بدأت بعض منظمات الاغاثة الغربية التي خرجت من العراق في السنوات القليلة الماضية في العودة بحذر، موازنة بين المخاطر التي قد يتعرض لها طاقمها والأرواح التي يمكنها انقاذها. وقال كسرى مفرح، المدير التنفيذي للجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق، إن"المخاطر ما زالت كبيرة، لكن في الوقت الراهن نحتاج إلى عمليات إنقاذ للحياة". وأقامت منظمات غير حكومية مثل"أطباء بلا حدود"و"لجنة الاغاثة الدولية"، مكاتب في مناطق أكثر أمناً في شمال العراق هذا العام بعد انسحابها من البلاد في وقت سابق. وقالت ميليسا وينكلر، الناطقة باسم لجنة الاغاثة الدولية، إن"الوضع الأمني ما زال صعباً". لكنها أضافت:"شعرنا بالتزام بالعودة والاستجابة للأزمة الانسانية المتصاعدة". وفي دولة مزقها الصراع الطائفي يتوخى عمال الإغاثة الحذر. فقد قتل 94 على الأقل منهم منذ الغزو الذي قادته الولاياتالمتحدة عام 2003. وما زالت التفجيرات وعمليات الخطف مستمرة على رغم انحسار العنف بدرجة كبيرة في الأشهر القليلة الماضية. ويقول عمال الاغاثة إنه على رغم تحسن الوضع الأمني، فإن الأزمة الانسانية وصلت"إلى درجة الغليان". وتحصي الأممالمتحدة 2.3 مليون نازح عراقي داخل البلاد يجاهدون للحصول على طعام وعمل ورعاية صحية. ويحتاج نحو أربعة ملايين لمساعدات غذائية، فطفل واحد فقط من بين كل ثلاثة أطفال تحت سن الخامسة يمكنه الوصول الى مصدر لماء الشرب النقي. وفي حين يعيش 43 في المئة من العراقيين حالياً في فقر مدقع، أشارت منظمات الاغاثة في تقرير حديث الى ان المساعدات الانسانية من كبار المانحين انخفضت بنسبة 47 في المئة في الفترة بين 2003 و2005. وقالت لجنة تنسيق المنظمات إن أكثر من ثلثي منظمات الاغاثة التي كانت عام 2003، غادرت البلاد وكثير منها على عجل بعد تهديد طواقمها الأجنبية والمحلية. ودمرت قنبلة مكتب الأممالمتحدة في بغداد في آب اغسطس عام 2003، ما أسفر عن مقتل 22 شخصاً بينهم رئيس البعثة سيرجيو فييرا دو ميلو. وبعد شهرين قصف مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العاصمة. وأصبح العاملون هدفاً. في عام 2004 خطفت مارغريت حسن، وهي موظفة بريطانية - عراقية في منظمة"كير"ومقرها الولاياتالمتحدة وقتلت. ورد بعض المنظمات بسحب العاملين الأجانب وتغيير مواقع مراكزه الى الشمال الكردي أو الأردن، وقرر بعضها الآخر عدم بدء مشاريع مستقبلية أو أوقف العمل في العراق تماماً. وقالت وينكلر:"العمل الذي كنا نتمكن من القيام به لا يبرر مستوى المخاطر التي يتعرض لها طاقمنا، أحدهم اختطف واحتجز عشرة أيام والآخر قتل في قصف". وغادرت لجنة الاغاثة الدولية العراق عام 2005. ومنذ ذلك الحين قام بعض المنظمات بعمل ما في وسعه عن بعد. ومنظمة خدمات الاغاثة الكاثوليكية ومقرها الولاياتالمتحدة التي اغلقت مكتبها في العراق عام 2004 واحدة من عدد من المنظمات التي تساعد نحو مليوني لاجئ عراقي يعيشون في الدول المجاورة. وتساعد كذلك المنظمات في العراق التي توفر الامصال والغذاء الى جانب أشياء أخرى للأطفال والأمهات المحتاجين. وتورد"أطباء بلا حدود"الامدادات الى مستشفيات بغداد وتعطي دورات تدريبية في الخارج للأطباء العراقيين لعلاج حالات الطوارئ. وقالت مليكة سيم من"أطباء بلا حدود":"لا يرضينا هذا الاسلوب لأن العراق يشهد واحدة من الأزمات الإنسانية الرئيسية". وتحاول"أطباء بلا حدود"تغيير ذلك. في تموز يوليو بدأت المنظمة، ومقرها باريس، عمليات في مدينة السليمانية الكردية لعلاج ضحايا الحرائق والصدمات. وقالت سيم:"من المستحيل الحصول على ضمان بالسلامة الكاملة، غير ان تطور الوضع الأمني يشير الى إمكان التفاوض على مكان للعمل". وتمركزت منظمات أخرى مثل"ميرسي كوربس"، ومقرها الولاياتالمتحدة، في العراق ونقلت مسؤوليات العمل الميداني إلى طاقم عراقي. وتتخذ المنظمة السليمانية مقراً لها، لكنها تمكنت من الابقاء على مشاريع في مختلف أرجاء العراق بطاقم يضم نحو 150 عاملاً منهم نحو 12 أجنبياً.