أثار قرار رئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت تعيين لجنتين لفحص"الثغرات وأوجه القصور"في الحرب على لبنان، على الصعيدين السياسي والعسكري، ردود فعل غاضبة من مختلف احزاب المعارضة ومن اعضاء في حزب العمل"الشريك الأبرز"لاولمرت في الائتلاف الحكومي. في المقابل وقف حزب"كديما"الحاكم وراء قرار زعيمه عدم تعيين لجنة تحقيق رسمية برئاسة قاض، وأجهض رئيس لجنة الخارجية والأمن البرلمانية تصويتاً اراده اعضاؤها على قرار يدعو الى تشكيل لجنة تحقيق رسمية. واتفقت الردود الغاضبة على انه من غير الممكن للجنة عينها اولمرت ان تحقق معه في قصور المستوى السياسي فضلاً عن ان صلاحيات كل من اللجنتين"محدودة"واستنتاجاتها"لا تُعتبر توصيات ملزمة"ما يفقدها"الأسنان"وبالتالي ثقة الجمهور بعملها وموضوعيتها. ورأى معلقون ان ما يعني اولمرت اساساً الآن هو موقف الرأي العام الاسرائيلي الذي سيظهر في الاستطلاع القريب معولاً على دعم قراره ما من شأنه ان يُخفف من حدة انتقاد الساسة والنشاطات الاحتجاجية التي يقودها الجنود في الاحتياط الذين يطالبون تحديداً بتنحي اولمرت ووزير الدفاع عمير بيرتس ورئيس هيئة أركان الجيش الجنرال دان حالوتس قبل تعيين اي لجنة تحقيق، والحركة"من اجل نزاهة الحكم"التي تطالب بلجنة تحقيق رسمية. وسرت انباء امس عن احتمال ان يُعلن بيرتس باسم وزراء"العمل"تأييده للجنة تحقيق رسمية وعدم الاكتفاء باللجنتين اللتين عينهما اولمرت. ويستهدف وزير الدفاع، من خطوة كهذه، ان يتجاوب مع رغبة قطاعات واسعة في الشارع الاسرائيلي تطالب بلجنة تحقيق فيظهر كمن يتحلى بالمسؤولية ولا يخشى نتائج التحقيق معه فيسجل نقاطاً لمصلحته والحزب تحسن من مكانته الشعبية. وفي حال أقدم بيرتس على خطوة كهذه فإنه سيُسبب الاحراج لاولمرت ويهدد بعدم توافر غالبية في الحكومة تؤيد قراره تشكيل اللجنتين ما ينذر بأزمة ائتلافية. لكن حتى اذا لم يجرؤ بيرتس على خطوة كهذه فان وزراء ونواب حزبه اعلنوا امس معارضتهم قرار اولمرت وطالبوا باقامة لجنة تحقيق رسمية. مناورة قذرة وكان اولمرت تلقى صفعة من"المراقب العام للدولة"ميخا لندنشتراوس الذي اصدر بيانا، رداً على طلب اولمرت منه فحص وضع الجبهة الداخلية خلال الحرب، جاء فيه"ان المراقب لا يعمل بإمرة احد وانه صاحب القرار في فحص ما يراه مستوجباً من دون تدخل اية جهة خارجية". وأعلن الجنود في الاحتياط الذين يواصلون اعتصامهم قبالة مكتب اولمرت ان قرار الأخير عدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية"مناورة قذرة"واعلنوا مواصلتهم معركتهم، على رغم العدد الضئيل من المشاركين في نشاطاتهم اليومية. ووصف المنتقدون قرار اولمرت تعيين اللجنتين"محاولة للتهرب وللتغطية"و"مسخرة"و"استهتارا بعقول الناس"و"ورقة تين"فضلاً عن انها محاولة مكشوفة لتحميل القيادة العسكرية وحدها مسؤولية الاخفاقات. اما المؤيدون، وبينهم معلقون بارزون امثال زئيف شيف ويوئيل ماركوس هآرتس وناحوم بارنياع يديعوت أحرونوت، فبرروا