قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الاميركية، بدا المرشح الديموقراطي للرئاسة باراك أوباما في موقع مثالي أمس، بعدما حصد دعم وزير الخارجية السابق كولن باول، أحد الوجوه الجمهورية، والذي نبذ الخطاب"السلبي"لحملة مرشح حزبه جون ماكين. في الوقت ذاته، حطم المرشح الديموقراطي رقماً قياسياً في جمع التبرعات ليزيد من نبرة التفاؤل لدى الديموقراطيين وفي مقدمهم زعيمة مجلس النواب نانسي بيلوسي التي قالت إنها واثقة"مئة في المئة"من فوز أوباما. وفي خطوة استثنائية عمقت الفجوة بينه وبين الادارة الجمهورية التي استقال منها في العام 2004 بعد اعتراضات على حرب العراق وخلافات مع الخط المتشدد، أعلن باول دعمه لأوباما"ليس لأسباب عرقية"، بل بسبب حاجة الولاياتالمتحدة الى"صورة مغايرة ورئيس يعكس طموحات الجيل الجديد ويعيد البلاد الى موقعها داخليا وخارجيا". وأكد باول الذي تولى وزارة الخارجية في الولاية الأولى لبوش وكان القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال حرب تحرير الكويت، أن افتراقه عن الحزب يأتي بسبب توجهات سلبية لحملة ماكين مثل تصنيف أوباما بأنه"مسلم"أو"صديق للإرهابيين". وشجب باول التصريحات المسيئة للمسلمين التي ترددت في سياق الحملة، وأبدى خيبة أمل من النهج الذي اتبعته الحملة الجمهورية، مشيرا الى أنه سيصوت لأوباما على رغم صداقة جمعته بماكين على مدى ربع قرن. وانتقد باول ترشيح الجمهوريين سارة بايلن لمنصب نائب الرئيس واعتبرها"غير مؤهلة". وأصبح باول الجمهوري الأبرز الذي ينشق عن حزبه، رغم مشاركة أسماء جمهورية مثل السناتور تشاك هاغل أو السناتور جاك ريد في بعض نشاطات حملة أوباما لكن من دون تأييد علني للمرشح الديموقراطي. وسيساعد باول أوباما في جذب اصوات مستقلين ومعتدلين بين الجمهوريين تراجع دورهم في السنوات الثماني من عهد الرئيس جورج بوش القريب من القاعدة اليمينية الأكثر تشدداً في حزبه. وتوجت الحملة الديموقراطية عطلة أسبوع استثنائية بإعلانها جمع 150 مليون مليون دولار في ايلول سبتمبر وحده، أكثرها تبرعات فردية بأقل من مئة دولار لمصلحة اوباما، لتحطم بذلك رقماً قياسياً في جمع التبرعات، بعدما تجاوز المبلغ الذي جمعته منذ بدء الحملة 600 مليون دولار. وضخ الديموقراطيون معظم التبرعات في حملات إعلانية مكثفة، ركزت على الأزمة الاقتصادية والضرائب وأعادت مواقف ماكين"المضرّة"بالطبقة الوسطى. كما بدت قوة الحملة التنظيمية على الأرض، بحشد أكثر من مئة ألف مناصر للاستماع الى المرشح في مدينة سان لويس ولاية ميسوري والتي فاز بها بوش في 2000 و 2004 ويتقدم فيها الديموقراطيون هذا العام. إلا أن تواصل الاعلانات السلبية والتسجيلات الصوتية على هواتف الناخبين والتي تربط أوباما بناشطين متطرفين، دفع المراقبين الى التخوف من تداعيات"انقسام"في حال فوزه بالرئاسة. وأطلقت لجنة مستقلة باسم"صندوق الجمهوريين الوطني"، اعلاناً يصور رخصة قيادة لمحمد عطا أحد منفذي اعتداءات 11 أيلول 2001، ويحذر من خطة أوباما لإعطاء المهاجرين غير الشرعيين رخص سير. كما استحضر محامي زوجة ماكين، سيندي، تاريخ أوباما في تعاطي المخدرات لمرات قليلة خلال سن المراهقة وجذور عائلته في كينيا، وذلك في هجومه على صحيفة"نيويورك تايمز"التي تحدثت عن معاناة سابقة لسيندي ماكين من الادمان. وأبقت حملة المرشح الجمهوري التركيز على الخطاب الهجومي أمس، على خطط أوباما الاقتصادية والسياسية. كما شاركت بايلن في برنامج"ساترداي نايت لايف"الكوميدي الذي بث مباشرة من نيويورك لإضفاء صورة أكثر حميمية لها مع الناخب، في حين عكست الاستطلاعات أن أكثر من نصف الأميركيين 51 في المئة يعتقدون أن بايلن غير مؤهلة.