سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تشييع حاشد للنائب غانم و "حزب الله" يتمسك ب "تسوية تمنع الفوضى" والحريري الى واشنطن مطلع الشهر المقبل ويلتقي بوش . الجميل يربط مصير لبنان والمسيحيين بوجود رئيس ومصر ستتحرك مع السعودية وفرنسا لحماية النواب
شيّع لبنان أمس النائب أنطوان غانم الذس قضى الاربعاء الماضي بتفجير في مأتم سياسي وشعبي مهيب، في ظل حداد عام بدعوة من حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وقوى 14 آذار و "حزب الكتائب"، ووسط صيحات الغضب والألم التي أطلقها آلاف من مناصري الأكثرية ممن احتشدوا في منطقة عين الرمانة في ضاحية بيروتالشرقية. وحملوا صوره ونعشه ونعشي مرافقيه اللذين قضيا معه نهاد غريب وطوني ضو، وسط تزايد الاهتمام الدولي الذي رفعت الجريمة وتيرته، بضرورة إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده ومن دون تدخل خارجي. راجع ص 4 و5. وينتظر أن يتجلى هذا الاهتمام باللقاءات التي ستشهدها نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد يومين ويتوقع أن تمتد هذه الاتصالات على مدى الأسبوع المقبل في نيويورك. وفيما اعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في تصريح الى"الحياة"في واشنطن شكوكاً في إجراء الانتخابات في موعدها، قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إنه سيبحث مع وزراء الخارجية العرب، خصوصا نظيريه السعودي الامير سعود الفيصل، والفرنسي والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في مسألة توفير الحماية للنواب اللبنانيين للتمكن من التصويت في جلسة انتخاب الرئيس الجمهورية، معرباً في الوقت ذاته عن ضرورة"أن نكون عمليين، إذ تصعب حماية كل شخص على الأرض"، حسبما قال إلى"الحياة"في أعقاب مخاطبته"مجلس العلاقات الخارجية"في نيويورك أمس الجمعة. وأثناء اللقاء مع أعضاء المجلس في جلسة غير مغلقة، قال أبو الغيط رداً على"الحياة"إن الوضع في لبنان في أعقاب اغتيال النائب انطوان غانم وفي فترة العد العكسي إلى جلسة الانتخابات الرئاسية"محفوف بالمخاطر ويجب تناوله بحكمة... ونحن نفهم مدى خطورة الأمر". وتابع:"اننا نعمل مع السعودية وفرنسا وجامعة الدول العربية نحو صوغ موقف سنقدمه إلى الأطراف اللبنانية". وأضاف انه والأمير سعود الفيصل كوسنير وموسى سيعقدون اجتماعاً في نيويرك في 26 الشهر الجاري"لنرى إن كان في وسعنا الاتفاق على موقف"لتقديمه إلى الأطراف اللبنانية لتسوية خلافاتهم. وفي ما يتعلق بالذات بتوفير الحماية، استبعد ابو الغيط توجه آلاف القوات العربية إلى لبنان كقوة حماية أو قوة مراقبة. واشار إلى أن قوات حفظ السلام الدولية موجودة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، وأن فكرة انشاء قوات مراقبة على الحدود السورية - اللبنانية تلاقي رفض ومعارضة سورية. ولم يغلق أبو الغيط الباب على البحث في أفكار توفير الحماية، وقال:"آمل أن تكون عملية اغتيال النائب غانم العملية الأخيرة، لكنني أشك بأنها تكون الأخيرة". الى ذلك، لفتت أوساط الأممالمتحدة الى أهمية جملة في البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن ليل أول من أمس وربط بين اغتيال النائب غانم وبين الانتخابات الرئاسية. ونصت هذه الجملة على اعادة تأكيد مجلس الأمن دعوته الى"اجراء انتخابات حرة ونزيهة طبقاً للأعراف والبرامج الزمنية الدستورية ومن دون أي تدخل أجنبي وباحترام كامل لسيادة لبنان". وجاء في البيان:"عشية هذه المرحلة الحاسمة من الانتخابات الرئاسية، يشدد مجلس الأمن على ان أي محاولة لضرب استقرار لبنان، بما فيها عبر الاغتيالات السياسية و عبر أي عمل ارهابي آخر، يجب ألا يعرقل أو يعيق العملية الدستورية في لبنان". وفي بيروت، غلبت على ردود الفعل السياسية في اليوم الثالث على الجريمة، دعوات الى تفويت الفرصة على مرتكبيها الذين أرادوا إفشال محاولات التوافق بين الأكثرية والمعارضة، على رئيس جديد للجمهورية، والى الإصرار على الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري، وذلك في تصريحات ومواقف واتصالات قوى 14 آذار وبري الذي جدد تأكيده أمام زواره ان استشهاد غانم