أبدى الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس، تأييده لوزير الداخلية نيكولا ساركوزي الذي يخوض انتخابات الرئاسة مرشحاً لليمين الحاكم. ووضع شيراك في تصريح مقتضب حداً لخمس سنوات من التنافس بين "الشيراكيين" وپ"الساركوزيين". وقال شيراك في تصريحه انه ورئيس الحكومة دومينيك دو فيلبان، استقبلا ساركوزي في قصر الإليزيه وأن الأخير"أبدى لنا رغبته بمغادرة الحكومة يوم الاثنين المقبل، للتفرغ بالكامل لحملته الانتخابية، ووافقت على ذلك". وأضاف ان اللقاء شكّل بالنسبة إليه ولدو فيلبان"مناسبة لتحية ساركوزي على عمله والتزامه والنتائج التي حققها في وزارة الداخلية". وتابع انه"في ما يخص خياراتي الشخصية، فإن الأمور بسيطة وقبل خمس سنوات، أردت إنشاء الحزب من اجل الحركة الشعبية لتمكين فرنسا من اتباع سياسة حداثة". ومضى يقول ان هذا الحزب اختار دعم ترشيح ساركوزي لانتخابات الرئاسة"نظراً الى مزاياه، لذا من الطبيعي ان أقدم له صوتي ودعمي". وعقب هذا الإعلان، أبدى ساركوزي الذي شارك امس في آخر اجتماع اسبوعي للحكومة الفرنسية،"تأثره الشديد"حيال دعم شيراك له، معتبراً انه ينطوي على"أهمية على الصعيدين السياسي والشخصي". وعلى رغم ان مدير حملة ساركوزي كلود غيان أكد ان شيراك وساركوزي وضعا معاً خلال لقاء مغلق عقداه في الإليزيه الاثنين الماضي، تفاصيل الإعلان الذي جاء"مطابقاً لما ترقبناه"، فإن الانطباع السائد هو ان الرئيس الفرنسي لم يقدم سوى الحد الأدنى الممكن من الدعم لمرشح اليمين الحاكم. والواقع ان شيراك وجد نفسه الى حد ما ملزماً بتأييد ساركوزي بعدما نجح الأخير في فرض نفسه عليه مرشحاً للرئاسة وخليفة محتملاً له، بانياً حملته على القطيعة والتمايز، لجهة التوجه والأسلوب مع الرئيس الحالي. وكان ساركوزي نجح سابقاً في فرض نفسه على شيراك، رئيساً لحزب"التجمع من اجل الحركة الشعبية"ووزيراً للداخلية في آن معاً، مستغلاً هذين المنصبين، لضمان تأييد الكوادر والأطر الحزبية له وجذب الناخبين اليمينيين إليه. وتوصل ساركوزي بالفعل الى كسب تأييد الحزب لترشيحه وإلغاء أي منافسة داخلية له، كما توصل الى خفض للأعمال المخلة بالأمن بنسبة 9.8 في المئة منذ توليه وزارة الداخلية سنة 2002. لكن خصومه السياسيين في المعارضة اليسارية وأيضاً في الصف اليميني اتهموه باستغلال منصبه كوزير للداخلية، لأغراض دعائية تخدم الحلم الرئاسي الذي يتحدث عنه منذ سنوات. ويدرج هؤلاء في هذا الإطار تحركات ساركوزي وجولاته على المناطق الفرنسية، محيطاً نفسه بالمصورين والكاميرات التلفزيونية، كما يدرجون في الإطار نفسه الإرادة التي ابداها في العمل على تنظيم شؤون الإسلام في فرنسا من خلال"المجلس الفرنسي للديانة المسلمة"الذي بذل ساركوزي اقصى قدر من الضغوط وصولاً الى إنشائه. وأثار ساركوزي من خلال ادائه حفيظة الكثير من داخل اسرته السياسية، خصوصاً بسبب الضربات التي وجهها الى دو فيلبان، في مناسبات عدة منها التحركات الطالبية حول عقد الوظيفة الأولى وفضيحة"كلير ستريم"، متجاهلاً العلاقة المتينة التي ربطت الرئيس الفرنسي برئيس الحكومة الذي اعتبر في وقت من الأوقات، بمثابة وريث شرعي لشيراك. والتأييد الذي أبداه شيراك لا يغير في كونه رضخ للأمر الواقع، وأنه لا يجد في ترشيح ساركوزي لخلافته استمرارية لتوجهاته وتطلعاته لفرنسا. وليس صدفة ان يندد شيراك في مجموعة خطابات ألقاها سابقاً ويعاد نشرها غداً الجمعة بالتمييز الإيجابي الذي طالما دعا إليه ساركوزي لتحسين أوضاع الأقليات، ويؤكد انه ولد"انحرافات مريرة"في الدول التي اعتمدته.