موقفهم بأن لجنة رسمية ستشل الحياة في الدولة لفترة طويلة لأنها ستبحث عن رؤوس تدفع الثمن ما سيضطر هذه الرؤوس الى الانشغال عن تصريف امور الدولة وتنهمك في توفير دفوع مرافعة. ورأى ماركوس ان لا حاجة للجنة تبحث عن قطع الرؤوس"لأن رؤوس الحكومة الحالية والجيش ستسقط قبل نهاية ولايتها بعدما تلمس ان الجمهور فقد ثقته بها". من جهته كتب شيف ان اللجنتين، اللتين عينهما اولمرت، لا ينبغي ان تبحثا عن"قطف رؤوس"انما عن سبر غور الحقيقة والكشف عن اوجه القصور والمسؤولين عنه"بهدف التصحيح والاستعداد لما هو آت". وزاد انه ينبغي على اسرائيل ان تطلع دولاً صديقة ديموقراطية على جانب من الاستنتاجات"لأن الحديث هو عن مواجهة دولية آخذة في التطور وليس عن حرب اقليمية". وأيد بارنياع قرار اولمرت على رغم اعتباره"لجنة الفحص"التي عينها لجنة من الدرجة الثالثة من حيث أهميتها. ورأى المعلق ان من الأجدر ان يحاسب الاسرائيليون اركان الحكومة في صناديق الاقتراع وليس عبر لجنة تحقيق رسمية. وأضاف ان الانتقاد الأهم الذي ينبغي ان يوجه الى اولمرت ليس على تهربه من تشكيل لجنة تحقيق انما اساساً لتملصه من اتخاذ القرار السياسي المناسب بعد الحرب مستفيدا من عِبرها. واضاف ان اولمرت ارتكب خطأ عندما عين بيرتس وزيراً للدفاع وهرشزون وزيراً للمال وكلاهما ليس أهلا للمنصبين. وختم متسائلاً"اذا كان اولمرت ليس قادراً على إحداث تغيير في حكومته فكيف سيكون قادرا على تصحيح العيوب التي تكشفت في الحرب، ومن هنا تبدأ مشكلة القيادة عنده". "خطاب الندم" الى ذلك تناول معلقون خطاب اولمرت اول من امس في حيفا الذي عدد فيه انجازات الحرب. ورأوا ان الثقة المفرطة بالنفس التي ظهر بها رئيس الوزراء مردها"خطاب الندم"الذي جاء في تصريحات الأمين العام ل"حزب الله"حسن نصرالله لقناة"نيو تي في"اللبنانية. وكتب نداف ايال في"معاريف"انه لو كانت الأمور على ما يرام لكانت ثمة حاجة ليبعث اولمرت بباقة من الورد الى نصرالله مرفقة ببطاقة شكر،"اذ ساعده الأخير وساعد حكومته اكثر من أي مستشار استراتيجي آخر". واضاف انه من الآن وحتى الانتخابات المقبلة سيكون بمقدور اولمرت وبيرتس ان يكررا، في حديثهما للاسرائيليين عن الحرب على لبنان"الندم المجلجل"الذي أبداه نصراالله. واعتبر الكاتب ان تصريحات نصرالله مهدت الأرضية لقرار اولمرت عدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية. وكتبت معلقة الشؤون الحزبية في"يديعوت أحرونوت"سيما كدمون ان"الآية انقلبت"اذ ان من توقع خطاب انتصار حصل على مقابلة تضمنت اعترافاً بالخطأ ومن انتظر من رئيس الوزراء الاسرائيلي شرحاً وتبريراً حصل على خطاب النصر. واتفق المعلقان على ان خطاب اولمرت كان ممتازاً ومقنعاً"قدم فيه لائحة الدفاع مستعيناً بأقوال نصرالله انه ما كان ليقوم بخطف الجنديين لو توقع الرد الاسرائيلي، ما يعني انه خرج من المعركة خاسراً فيما اسرائيل رابحة... وهكذا اختزل الطريق امام اولمرت ليعرض انجازات الحرب". ++++++++++++