الصحة العقلية الجنود، وهو من صوّت لمصلحة رفع موازنة دائرة قدامى المحاربين، لتوسع خدماتها بتقديم مساهمات مالية للجنود العاملين في العراق، اذا ارادوا تحسين مستوى تحصيلهم الاكاديمي، في حين عارض ماكين ذلك، لانه يعارض في شكل عام ان تكون للدولة علاقة بالرعاية الاجتماعية. ويبدو ان خطاب ميشيل، وسخط مئات عائلات الجنود على الحرب في العراق بدأ يؤتي ثماره لمصلحة اوباما، اذ شكلت عائلات الجنود مؤسسة اطلقوا عليها اسم"بلو ستار فاميلي"هدفها حض الجنود وعائلاتهم على انتخاب اوباما. ويفترق أوباما وماكين ايضاً، حول الكثير من القضايا المتعلقه بالامن القومي والجيش. فبينما يقف الاثنان الى جانب إغلاق معتقل غوانتانامو، يدعو اوباما الى تحويل المعتقلين الى القضاء المدني او العسكري وإعطائهم الحقوق التي يكفلها القانون الاميركي لهم أثناء المحاكمة، فيما يدعو ماكين الى نقلهم الى القاعدة العسكرية"ليفين ورث"في كانساس والى التفاهم مع الدول الصديقة لإقرار نظام دولي موحد للتعامل معهم. وفيما يدعو الاثنان الى زيادة عدد القوات المسلحة وإعادة تنظيمها لتستجيب تحديات العصر، فإن أوباما يرى ان موازنة لوزارة الدفاع مبنية على افتراض إمكان وقوع حرب عالمية ثالثة هي امر غير منطقي، وهو مما لا يشاركه فيه ماكين الرأي.