أكد مؤسس "التيار السلفي" في لبنان، الشيخ داعي الإسلام الشهال 47 سنة ان القضاء على مجموعة "فتح الإسلام" ليس بالأمر السهل، محملاً جزءاً من المسؤولية عن الأحداث التي يشهدها شمال لبنان للسياسيين والأمنيين. وقال الشهال لپ"الحياة"ان المسؤولية عن الأحداث يتحملها"الأمنيون بقدر غير قليل. ثم يتحمل المسؤولية في درجة اكبر منهم، العلماء والدعاة والمشايخ، سواء كانوا من دائرة رسمية أو أهلية. فكثيراً ما يجاملون - وأحياناً يداهنون - أصحاب القرار من الأمنيين والسياسيين. كما يتحمل المسؤولية بدرجة أكبر، أصحاب القرار السياسي الذين كثيراً ما يطلقون العنان ويسيّرون الأجهزة الأمنية على حساب البحث عن حل حقيقي وجذري لمثل هذه الأوضاع والقضايا والجماعات. فهؤلاء مسؤوليتهم اكبر من غيرهم، لأنهم هم الذين يُفترض بهم ان يكونوا أكثر وعياً وبحثاً عن المصلحة العامة... ثم يتحمل المسؤولية كذلك، الشباب الإسلامي الذين هم في الوقت ذاته ضحايا، كونهم يتعاطون مع الواقع بهذه الطريقة التي كثيراً ما تكون على أساس رد الفعل أو الحمية المجرّدة. وأحياناً، ثمة نوع آخر من الشباب يصادم هذا النوع من الشباب، فتحدث هناك ردود فعل متبادلة من الطرفين. أي منهم ما يريد ان يسلك المسلك البارد جداً، ومنهم من يريد ان يسلك المسلك الساخن جداً. وهؤلاء ايضاً مسؤولون، لأنهم مكلّفون شرعاً، وهم في الوقت ذاته ضحايا. كل هؤلاء مسؤولون... ولكن على درجات مختلفة". وعمن بدأ المعركة اول من امس قال:"وردنا ان هؤلاء الشباب من"فتح الإسلام"أو من يتعاملون معهم، كانوا ملاحقين من الأجهزة الأمنية، ولوحقوا من الكورة الى طرابلس حيث كانوا في شققهم وحوصروا وطُلب إليهم تسليم انفسهم، فنصرتهم"فتح الإسلام"في مخيم نهر البارد. وعليه، تكون الأجهزة الأمنية تقوم بواجبها ومسؤولياتها، فيما كان من الطبيعي على الشباب - طالما هم من هذا النمط - ان يتعاملوا بهذه الطريقة. لكن يظهر ان المجموعة التي تعقّبتها الأجهزة الأمنية بتهمة سرقة مصرف في الكورة، بأنها تنتمي الى"فتح الإسلام"، او على الأقل بعض اعضاء تلك المجموعة". وعن اتصال قيادة"فتح الإسلام"به ليلاً بعد مداهمة شقة في شارع المئتين، للتوسط مع القوى الأمنية لوقف أعمال المداهمة، قال الشهال:"المسؤول العسكري في"فتح الإسلام"اتصل بي في ساعة متأخرة ليلاً. ولأنني كنت في بدايات نومي، رد بعض الأخوة، وطلب ان نتصل بالقيادة الأمنية اللبنانية لتسحب قوتها، وإلا فإن الأمر سيتصعد. فنقلنا هذه الرسالة الى المسؤولين الذين أخبرونا بأن لا مجال للتفاوض في هذا الأمر". وأوضح ان الذي اتصل بي شخص يُلقب بپ"ابو هريرة"، علماً ان القضية صعبة جداً. ومعروف ان"فتح الإسلام"لا يمكن ان تسلم عناصرها، ومعلوم بأن الأجهزة الأمنية عليها مسؤوليات يجب ان تقوم بها. لذلك ارى انه كان يجب معالجة المسألة بطريقة أفضل وأشمل، لكنه قدّر الله". وعن العلاقة التي تربطه بپ"فتح الإسلام"أشار الى"انها العلاقة التي تربطني بمصلحة البلد ككل، وهي ان أسعى بالخير لنزع أي فتيل ولتحقيق المصالح العامة". وهل التقى شاكر العبسي؟ اجاب:"نعم، التقيت به مرتين في مخيم نهر البارد. ولكنني التقيت أولاً ب"أبو هريرة"، لكونه من طرابلسلبناني. ثم التقيت العبسي في حالة تفاوض بين الحكومة اللبنانية وپ"فتح الإسلام"، قبل أشهر قليلة". ووصف العبسي بأنه"هادئ وبسيط، ولكن عنده خبرة وتجارب في الحياة. ولكن خبرته في الحياة تطغى على البساطة الظاهرة". أضاف:"لم أناقشه بالأفكار. وإنما نصحته بأمور أظن بأنها تساعده وتنفعه في مسيرة الدعوة الإسلامية اذا كان يريد ان يستمع فعلاً الى هذه النصائح". وأكد الشهال ان العبسي ظهر متجاوباً مع نصائحه، موضحاً انه نصحه"بألاّ يتعجل وألاّ يقوم بأي خطوة عسكرية أو أمنية في لبنان، لأنه يضر... بالطائفة السنية خصوصاً". وأشار الى معلومات عن ان نية"فتح الإسلام"كانت القيام بأعمال مثل ضرب قوات"اليونيفيل"في الجنوب"، وقال:"يظهر ان العبسي يمول نفسه بنفسه، وهو قال لي أنه يستدين... ومن خلال المصارف التي يسطو عليها". وأعرب الشهال عن اعتقاده بأن العبسي"لا يرتبط تنظيمياً أو عضوياً أو ولاء لأي جهة، وربما موضوع السطو على المصارف دلالة على ذلك". وأوضح أن أفراد مجموعته ليسوا جميعاً فلسطينيين، ولم يستبعد ان يكون هناك"تقاطع فكري او سياسي مع اطراف فلسطينية أو سورية، في شأن طبيعة التعاطي مع الوضع في لبنان، لذلك كان تركيزنا على ضرورة الانتباه من ان يصبح لبنان ساحة صراع... ويصبح البلد بكامله فوضى في فوضى". ونفى الشهال أي ارتباط للعبسي مع تنظيم"القاعدة"من دون ان يستبعد وجود قواسم مشتركة معه. وعن جنسيات عناصر"فتح الإسلام"، قال:"هناك خليجيون ويمنيون ومغاربة وجزائريون، إضافة إلى اللبنانيين والسوريين طبعاً"، معتبراً ان استقطاب هؤلاء"يدل على فراغ الساحة الإسلامية... بفعل إقصاء أهل العلم والدعوة بطريقة أو بأخرى". وعن تهديد"فتح الإسلام"بپ"فتح نار جهنم على لبنان"، قال الشهال:"أظن ان تهديدهم جدي، لكن هل يستطيعون ذلك؟ فهذا أمر آخر"، مؤكداً انهم"ليسوا بالأمر السهل، وليسوا مجرد مجموعة يُقضى عليها وينتهي الأمر". واختتم واصفاً وضع الساحة الإسلامية في طرابلس والشمال عموماً بأنه"مزر وصعب ومملوء بالألغام، ويحتاج الى علاج من جوانب شتى. والعمل العسكري والأمني ليس هو الحل المناسب... والتطرف لا يقتصر على بعض الجماعات الإسلامية، بل ايضاً هناك تطرف وغلو عند بعض السياسيين والأمنيين في لبنان".