يفتتح الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الإليزيه اليوم، منتدى"حوار الشعوب والثقافات"الذي ينعقد على مدى ثلاثة أيام في مركز المؤتمرات الدولية في باريس، بمشاركة أكثر من مئتين من الشخصيات الفاعلة في المجتمع المدني في الشرق الأوسط ومن ضمنه الخليج وأوروبا. وتتوج الندوة سنة من الإعداد تولاه السفير الفرنسي جان كاج هوتزينغر، بتكليف من شيراك الذي طالما اعتبر ان التحاور بين المجتمعات، ضروري في ظل العولمة ويسمح بتفادي، ما يسميه"بصدام الجهل"الناجم عن عدم فهم حساسيات الآخر وقيمه. وتعتبر باريس ان مثل هذا الحوار ينطوي على أهمية ملحة في منطقة مثل الشرق الأوسط التي تشهد صراعاً يشكل جوهر عدم استقرار ويغذي الحقد والشعور بالغبن لدى سكانها. كما ان الحوار شديد الأهمية في ظل العولمة، وينبغي ألا يظل مقتصراً على النخبة المعتادة على النقاش والتبادل، بل تعزيزه بين أشخاص يشكلون صلب المجتمع وغير معتادين على مثل هذا التبادل. ولذلك راعى الجانب الفرنسي الذي شارك في ترتيب اجتماعات المنتدى بالتعاون مع تركيا وإسبانيا اللتين أطلقتا"تحالف الحضارات، وبدعم من مصر وپ"المؤسسة الأوروبية - المتوسطية أنا ليند"للحوار بين الثقافات، على إشراك شخصيات من آفاق مختلفة في أعمال المنتدى.ومن المرتقب ان يشدد شيراك في كلمته الافتتاحية على ان حوار الثقافات يمر أولاً عبر السلام المنبثق عن تفاوض مدعوم من الأسرة الدولية وأيضاً عبر التخلص من عادة جهل الآخر ورفضه. وسيؤكد الرئيس الفرنسي ايضاً مبدأ المساواة بين الثقافات على اختلافها وكونية القيم وصيانة تعدديتها، تجنباً للأحادية الثقافية، كما يلفت الى ان المضي في منطق الحرب وعدم الاعتراف بالآخر لا يوصل الى أي مكان. ولدى التشكيك في جدوى مثل هذه المنتديات في ظل مراوحة الأزمات في المنطقة مكانها وتفاقم الاحتقان لدى شعوبها، تساءل مصدر مطلع على الإعداد للمنتدى، عما اذا كان ينبغي الاكتفاء بتكتيف الأيدي وترك الحقد وعدم الفهم على مداهما. وأكد مصدر آخر انه روعي على صعيد توجيه الدعوات الى المشاركين في المنتدى، ان تكون المشاركة شمولية الى أقصى حد ممكن، من دون استبعاد شخصيات من أصحاب الميول الإسلامية المعروفة والتي ستشارك في أعمال المنتدى. ولن يكتفي المنتدى باجتماعاته التي تعقد في باريس وتتناول مواضيع عدة منها الشروخ الثقافية والذاكرات وصيانة التراثات والتحديث الاجتماعي والأديان والمجتمعات والصور والكتابة، بل ستستمد الاتصالات بين مكوناته على مدى سنة تتخللها اجتماعات تعقد في اشبيلية لتقويم ما أنجز من تقدم واجتماعات ختامية في الاسكندرية. ومن المرتقب ان تنجم عن هذا النشاط عدد من المشاريع المشتركة والملموسة، منها مثلاً العمل على صوغ كتب تاريخ مشتركة والإعداد لصيغة من الانتاج المشترك في الحقل التلفزيوني. الحضور الخليجي وفيما شدد مصدر مطلع على ان الحضور الخليجي، أساسي خلال المنتدى، فإنه أشار الى أن عدم دعوة إيران الى المنتدى شكل محوراً لنقاش مستفيض، ثم التوصل في أعقابه الى استنتاج مفاده ان جمع الدول العربية والخليجية مع الاسرائيليين، يمثل عملية معقدة بحد ذاتها في الظرف الحالي وان شخصيات ايرانية قد تنضم لاحقاً الى المنتدى.