ما بني على خطأ لا بد من أن ينتهي بكارثة، وإدارة جورج بوش استغلت إرهاب 11/9/2001 لأغراض أخرى، والنتيجة أنها لا تزال في"نزهة"في العراق منذ أربع سنوات ونصف سنة وتريد ان"تتنزه"في إيران أيضاً. موضوعي اليوم القاعدة، فهناك فجأة ألف خبر وخبر عن عودتها قوية كما كانت يوم ذلك الإرهاب المشؤوم قبل ست سنوات، وهناك تقارير رسمية أميركية، وتحقيقات صحافية وبرامج تلفزيونية عن القاعدة، وشعوري ان ادارة بوش تحاول تخويف الناس لقبول الوضع الحالي في العراق، وتمهيداً لحرب مقبلة على إيران. أتكلم عن إدارة جورج بوش لأنه الرئيس، غير انني اعتبرها إدارة تشيني، ويستطيع القارئ وهو يكمل معي أن يستبدل تشيني ببوش في السطور التالية، فعصابة الحرب بقيادة نائب الرئيس، وهي تضم ليكوديين معروفين ولاؤهم لإسرائيل، ويسعون مع تشيني لبناء إمبراطورية أميركية تكون إسرائيل وكيلها في الشرق الأوسط. الخطأ بدأ في اليوم الأول، او صباح 11/9/2001، فالرئيس الأميركي بعد ان استجمع أعصابه، قرأ على الشعب الأميركي بياناً كتب له قال فيه:"الحرية نفسها هاجمها صباح اليوم جبان لا وجه له، وسندافع عن الحرية". منذ ذلك اليوم وحتى اليوم نسمع ان الولاياتالمتحدة هوجمت"لأنهم يكرهون حريتنا"، وليس بسبب ما ارتكبت الإدارات الأميركية المتعاقبة بحق العرب والمسلمين، ودعمها إسرائيل بالمال والسلاح لتقتل الفلسطينيين وتحتل أراضي عربية، ثم حمايتها بأربعين فيتو في مجلس الأمن ومثلها من القرارات المخففة بإصرار أميركا لتجنب الفيتو. إدارة بوش ردت على الإرهاب بمهاجمة أفغانستان وإسقاط نظام طالبان، وكان يفترض أن تواصل الحرب وتدمر القاعدة وتقتل قادتها، خصوصاً ان جورج بوش نفسه أعلن كأي كاوبوي يستحق اسمه انه يريد أسامة بن لادن"حياً أو ميتاً". وهو عندما لم يحقق هذا أو ذاك ترك إدارته تسرب ان بن لادن شخص واحد، وليس مهماً في الحرب العالمية على الإرهاب. غير ان إدارته نفسها عادت قبل ايام لتقول ان قتل بن لادن او اعتقاله أولوية أساسية. بعد الخطأ في شن نصف حرب على أفغانستان ارتكبت الإدارة الأميركية خطأ أكبر بالهجوم على العراق، في انتصار لجناح تشيني - وولفوفيتز - فايث الذي لفق أسباب الحرب، وثبت انه كذب ولم يخطئ، ومع ذلك لا يزال ديك تشيني نائباً للرئيس في حين انتقل وولفوفيتز الى أعمال أخرى، فيما دماء مليون عراقي تستصرخ الأرض والسماء طلباً للعدالة. بين أفغانستانوالعراق كانت إدارة بوش تخوض"حرباً عالمية على الإرهاب"وعندما تبين لها، وللحكومة البريطانية، ان هذه حرب لن تنتهي بنصر لعدم وجود عدو - دولة يمكن ان يهزم، أعلنت الحكومتان رسمياً الكف عن استعمال العبارة هناك مذكرة بهذا المعنى تحمل تاريخ 27/3/2007 صادرة عن لجنة القوات المسلحة في الكونغرس. وأصبح بوش يبحث عن نجاح في العراق بعد ان كان يتحدث عن نصر، وهو من الجهل ان يصدق نفسه، فقد تحدث أخيراً عن نجاح حتى والتقارير الرسمية الأميركية نفسها تتحدث عن نجاح محدود، وتبالغ هنا أيضاً، لأن القتل مستمر وكذلك التدمير، وعندما كان الرئيس بوش يرحب بتقرير بترايوس - كروكر كدليل على النجاح كان الإرهابيون يقتلون حليفه الأول في الأنبار، ليتبعه أربعة قتلى من الجنود الأميركيين في اليوم التالي، و88 عراقياً في اليوم الثالث، وعشرات العراقيين كل يوم. بعد ست سنوات من الخطأ والكذب والقتل أصبحت القاعدة موجودة في العراق حيث لم تحلم بوجود أيام صدام حسين. بل ان القاعدة أصبحت قواعد، فهناك القاعدة في بلاد الرافدين والقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. وسمعنا عن القاعدة في جزيرة العرب الا ان الأمن السعودي دمرها قبل سنتين، ولم تقم لها قائمة، فكان النجاح السعودي هو الوحيد ضد الإرهاب، مع ان عصابة الشر الأميركية ? الاسرائيلية لا تزال تشير بإصبع الاتهام الى السعوديين في مسائل الإرهاب. ان لم تكن القاعدة اليوم فكرة، فهي شركة مساهمة، وحملة الاسهم قد لا يعرفون بعضهم بعضاً، فقد اصبح الأعضاء من كل بلد في العالم، مع كثيرين اعتنقوا الاسلام، ففي المحاولة الفاشلة في ألمانيا، كان المتهمون تركياً واحداً وألمانيين اثنين، مع بعدٍ لأوزبكستان في العملية، ما يذكرنا بإرهاب مدريد ولندن، ومحاولة فاشلة في الدنمارك، ومعلومات عن استهداف إيطالياوألمانيا، وثمة معلومات من غير بلد أوروبي عن مواطنين اعتنقوا الاسلام وانضموا الى الإرهابيين. إدارة بوش ترفض ان تعترف بأنها حاربت الإرهاب حول العالم فزادته أضعافاً، وإنما تصر على الاستمرار في الخطأ، أو الكذب، فهي لا تزال تحاول أن تربط العراق بإرهاب 11/9/2001، وتتحدث عن القاعدة في بلاد الرافدين كأنها قاعدة بن لادن والظواهري وهي تعمدت الاستماع الى تقرير الجنرال ديفيد بترايوس والسفير ريان كروكر في ذكرى إرهاب القاعدة في محاولة مكشوفة للربط بين الاثنين، والنتيجة ان التقارير الرسمية الأميركية تتحدث عن تنامي قوة القاعدة. وأكمل غداً.