هل تكون مفاجأة انتخابات الرئاسة الفرنسية صعود مرشح ثالث، رئيس حزب "الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية" فرانسوا بايرو الذي يمثل يمين الوسط؟ كثيرون في فرنسا لا يريدون التصويت لمرشحة الحزب الاشتراكي المعارض سيغولين رويال، لأنها غير مقنعة ولا قادرة برأيهم على ان تصبح رئيسة لفرنسا. وكثيرون ايضاً لا يحبون مرشح حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"اليمين الحاكم نيكولا ساركوزي لأنه انفعالي وتتميز مواقفه برأيهم بشيء من التطرف. وتظهر استطلاعات الرأي، تصاعداً في نسب تأييد بايرو الذي يجذب اليه المترددين غير الراغبين بتأييد ساركوزي أو رويال. فهل يستطيع ان يتغلب على أحد المرشحين الاساسيين؟ أفادت الاستطلاعات الأخيرة ان بايرو يمكن أن يحصل على حوالي 16 في المئة في الدورة الأولى للانتخابات، وهو يتقدم على مرشح"الجبهة الوطنية"الفرنسية اليمين المتطرف جان ماري لوبن. فمن هو بايرو؟ انه وجه غير معروف دولياً باستثناء اسرائيل، إذ أنه على غرار ساركوزي، صديق وفي للدولة العبرية ومؤيد لسياساتها. لكنه يختلف عن ساركوزي، اذ يعتمد الأخير كلياً على تحالفه مع الولاياتالمتحدة. وبايرو ايد كلياً موقف الرئيس جاك شيراك من عدم المشاركة في الحرب الاميركية على العراق، وانتقد موقف ساركوزي الذي أطلقه خلال زيارته الأخيرة الى الولاياتالمتحدة، حين اعتذر باسم فرنسا عن عدم التضامن مع الاميركيين. وبايرو مقتنع ان بإمكانه الوصول الى الرئاسة ومشروعه الداخلي قائم على ضرورة كسر وتيرة التناوب على الحكم المستمرة بين اليسار الاشتراكي واليمين الديغولي، والتعامل مع أفضل العناصر من كلا الحزبين. وهو يؤكد ان بإمكانه تعيين رئيس حكومة اشتراكي من أمثال الوزراء السابقين برنار كوشنير أو دومينيك شتراوس كان، وهو في الوقت ذاته يؤيد علناً أداء الوزير الحالي للشؤون الاجتماعية جان لوي بورلو. كما يطمح الى كسب أصوات الاشتراكيين الذين لا يؤيدون رويال وهم كثر، ليكون العائق الأفضل أمام فوز ساركوزي. وبايرو على قناعة بأنه لن يكون ضعيفاً مثل الوزير السابق جان بيار شوفينمان، الذي كان في موقع الرجل الثالث في حملة الرئاسة التي أدت الى انتخاب الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، وان امامه فرصة في الوصول الى الرئاسة. وعلى رغم كونه غير معروف دولياً لأنه لم ينشط على هذا المستوى، فإنه أوروبي التوجه، لكن شخصيته تفتقر الى الجاذبية الكاريزما. وكان بايرو تصدى لمحاولة المقربين من شيراك جمع كل اليمين تحت مظلة حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"، فرفض ذلك واحتفظ برئاسة حزبه. وهو يراهن اليوم على انهيار ساركوزي ورويال، لأنه يعتبر ان أياً منهما ليس قادراً على توحيد صفه. وينقل عن وزير سابق مقرب من الرئيس الراحل فرانسوا ميتران قوله انه اتصل يوماً ببايرو، ليقول له ان ميتران أبلغه قبل اسابيع من وفاته أن بايرو سيكون رئيساً للجمهورية يوماً ما. فهل يحقق بايرو هذا التوقع؟ من السابق لأوانه التكهن بذلك، لأن ساركوزي ما زال يتصدر استطلاعات الرأي وشيراك لم يقل كلمته الأخيرة بعد. وتأييد شيراك لساركوزي، اذا حصل، قد يغير معطيات الحملة الانتخابية. لأن شبكات شيراك الشعبية واسعة وباستطاعته تغيير المعادلة لصالح المرشح الذي يدعمه وكذلك الأمر إذا قرر العدول عن دعم أي من المرشحين.