بعد 60 سنة على حصول المرأة الفرنسية على حقها في الاقتراع، حل زمن النساء في فرنسا مع احتمال وصول"الجنس الضعيف"الى سدة الرئاسة الفرنسية. ووفقاً لمجلة"لونوفيل اوبسرفاتور"، لم يعد هذا حلماً، فسنة 2007 قد تشهد انتخاب أول امرأة رئيسة للجمهورية، المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال. إلا أن الرهان مفتوح ولا شيء حتى الآن يؤكد فوزها على مرشح اليمين الحاكم، وزير الداخلية نيكولا ساركوزي. والأمر المؤكد الآن هو أن المرشحة الاشتراكية، النائبة والوزيرة السابقة في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، التي تبلغ 53 عاماً، هي المرشحة الوحيدة لحزبها. والأمر الثاني الذي أصبح شبه مؤكد، ولو أن هناك تساؤلات حول بعض خصوم ساركوزي اليمينيين، هو أنه بدأ يحقق تدريجياً التفاف وتوحد "بارونات" اليمين من حوله. فرئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران، انضم الى ساركوزي وأيد ترشيحه، في حين أن رئيس الحكومة السابق وعمدة مدينة بوردو آلان جوبيه، الذي يعد من أهم عناصر الحزب نظراً لمكانته داخله، خاطب ساركوزي ايجابياً خلال مؤتمر عقده الأخير في بوردو. فلم يعلن جوبيه عن تأييده الصريح لساركوزي أو عن انضمامه اليه بشكل واضح، لكنه تحدث إليه بأسلوب ايجابي، خال من كل نقد. أما رئيس الحكومة الحالي دومينيك دوفيلبان، فهو حسب مصادر مطلعة، لا يبوح بما سيفعله وما إذا سيرشح نفسه للرئاسة أم لا. لكن البعض يرجح عدم تمكنه من الانضمام الى ساركوزي حتى في حال عدم إعلانه لترشيحه. لكن المحتمل أن يتحالف معه إذا رأى انه ليس من مصلحته ان يرشح نفسه، والتحالف يختلف عن الانضمام، إذ يدفع المؤيدين للاصطفاف وراء المرشح. والرهان في اليمين على الانقسام كبير. فرئيس حزب"الاتحاد من أجل الديموقراطية الفرنسية"فرانسوا بايدو الذي أعلن ترشيحه للرئاسة، لا يمكن أن ينضم الى ساركوزي. ووزيرة الدفاع ميشيل اليوماري لم تعلن بعد عن نيتها بعدم ترشيح نفسها علماً بأن لديها مؤيدين في اليمين الفرنسي الحاكم. والرهان مفتوح في الصف اليميني خصوصاً أن الرئيس جاك شيراك لم يكشف بعد عن نيته وما إذا كان يعتزم ترشيح نفسه لولاية رئاسية ثالثة، علماً بأن هذا من حقه دستورياً. وتشير التوقعات الى أنه لن يخوض الانتخابات الرئاسية، إذا بقيت استطلاعات الرأي كما هي الآن لغير صالحه. وهناك مقولة سائدة في فرنسا، مفادها ان شيراك لن يدعم ساركوزي مفضلاً فوز رويال بحيث يعود جوبيه الأكثر قرباً منه ليتولى رئاسة حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"بدلاً من ساركوزي ويخوض معركة الرئاسة بعد خمس سنوات. إلا أن هذه المقولة مبنية على تحليلات ولا تستند لمعلومات دقيقة، لأن شيراك لم يكشف لأحد عما يريده. وبعض من يعرفه يراهن بالنهاية على دعمه لساركوزي، الذي يؤكد حتى الآن أنه ليس مدعوماً من أسرته السياسية. والصورة لا تزال غير واضحة، بالنسبة لمن سيكون رئيساً لفرنسا في الربيع المقبل، خصوصاً أن هناك تساؤلات حول كيفية تجيير أصوات"الجبهة الوطنية الفرنسية"التي يترأسها جان ماري لوبن. وهناك استطلاع للرأي يقول انه اذا حصل ساركوزي على 35 بالمئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات في 22 نيسان ابريل المقبل، فإنه سيكون بحاجة الى خمسين في المئة من الأصوات للفوز في الدورة الثانية في شهر أيار مايو، وهذا يتوقف على كيفية تجيير الجبهة الوطنية لأصوات مؤيديها، لصالحه أو لصالح رويال، خصوصاً أن في الجبهة يساريين سابقين. وفي حال فوز رويال، فمن المتوقع أن تتسم السياسة الخارجية بالاستمرارية مقارنة بالسياسة الحالية، لكن الأمر يختلف بالنسبة إلى الوضع الداخلي والضرائب. فهناك تخوف دائم من احتمال إقدام الاشتراكيين في حال فوزهم على زيادة الضرائب، مما يحث الأثرياء والشركات على الهرب الى الخارج، كما يحث الشباب الباحث عن عمل الى مغادرة البلاد. فهناك الآن حوالى ستمئة ألف فرنسي يعملون في بريطانيا وايرلندا، لأن ظروف العمل أفضل مما هي عليه في فرنسا، حيث نسبة الضرائب تعد الأكثر ارتفاعاً في أوروبا. أما إذا أصبح ساركوزي رئيساً، فسياسته الخارجية ستكون أكثر ارتكازاً على التحالف مع الولاياتالمتحدة، والمزيد من التقرب من إسرائيل، وهو كثيراً ما يردد مدى حرصه على أمن إسرائيل كونها دولة صغيرة محاطة بدول معادية لها. وسيكون ساركوزي أكثر حزماً تجاه"حزب الله"وحركة"حماس"، لكنه على الصعيد الفرنسي الداخلي، سيمضي في سياسة اليمين الساعية للتخفيف من وطأة الضرائب ودفع عجلة الاقتصاد الحر الذي يصعب احلاله في فرنسا نظراً الى قوة ضغط النقابات والشارع، حفاظاً على مكاسب اجتماعية، يبدو من الصعب جداً المساس بها وتعديلها من أجل المزيد من التحرر الاقتصادي. فسنة 2007 في فرنسا سنة انتخابية، وأياً كان الفائز فيها فإن الشعب الفرنسي سيعترف بأن شيراك كان شخصية رئاسية بارزة يصعب خلافتها على الصعيد الدولي.