حافز للبنانيين كي يتفقوا. وأصر على عقد الجلسة الأولى للبرلمان الثلثاء المقبل، مع بدء المهلة الدستورية لانتخاب بديل الرئيس إميل لحود. كما اعتبرت قيادة"حزب الله"، على لسان رئيس كتلة"الوفاء للمقاومة"النائب محمد رعد، ان الجريمة هي"إصرار من قوى الظلم على اصطياد كل فرص التوافق وتعطيلها"، مؤكداً انها"لن تنال من التصميم على المضي في تحقيق تسوية تقطع الطريق على ما يراد للبنان من فوضى". وعلى رغم سيطرة الهاجس الأمني والخشية من اغتيالات أخرى، والتدابير الأمنية التي أخذت لحماية نواب الأكثرية التي يرى قادتها ان الهدف هو إنقاص عددها من الآن حتى انتهاء ولاية لحود في 23 تشرين الثاني نوفمبر، حضر قادة قوى 14 آذار مأتم النائب غانم ومرافقيه، الرئيس الأعلى لحزب الكتائب الرئيس السابق أمين الجميل، النائب سعد الحريري، رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"الدكتور سمير جعجع وعدد كبير من نواب الأكثرية ووزرائها وقادة الأحزاب المنضوية فيها. وبعد الصلاة الى جانب عائلات المغدورين الثلاثة، ألقى أحد المطارنة الموارنة كلمة باسم البطريرك الماروني نصر الله صفير، قال فيها:"وقع ما كان منتظراً..."، وسأل الله ان يكون الغياب المبكر لغانم"فدية لمن بقي بيننا يكافح في سبيل غد أفضل على أرض لبنان". وألقت كريمة النائب الشهيد كلمة مؤثرة، فيما كان الخطيب السياسي الوحيد الرئيس الجميل، رفيق غانم وصديقه، فتحدث من عمق الجرح الذي أصابه باغتيال نجله الوزير والنائب بيار الجميل قبل عشرة أشهر بالتمام. وقال الجميل بلهجة هادئة:"استشهادك يا أنطوان حافز جديد لإتمام الاستحقاق الرئاسي مهما كلف الأمر، ليس من باب التحدي بل من حرصي على الوحدة لأن لا وفاق إن لم يتم الاستحقاق الرئاسي". وأضاف:"استشهادك أمانة في عنق كل نائب فلا يقاطع أحد انتخاب رئيس جديد لئلا يتحمل المسؤولية أمام الشعب والوطن والتاريخ". ورأى ان استشهاد غانم"رسالة الى جامعة الدول العربية والأممالمتحدة ومجلس الأمن بأن يحموا هذا الاستحقاق الديموقراطي لينقذوا الجمهورية إذ لا جمهورية بوزراء ونواب فقط بل بوجود رمز الدولة الذي هو رئيس الجمهورية من دون سواه". ووجه الجميل كلامه الى المعارضة وزعيم ونواب كتلة العماد ميشال عون من دون تسميتهم بالقول:"شبعنا اجتهادات دستورية لا هدف منها سوى تعطيل الانتخابات الرئاسية وإنهاء دور المسيحيين على رأس الدولة ودفع البلاد نحو الفراغ"، محذراً من تقسيم لبنان. وسأل:"ألا يشعر كل نائب مسيحي يقاطع هذا الاستحقاق بأنه يعصى على نداء البطريرك والأساقفة ويخون أمانة الناخب المسيحي الذي منحه الثقة لتعزيز دور المسيحيين؟ لا يستطيع أحد ان يطالب بالمشاركة ويمارس المقاطعة". وإذ وجد المراقبون في كلام الجميل رسالة إيجابية الى بري الذي أوفد نائباً من كتلته لتمثيله في مأتم غانم، الى جانب ممثل السنيورة وسائر القيادات السياسية، علمت"الحياة"ان بري أجرى ليل أول من أمس اتصالاً بجنبلاط لتعزيته باغتيال غانم الذي كان حليفه في كتلة"اللقاء الديموقراطي"النيابية التي يرأسها. وعلم ان جنبلاط قال لبري:"الى أين سنسير بالبلد؟ وعلى كل منا ان يتحمل مسؤولية الوضع اذا كان هناك من يريد الفلتان في البلد". وعلى صعيد التحقيق، تفقد القاضي سيرج براميرتز رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، بعد ظهر امس موقع التفجير الذي اودى بحياة النائب غانم في منطقة سن الفيل شرق بيروت. وفي واشنطن أكدت مصادر رسمية أميركية ل"الحياة"امس ان رئيس"كتلة المستقبل"النائب سعد الحريري سيصل الى واشنطن في زيارة رسمية مطلع الشهر المقبل، وسيلتقي كبار المسؤولين في البيت الأبيض في مقدمهم الرئيس جورج بوش، ووزارتي الخارجية والدفاع. واعربت المصادر عن قلقها للوضع في لبنان، مشيرة الى ان الزيارة تعبير عن التزام واشنطن دعم لبنان ومؤسساته الديموقراطية، خصوصاً في هذه المرحلة ومن المقرر ان يجتمع الحريري مع قيادات في الكونغرس في الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام، وسيبحث خلالها في المستجدات اللبنانية وموضوع الاستحقاق الرئاسي. وكان الحريري زار واشنطن والتقى الرئيس بوش في كانون الثاني يناير 2006.