يبدي اساتذة مدارس ابتدائية وطلابها يتوجهون يومياً الى منطقة الاعظمية السنية تذمرا من "الحاجز الامني" مؤكدين انه يزيد من تعقيدات حركة تنقلاتهم التي تُربكها الاوضاع الامنية اصلاً وبعدما اصبح المنفذ الرئيسي لسكان المنطقة للخروج والدخول عند ساحة عنتر. وقالت سجى عبدالله 39 عاماً المدرسة في الاعظمية ان الجدار"يشكل عائقاً امام تنقل السكان خصوصاً التلاميذ الاطفال الذين اصبح عليهم الآن السير مئات الامتار بعدما كانت مدارسهم على مسافة قريبة جداً من منازلهم". من جهته، قال محمد محمود 42 عاما، وهو يصطحب احد ابنائه من المدرسة، ان الجدار"لا يعالج الاوضاع الامنية بقدر ما يشكل عازلاً بين الناس وعامل تفرقة بين سكان بغداد". واضاف ان"متاعب كثيرة يتحملها الناس بسبب هذا الجدار الذي لا مبرر له". ووقف عشرات التلاميذ، الذين لا تتجاوز اعمارهم الاثني عشر عاماً، في طابور مواز لطريق المرور السريع للوصول الى منازلهم او حيث ينتظرهم ذووهم على امتداد الطريق. ومنذ العاشر من نيسان ابريل الجاري، بدأت القوات الاميركية اقامة جدار بطول 5 كلم من كتل الاسمنت المسلح تزن الواحدة منها اكثر من ستة اطنان بارتفاع خمسة امتار، حول منطقة الاعظمية. ويقول الجيش الاميركي ان الهدف من السور منع المقاتلين الشيعة من تنفيذ اعتداءات تهدف الى اجبار السنة في المنطقة على الرحيل، وكذلك منع المسلحين السنة من استخدام المنطقة لتنفيذ اعتداءات في الاحياء الشيعية المجاورة. من جهتها، قالت ندى عبدالكريم 31 عاما ان"الاطفال يتحملون مصاعب كبيرة وكثيرة للوصول الى مدارسهم". واضافت مشيرة الى ممرات ضيقة باتت الطريق الاوحد للاطفال ان"معظم اطفالنا ارغموا على السير الى جانب الجدار واحياناً في الطريق الرئيسي حيث تمر السيارات مسرعة للوصول الى مدارسهم والعودة منها". وتساءل رائد خالد 27 عاما سائق سيارة اجرة عن"جدوى الجدار الذي بات حاجزاً يرغم الناس على المرور عبر طريق واحد ضيق يقصده المئات من سكان الاعظمية للدخول والخروج منها". وقال ان"الاختناق المروري عند المدخل قد يؤدي الى حوادث امنية تودي بأبرياء لا ذنب لهم". وحول الجدوى الامنية لبناء الجدار، قال عدنان صالح 53 عاما وهو متقاعد ان"المشاكل الناجمة عن الجدار اكثر من منافعه ... المسلحون معروفون وهم قلة مقارنة بسكان بغداد ويريد هؤلاء ارغامنا على دفع ثمن جرائم يرتكبها غيرنا". واضاف"على الحكومة والجهات الامنية والاميركيين البحث عن المجرمين قبل وضع الابرياء في السجون". ويثير تشييد الجدار الامني جدلا حادا. فقد طالب رئيس الوزراء نوري المالكي في القاهرة مساء الاحد بوقف عملية بناء الجدار الامني حول منطقة الاعظمية وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى"اعترضت على بناء سور الاعظمية وسيتوقف بناؤه". لكن المتحدث باسم خطة امن بغداد العميد قاسم عطا اكد الاثنين ان بناء"الحواجز الامنية في الاعظمية ومناطق اخرى سيستمر". وقال"الحقيقة ان الحاجز الامني في الاعظمية تم تضخيمه من قبل وسائل الاعلام وتوقعنا ردود فعل من بعض ضعاف النفوس لإثارة زوبعة اعلامية بهدف عرقلة الخطة الامنية". واضاف عطا"قررنا بناء حواجز امنية موقتة تم وضعها بطريقة غير ثابتة لتكون قابلة للنقل وبدأنا انشاء هذه الحواجز في مناطق عدة من بغداد مثل الزعفرانية والبياع جنوب والشعلة والاعظمية شمال والبلديات شرق ومناطق اخرى". وقال عطا ان"الحواجز الامنية تكون على شاكلة خنادق او اسلاك شائكة وسواتر ترابية او كتل اسمنتية هذه الامور معمول بها حاليا في جميع انحاء العالم وتسمى السياج الامني وهدفها الحفاظ على المواطنين وليس عرقلة حركتهم". وتظاهر مئات من سكان منطقة الاعظمية الاثنين احتجاجاً على الجدار الامني الذي يفصلهم عن ثلاثة احياء شيعية مجاورة. وتجمع المئات امام مسجد الامام ابو حنيفة النعمان، اكبر مساجد بغداد، قبل ان ينطلقوا باتجاه المقبرة الملكية ورفعوا لافتات كتب عليها"لا للجدار الصفوي"و"اهالي الاعظمية يرفضون جدار العزل". كما رددوا هتافات عدة بينها"لا للاحتلال الاميركي والاسرائيلي والايراني"و"لا للسجن الكبير"ورفعوا شعارات باسم"حزب البعث العربي الاشتراكي".