متاعب ساركوزي لا تنتهي والأخبار السيئة تقض مضجعه كل يوم، فقد استفاق على خبر فقدان فرنسا لتصنيفها الممتاز وما سيتركه ذلك من آثار على الاقتصاد الفرنسي، موضوع كان الرئيس الفرنسي قد وضعه ضمن أولوياته قبل ثلاثة أشهر أي منذ بدء تحذيرات «ستاندر أن بورز»، إضافة إلى معدلات البطالة التي بلغت أرقاما قياسية في بلاده، عوامل دفعت تزاحم المرشحين من اليمين ومن يمين الوسط وصعود المرشح الوسطي «فرانسوا بايرو» ومرشحة اليمين المتطرف «مارين لوبان» واستطلاعات الرأي لا تمنح ساركوزي سوى ثلاثة وعشرين في المائة فقط، فهل يأمل في الفوز ولماذا لم يعلن عن ترشحه حتى الآن؟ وزير الاقتصاد في حكومته فرانسوا باروان أكد أن ترشيح نيكولا ساركوزي لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية أمر مؤكد لا شك فيه. وقال باروان لشبكة تلفزيون «اي تيلي»، «إذا كان السؤال: هل هناك من شك حول ترشيح نيكولا ساركوزي، فالجواب هو لا»، معتبرا أن اللحظة التي سيختارها ساركوزي لإعلان ترشيحه «ستكون اللحظة الصائبة لأنها ستكون لحظته». وأضاف «يتعين التحلي بالبرودة والكثير من الهدوء»، مذكرا بأنه «عايش أربع حملات انتخابات رئاسية» وأنه كان «في قلب إحداها متحدثا باسم (جاك) شيراك» في 1995. و في المقابل تتمدد عضلات خصمه الاشتراكي فرانسوا هولاند متخذا منعطفا يساريا قويا في مهرجان عرض برنامجه الاقتصادي المؤلف من 60 بابا، والذي يمكن اختصاره بأن «الأثرياء سوف يدفعون»، مبررا بأن هؤلاء «هم الذين استفادوا طوال خمس سنين من حكم ساركوزي، وحصلوا على العديد من الهدايا الضرائبية». وشرح هولاند في خطابه الانتخابي الذي أعاد فيه التذكير بأنه «وريث لفرانسوا ميتران»، الذي تحدث سابقا عن «قوة المال الواجب دحرها». ولكن هذا التوجه وإن كان يرضي جناحه اليساري فهو يضع المرشح أمام تناقضات كبيرة، أهمها أن معظم منظري برنامجه يتناسون بأن وزراء ميتران الاشتراكيين هم من ساهم في الثمانينيات ب«رسملة الاقتصاد الفرنسي»، لحاقا بتوجه مارغريت تاتشر، الذي فرض تغييرات هيكلية على الاقتصاد البريطاني، نظر إليها وزراء ميتران على أنها التوجه الجديد لما بعد الحداثة الاقتصادية. وأمام الاثنين يأتي صعود مرشح الوسط فرنسوا بايرو الذي يزعج فرانسوا هولاند في الحزب الاشتراكي اليساري والذي حاول استدراجه بتغيير اللهجة وطلب من أنصاره التركيز على ما يسمونه غموض برنامجه الانتخابي. أما داخل الحزب الساركوزي الاتحاد من أجل حركة شعبية فإن الوضع أكثر تعقيدا، حيث أنصار ساركوزي لا يتجرؤون على نسف برنامجه لأنهم يعولون على أصواته في الجولة الثانية، ويفضلون توخي طريق التهدئة معه. ومن هنا يأتي التركيز على أن بايرو شغل سابقا منصب وزير ثلاث مرات وأنه ساند دائما البناء الأوروبي وفضله على المصلحة الوطنية.، وبقي على بايرو أن يشق طريقه دون أن يبالي بالحساسيات اليمينية واليسارية.