أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس محادثات مع الرئيس الفرنسي، في قصر الاليزيه، تناولت العلاقات الثنائية وقضايا الشرق الأوسط. وقال ساركوزي، الذي يستقبل للمرة الأولى بعد انتخابه الملك عبدالله، إن"فرنسا تريد أن تكون صديقة للمملكة العربية السعودية، وهذا خيار الماضي والحاضر والمستقبل". وأوضح الناطق باسم الرئاسة الفرنسية دافيد مارتينون أن ساركوزي استخدم كلمة"الماضي"للإشارة إلى قِدم العلاقات بين البلدين، و"لكوننا لا ننطلق اليوم من لا شيء"، مشيراً إلى العلاقة الجيدة التي ربطت الرئيس السابق جاك شيراك بالمسؤولين السعوديين. وذكر مارتينون أن ساركوزي يأمل بالحصول من خادم الحرمين على"نصائح رجل عاقل ورئيس دولة ومسؤول روحي"، وان"العالم بحاجة إلى السعودية لتجنب سوء التفاهم بين الحضارات". وأضاف أن ساركوزي استقبل الملك ببالغ السرور والاهتمام، وأن كليهما أبديا حرصاً على إرساء"علاقة ثقة وعلاقة شخصية بين رجلين ومسؤولين". وتابع أنهما اتفقا على أن تكون علاقاتهما مباشرة ومبنية على أقصى قدر من الثقة، وأن"الحرارة والمودة والتواصل الجيد"التي سادت الجلسة التي بدأت موسعة، جعلت الملك عبدالله يطلب اكمالها على انفراد بينه وبين ساركوزي. وأشار إلى أن اللقاء المنفرد استمر أكثر من 45 دقيقة، وأن مدته فاقت مدة اللقاء الموسع الذي تبعته مأدبة غداء تكريمية. وذكر مارتينون أن اللقاء المنفرد خصص لعدد من المواضيع الدولية، وهي الشرق الأوسط وسورية ولبنان وإيران، وأن اللقاء الموسع شكل مناسبة للتعبير عن رغبة بعلاقات مودة وثقة مكثفة وعلاقة شخصية وطيدة. ووصف زيارة الملك عبدالله إلى الاليزيه بأنها"يوم مهم"للبلدين، وأن ساركوزي تلقى بسرور بالغ دعوة لزيارة المملكة، وأنه يعتزم تلبيتها قبل نهاية السنة. وأشار إلى أن ساركوزي والملك عبدالله تناولا التعاون الاقتصادي من حيث المبدأ، وأن الرئيس الفرنسي أكد له رغبته بأن تكون مشاريع التعاون ذات فائدة مشتركة للبلدين، وأنهما اتفقا على تعزيز التعاون الثقافي. وعما إذا كانت المحادثات عززت قناعة فرنسا بما تقوم به من تحركات على مستوى الملفات اللبناني والإيراني وأيضاً اقليم دارفور، قال مارتينون إن المملكة قوة مهمة جداً ومؤثرة جداً في العالم العربي، وبما أن فرنسا مستمرة بحضورها في المنطقة، فإن اللقاء انطوى على الكثير من الأهمية والفائدة. وكان ساركوزي حرص على ملاقاة الملك عبدالله لدى وصوله إلى قصر الاليزيه حيث تبادلا التحية ووقفا أمام عدسات المصورين. وأعد لخادم الحرمين استقبال رسمي في باحة القصر، وهو تقليد متبع في زيارات الدولة وليس في الزيارات الرسمية. وعقب انتهاء الغداء، رافق ساركوزي ضيفه السعودي الى سيارته وتبادلا القبلات. وعندما حاول الصحافيون سؤال الملك عبدالله عن محادثاته، التفت نحوهم مبتسماً رافعاً إبهامه الى الأعلى، في مؤشر الى ارتياحه لنتائجها. وذكرت مصادر"الحياة"ان ساركوزي أبلغ الملك عبدالله لدى استقباله له انه يقدر العلاقات الاستثنائية والحارة