"سيغولين رويال لا تعرف بالمسائل الدولية ولا خبرة ديبلوماسية لديها"، بهذه الكلمات وصفها منافسها على الترشيح للرئاسة الوزير الاشتراكي السابق دومينيك شتراوس كان، الذي كان يدلي بانطباعاته الشخصية عن منافسته أمام عدد من ضيوف الافطار الذي أقامه سفير المغرب لدى فرنسا، حيث رافقت شتراوس كان زوجته النجمة التلفزيونية آن سان كلير. وهناك ثلاثة مرشحين اشتراكيين لانتخابات الرئاسة المقررة في ايار مايو المقبل، والثالث هو رئيس الحكومة السابق لوران فابيوس، الذي يوصف بالابن الروحي للرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران، لكن حظه أقل من حظ رويال، في الفوز بترشيح الحزب الاشتراكي. وصحيح ان خبرة رويال محدودة في العلاقات الدولية، لكنها قد تكون أفضل من خصميها الآخرين بالنسبة الى القضايا العربية. فشتراوس كان وفابيوس تربطهما علاقة وثيقة باسرائيل، علماً بأن زوجة شتراوس كان، هي من أشد المناضلين والمؤيدين لاسرائيل وسياستها. وعندما شغل شتراوس كان منصب وزير الصناعة في عهد ميتران، فإنه هو الذي اثناه عن ادخال الجانب السعودي شريكاً في شبكات تكرير نفط فرنسية"تخوفاً من مشاركة عربية في مصالح فرنسية استراتيجية". اما رويال التي تسميها الصحافة الفرنسية"سيغو"فهي فعلا تفتقر للخبرة في المجال الدولي لكن شريك حياتها الامين العام للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند، الذي ينقل عنه أنه سيتخلى عن منصبه على رأس الحزب في حال فوزها بالرئاسة، فيبقى الى جانبها لإرشادها في المسائل الدولية. ولدى هولاند خبرة واسعة في العلاقات الدولية، ومواقفه من الصراع الاسرائيلي الفلسطيني ولبنان والعالم العربي متماشية مع سياسة فرنسا ومصالحها، مثلما وصفها الرئيس الراحل شارل ديغول. وقد تحيط"سيغو"نفسها بفريق من النواب الاشتراكيين المؤيدين لها، ولديهم خبرة بالديبلوماسية والعلاقات الدولية مثل رئيس الحكومة السابق بيار موروا او الأمين العام السابق لقصر الرئاسة في عهد ميتران جان لوي بيانكو. و"سيغو"هي الأوفر حظاً للفوز بالترشيح الاشتراكي، وانتخابها للرئاسة يمثل سابقة تجعل منها أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ فرنسا. أما بالنسبة الى اليمين وحزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"الحاكم، الذي يرأسه وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، فإنه يعمل منذ مدة طويلة مدفوعاً بحلم الفوز بالرئاسة. و"ساركو"، وهي أيضاً كنية أطلقها عليه الإعلام الفرنسي مستعجل لخوض هذه الانتخابات ويريد أن يسمع من الرئيس جاك شيراك أنه لا يعتزم ترشيح نفسه لولاية ثالثة وهذا من حقه دستورياً، وكان شيراك وعد بالبوح عن نياته في الربع الأول من السنة المقبلة. ولدى"ساركو"شعبية واسعة في الحزب الحاكم، ولديه شبكاته الخاصة، لكن اسلوبه في التعامل يثير مخاوف البعض. فهو وزير اساسي في حكومة دومينيك دوفيلبان، الذي يعد ابن شيراك الروحي، ومحور حملة ساركوزي هو"القطيعة مع سياسة الماضي"، أي سياسة شيراك والحكومة الحالية. لكن السؤال: كيف سيقنع الفرنسيين أنه سيتبع فعلاً سياسة مختلفة، رغم أنه يشغل منذ أكثر من سنتين مناصب وزارية اساسية، إن كانت الداخلية أو الاقتصاد والمال؟ وكيف يقنع"ساركو"الناخب الفرنسي أنه يريد القطيعة مع الماضي، بعد أن أسرع الى انتقاد دوفيلبان عندما حاول اعتماد القانون حول عقد الوظيفة الأولى، الذي نص على قطيعة فعلية مع الماضي من أجل زيادة فرص العمل؟ فعندما شعر"ساركو"أن الرأي العام ليس مع دوفيلبان عمل على انتقاده. ولا شك أن ساركو ماهر في توسيع شبكاته الإعلامية، فأصدقاؤه كثر بين مالكي الصحف والوسائل الإعلامية التلفزيونية والإذاعية. ومن الزيارات الأولى التي قام بها الى الخارج في إطار حملته، التي بدأها منذ سنوات، كانت زيارته الى إسرائيل ثم الى الولاياتالمتحدة أخيراً، حيث التقى الرئيس جورج بوش واعتذر له عن"غطرسة فرنسا"وسياستها التي عارضت التدخل الأميركي في العراق. و"ساركو"وحده الآن يقوم بحملة من اجل انتخابات الرئاسة في صف اليمين الحاكم، فيما دوفيلبان مستمر في عمله الحكومي ويعطي الانطباع بأن هناك وحدة حال داخل هذا الصف. ورغم كل ما يقال، لا تزال أمام دوفيلبان حظوظ قائمة، لخوض المعركة الرئاسية. فهو مارس عمله بنجاح، ويمتلك مواصفات رجل الدولة التي لا يشك بها أحد على الصعيد الدولي. وفي السياسة الفرنسية، فإن المفاجآت كثيراً ما تناقض استطلاعات الرأي. ومن السابق لأوانه القول إن ساركوزي سيكون وحده مرشح اليمين للرئاسة، كما من السابق لأوانه اخراج شيراك من الحملة الرئاسية أو استبعاد ترشيح دوفيلبان. فالصورة لدى اليمين الحاكم غير واضحة حتى الآن علماً أن الشعب الفرنسي، منذ عهد ميتران، تعود على التناوب، الذي قد يحمله ربما على انتخاب المرشحة الاشتراكية رئيسة له.