صرحت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس بعد وصولها بُعيد ظهر امس الى لندن، حيث ستلتقي العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني لمطالبته بدعم المؤتمر الدولي، بأن المحادثات التي أجرتها في الشرق الاوسط كانت"مشجعة"بالرغم من"التوتر"القائم بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وقالت للصحافيين الذين يرافقونها في الطائرة التي كانت تقلها من تل أبيب ولندن حيث تختتم جولة استمرت تسعة ايام وشملت موسكووالقدس والقاهرة، ان"فريقي التفاوض جديان، الناس جديون والمسائل مهمة. ولا اعتبر بالتالي من المفاجئ وجود توتر أو حصول تقلبات... كل هذا طبيعي في مسار كهذا. لكن ما سمعته مشجع". وأشارت رايس الى ان الطرفين لم يبدآ بعد بصوغ الوثيقة المشتركة التي ينويان تقديمها الى هذا الاجتماع لكي تكون أساسا تنطلق منه المفاوضات الرسمية. وقالت:"لست ادري متى سيكتبون كل شيء. يريدون قبلا اجراء مفاوضات بين مندوبين"، قبل ان تحاول التخفيف من حجم التوقعات في شأن مضمون هذه الوثيقة التي يسعى الفلسطينيون الى تفصيلها، في حين يريد الاسرائيليون ابقاءها غامضة قدر الامكان. واضافت:"حتى ان كانت الوثيقة مهمة في الاشارة الى النيات، فإن فكرة وجوب ان تكون ... محددة جدا في المسائل كافة ليست ما يبحثون عنه". وقبل ان تغادر رايس الاراضي الفلسطينية، قررت ارسال مبعوث جديد هو مستشار الامن القومي ستيف هادلي للعمل على تقليص الهوة الكبيرة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي ومحاولة التوصل الى"الوثيقة السياسية". وقال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض الدكتور صائب عريقات ان هادلي سيصل الى البلاد الاسبوع المقبل وسيعقد لقاء مع الرئيس محمود عباس الخميس المقبل. وابلغت رايس الجانبين انها ستعود ثانية مطلع الشهر المقبل للاطلاع على مجريات المفاوضات وما تم انجازه، وانها لن تحدد موعد المؤتمر قبل ان ترى"الدخان الأبيض"يخرج من لقاءاتهما التفاوضية. وقال مسؤول فلسطيني رفيع ل"الحياة"ان رايس أظهرت انحيازا واضحا للموقف الاسرائيلي، مشيرا الى انها ابلغت عباس ان رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت غير قادر في هذه المرحلة على التوصل الى اتفاق يتضمن مطالب الفلسطينيين في دولة مستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، واقرار حق العودة للاجئين، وسقفا زمنيا لمفاوضات الوضع النهائي التي تعقب المؤتمر. واشار الى ان رايس طلبت من عباس اتفاقا عاما يتحدث عن دولة فلسطينية مستقلة من دون ذكر الحدود، وعن اقامة عاصمة لهذه الدولة في الاحياء العربية في القدس من دون ذكر القدسالشرقية، واصرت على عدم ذكر موضوع اللاجئين في الوثيقة وتركه الى مفاوضات الوضع النهائي التي تعقب المؤتمر. وقالت مصادر مطلعة ان عباس قرر تغيير الخطاب الاعلامي في شأن"مؤتمر الخريف"من لغة التفاؤل الى لغة أكثر واقعية. وكان عباس صرح غير مرة عقب لقاءاته السابقة مع أولمرت انه"متفائل"في شأن فرص التوصل الى اتفاق. ويستبعد مساعدو عباس وجود فرص للتوصل الى اتفاق جدي مع اسرائيل في هذه المرحلة. ونظرا الى سعة الهوة بين الجانبين، فإنهما يتجنبان عقد المزيد من اللقاءات التفاوضية الرسمية. لكن مصادر عديدة تشير الى ان رئيس الوفد الفلسطيني احمد قريع يعقد لقاءات مع مسؤولين اسرائيليين لهذا الغرض. وقال عريقات إن الجانبين"لم يمسكا بعد ورقة وقلما لصوغ حتى كلمة واحدة"، مشيرا الى حجم الهوة بينهما. وأضاف في مؤتمر صحافي امس في رام الله:"المسألة اليوم ليست مسألة مفاوضات، بل مسألة قرارات"، مشيرا الى وجود ركام كبير من الاوراق التفاوضية الرسمية وغير الرسمية في أدراج مكاتب الجانبين تنتظر قرارا اسرائيليا. وأوضح:"الاسرائيليون يعلمون ان الفلسطينيين لن يقبلوا دولة ذات حدود موقتة، او اتفاق اوسلو ثانيا"، مضيفا:"عباس واضح، يريد وثيقة سياسية على القضايا الاساسية، وثيقة وليس اتفاقا او معاهدة سلام، ويريد تطبيق المرحلة الاولى من خريطة الطريق". وتابع:"علينا مسؤوليات في المرحلة الاولى من خريطة الطريق مسؤوليات امنية ومستعدون للقيام بها، وعلى اسرائيل التزامات يتوجب عليها القيام بها، وهي وقف الاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي، وإزالة البؤر الاستيطانية التي اقيمت منذ عام 2001، وإعادة الامور الى ما كانت عليه قبل اندلاع الانتفاضة في ايلول سبتمبر عام 2000". وقال إن رايس"أبلغت عباس أن إدارتها ستبذل جهودا مكثفة في المرحلة المقبلة من اجل مساعدة الطرفين على التوصل الى اتفاق، وانها لن تقدم اي اقتراحات في هذه المرحلة".