التي كانت قائمة بينه وبين شيراك، وان علاقاته الشخصية مع شيراك معروفة، وفي ما يخصه"يود المضي بالنمط نفسه"من العلاقة مع خادم الحرمين. ونقل المصدر عن ساركوزي قوله إنه بالنسبة إلى الولاياتالمتحدة واسرائيل،"فأتمنى طبعاً علاقات جيدة معهما، ولكن هذه العلاقات لا تمنع من ان ننتقد ما ينبغي انتقاده مع هذا الطرف أو ذاك، وعلاقات الصداقة لا يمكن ان تحول دون ذلك". وأضاف ان الرئيس الفرنسي أكد حرصه على مواصلة العلاقات القديمة القائمة مع السعودية، وانها بلد له تأثير مهم جداً على المستوى السياسي والديني، وان هذا البلد يرأسه رجل عاقل قادر على لعب دور كبير لتجنب صراع الحضارات. وتابع المصدر ان ساركوزي أكد ان بلاده ايضاً ترغب بلعب دور في المنطقة، وانه يتمنى جداً العمل يداً بيد مع السعودية لتجنب أي تصادم، وانه يعتزم الاتصال باستمرار بالملك عبدالله للاستماع الى نصائحه قبل القيام بأي مبادرة في المنطقة. وذكر المصدر ان الملك عبدالله أعرب عن ارتياحه البالغ لكلام ساركوزي، وقال له أود ان اؤكد بصراحة اننا مطمئنون تماماً وان الصداقة تأخذ وقتاً عموماً، ولكن من حين الى آخر وعندما نسمع كلاماً يتجه مباشرة الى القلب، يمكن ان يكون"حب من النظرة الأولى"وهذا ما حصل. سعود الفيصل وقال الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي إن لقاء الملك عبدالله وساركوزي أدى إلى انشاء علاقة شخصية بينهما"نأمل باستمرارها بانتظام". وسُئل سعود الفيصل الذي كان يتحدث في لقاء مع صحافيين فرنسيين حضرته"الحياة"عن الفرق بين الرئيس السابق جاك شيراك وساركوزي، فأجاب:"طبعاً، لأن لكل رئيس أسلوبه الشخصي ولكن المحادثات التي جرت أمس أظهرت قناعة لدى مسؤولي البلدين باستمرار العلاقة القوية بينهما مثلما كانت في السابق ومنذ حوالي 60 عاماً". وسُئل عن الدور الإيراني في الأزمة اللبنانية، فأجاب ان بلاده ترحب بهذا الدور إذا كان قادراً على المساعدة للتوصل إلى اجماع لانتخاب رئيس جديد وتجنب أزمة تؤدي إلى فراغ دستوري. وأوضح أن إيران وعدت السعودية وفرنسا بأنها ستتحدث مع"حزب الله"لمحاولة التوصل إلى وفاق بالنسبة إلى انتخابات الرئاسة، لكن أي نتائج لم تظهر بعد. وانتقد الأمير سعود عدم تأييد الأسرة الدولية لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية، التي انشئت بعد اتفاق مكة، وقال إن الجانب السعودي حذر الأسرة الدولية من هشاشة الاتفاق ويتطلب الدعم والتأييد. ووصف اتهام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لحركة"حماس"بمحاولة قتله بأنه خطير جداً، لأن عباس قائد منتخب وشرعي. وأضاف ان الجامعة العربية تعمل بشدة لمحاولة انشاء لجنة تحقيق لتحديد ما حصل والمسؤولية عنه، مشيراً الى ضرورة العمل على تحقيق المصالحة على أمل ان يتم ذلك. وعبر ان أمله في أن يتم استخلاص الدروس مما حصل وان يتم الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية، لأن السلام ينبغي أن يكون عبارة عن رغبة وطنية ولا يمكن لشخص واحد أن يحققه.