تسود أوساط حملتي مرشح اليمين الحاكم وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي والمرشحة الاشتراكية سيغولين رويال، حالاً من التوتر البالغ، في ضوء استطلاعات للرأي تعكس صعوداً بارزاً في شعبية مرشح اليمين ? الوسط فرنسوا بايرو لدى الناخبين الفرنسيين. وأفاد آخر هذه الاستطلاعات الذي أُجري لحساب إذاعة"مونتي كارلو"، ان بايرو لا يشكل خطراً على المرشحة الاشتراكية بل انه قادر على هزم ساركوزي والفوز بالرئاسة. وأظهر الاستطلاع ان بايرو الذي يمثل التنامي المستمر في شعبيته، مفاجأة في الحملة الانتخابية، سيهزم ساركوزي في الجولة الانتخابية الثانية في مطلع أيار مايو المقبل، ويحصل على 55 في المئة من الأصوات، ويهزم رويال بحصوله على 52 في المئة. وتقترن هذه الاستطلاعات، مع مظاهر ترحيب وتأييد عارمة يلقاها بايرو في جولاته على المناطق الفرنسية، وآخرها جولة قام بها اول من امس في ضاحية سان ساندونيه التي تدافع شبابها للاقتراب منه ومصافحته، في حين تعذّر حتى الآن على ساركوزي وضع اللمسات الأخيرة على الجولة التي يعتزم القيام بها منذ اسابيع الى ضاحية أرجونتوي. وعلى رغم ان كلاً من أوساط ساركوزي ورويال تتصرف كما لو ان تقدم شعبية بايرو لا يمثل خطراً على مرشحها بل على مرشح الطرف الآخر، فإن التعليقات التي صدرت عن كليهما امس، تعبّر بوضوح عن استيائهما من هذا المرشح الذي لم يحسبا له أي حساب في بداية الحملة اذ لم تكن شعبيته تتعدى نسبة 10 في المئة. ورأى الوزير الاشتراكي السابق دومينيك شتروس كان ان ترشيح بايرو ونمو شعبيته هو من قبيل"الوهم المطلق"، فيما حاول رئيس الحكومة الاشتراكي السابق لوران فابيوس اتهامه بالخداع على مواقفه الوسطية، بقوله ان الاشتراكيين"يواجهون خصمين يمينيين". ولم تكن التعليقات الصادرة عن اليمين الحاكم اكثر رقة، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة الفرنسية جان فرنسوا كوبيه ان بايرو"غاطس في إبهام لا مثيل له"على صعيد مواقفه. وما يزيد من التعقيدات التي بات يمثلها بايرو بالنسبة الى مرشحي اليمين واليسار على حد سواء، العنصر المستجد لدى الرأي العام الفرنسي والذي لم يعد يتردد في إبداء خيبته ورفضه للتناوب التقليدي على الحكم بين اليمين واليسار. وأفادت دراسة أجراها معهد البحوث السياسي لدى كلية العلوم السياسية الشهيرة"سيانس بو"ان 61 في المئة من الفرنسيين لا يثقون لا باليمين ولا باليسار، وأن 46 في المئة منهم لم يختاروا حتى الآن المرشح الذي سيصوتون له في الدورة الاولى من الانتخابات في 22 نيسان ابريل المقبل. وقد يكون من بين العناصر التي ساهمت في نمو شعبية بايرو، إدراكه لاستياء الفرنسيين الذين خبروا على مدى سنوات طويلة أداء اليمين وأداء اليسار ولم يجدوا في أي منهما علاجاً مغرياً لأوضاعهم. وبالتالي فإن طروحاته الوسطية، المعتدلة، وتعهده بالعمل مع العناصر اليمينية الجيدة والعناصر اليسارية الجيدة، تشكل صيغة لم يعد من مانع لدى الفرنسيين من اختبارها. وكل هذا يحمل ساركوزي ورويال على العمل كل من جانبه على إعادة تركيز حملته سعياً الى إضفاء نفس جديد عليها، وتطويق بايرو وقطع الطريق عليه في إطار حملة بدا لفترة من الوقت انها مقتصرة عليهما في شكل أساس.