تتزايد المؤشرات في اسرائيل الى ان العمر السياسي لوزير الدفاع زعيم حزب "العمل" عمير بيرتس يوشك على بلوغ نهايته، وان الرجل أصبح في حكم المغادر ولم يتبق سوى اقرار الأمر رسميا في الانتخابات المقبلة على زعامة الحزب في 28 ايار مايو المقبل. وأوحت مقالات لصحافيين بارزين عاودوا أمس فجأة الحديث عن اداء بيرتس في وزارة الدفاع، أن وراءها رئيس الحكومة ايهود اولمرت او اوساطه القريبة التي تشاركه في تخبطاته في سبل"التخلص"من بيرتس وزيرا للدفاع لقناعته بأن من شأن تعيين جنرال في الاحتياط في هذا المنصب أن يحسن صورته في نظر الاسرائيليين الذين، وفقا لاستطلاع نشرته"يديعوت أحرونوت"أمس، ما زالوا يرون وجوب استبدال اولمرت بمن هو أكفأ منه ويشيرون أساسا الى زعيم"ليكود"اليميني بنيامين نتانياهو كأفضل مرشح للمنصب الأرفع في الدولة العبرية. وأكدت نتائج الاستطلاع ان بقاء بيرتس على رأس"العمل"سيودي بالحزب الى الهاوية، فيما استبداله بأي من منافسيه الثلاثة على الزعامة، رئيس جهاز الأمن العام شاباك السابق عامي ايالون او رئيس الحكومة السابق ايهود باراك او الوزير السابق اوفير بينيس، سيعزز مكانة الحزب. لكن اللافت انه في كل الأحوال سيكون حزب"ليكود"الفائز الأول في انتخابات عامة لو جرت اليوم، رغم الفارق في عدد المقاعد البرلمانية التي يحصل عليها، والمتعلق اساسا بهوية زعيم"العمل"، كل هذا في مقابل تراجع أكيد في شعبية حزب"كديما"الحاكم. بيرتس سيخسر زعامة"العمل" وتوقع الاستطلاع ان يفوز"ليكود"ب32 مقعدا برلمانيا من مجموع 120 12 في الكنيست الحالية، في مقابل 18 مقعدا لحزب"كديما"بزعامة اولمرت 29 حاليا، و12 فقط لحزب"العمل"في حال بقي بيرتس زعيما له 19 حاليا. ويحصل الحزب مع ايالون رئيسا على 23 مقعدا في مقابل 28 ل"ليكود"و13 ل"كديما". ومع بينيس يحصل"العمل"على 21 مقعدا في مقابل 26 ل"ليكود"و18 ل"كديما". اما مع باراك، فيحصل"العمل"على 20 مقعدا في مقابل 30 ل"ليكود"و16 ل"كديما". ولا يطرأ تغيير جدي على توزيع باقي المقاعد على الأحزاب الأخرى الممثلة في الكنيست باستثناء انهيار حزب"المتقاعدين"المتمثل حاليا بسبعة مقاعد، ما يعني في كل الأحوال ان الغالبية في البرلمان الجديد ستكون لليمين الاسرائيلي بزعامة نتانياهو. وبحسب الاستطلاع ذاته، أعلن 36 في المئة من مصوتي حزب"العمل"انهم سيختارون ايالون زعيما للحزب، تلاه باراك 23 في المئة، وبينيس 18 في المئة، ورئيس جهاز"موساد"سابقا داني ياتوم 11 في المئة، ثم في المرتبة الأخيرة بيرتس 6 في المئة فقط. نتانياهو وباراك ومن المفارقات التي تنعكس في نتائج الاستطلاع ان"أزمة القيادة"التي يتحدث عنها الاسرائيليون وعدم رضاهم عن قطبي الحكومة الحالية، اولمرت وبيرتس، بعثت الروح في نتانياهو وباراك اللذين كانا حتى الحرب الأخيرة على لبنان"مثالا للفشل"في نظر الاسرائيليين الذين خبروهما في رئاسة الحكومة فجاءت خيبتهم كبيرة على قدر التوقعات منهما، لكن نتائج الحرب دفعت بهم الى الحنين الى أيام نتانياهو وباراك. وتعتبر المعلقة في الشؤون الحزبية في"يديعوت أحرونوت"سيما كدمون ان نتائج الاستطلاع تعكس حيرة وارتباك الاسرائيليين الذين يرون ان مكانة رئيس حكومتهم اولمرت ووزير الدفاع فيها بيرتس بلغت حضيضا غير مسبوق. فبحسب الاستطلاع، منح 72 منهم رئيس الحكومة العلامة التقديرية"ليس جيدا"على ادائه، ولم يصفه ب"جيد جدا"سوى 4 في المئة فقط. اما بيرتس، فيرى 8 في المئة فقط من الاسرائيليين انه أهل لمنصب رئيس الحكومة. وينعكس ارتباك الاسرائيليين في أجوبتهم على القضايا السياسية، اذ قال 70 في المئة منهم انهم لا يثقون بأن الرئيس بشار الأسد يريد فعلا السلام مع اسرائيل، لكن 67 في المئة يؤيدون استئناف المفاوضات مع دمشق، وفي الوقت ذاته يعلن 66 في المئة معارضتهم اعادة الجولان المحتل الى أصحابه حتى في اطار اتفاق سلام. "بيرتس الحاضر الغائب" الى ذلك، يثير سيل من المقالات المنشورة في الصحف العبرية امس عن أهلية بيرتس لمنصب وزير الدفاع، تساؤلات عن توقيت النشر وما اذا كان الاعلام الاسرائيلي قرر شن حملة واسعة تضطر بيرتس الى الاستقالة. وشحذ أبرز المعلقين في"يديعوت أحرونوت"ناحوم بارنياع قلمه ليعنون مقاله الاسبوعي ب"وزير الدفاع الذي لم يكن"، وكتب ان جوا من الاحباط الشديد يعم قيادة الجيش الاسرائيلي، وانه بينما تعيش المؤسسة الأمنية احدى أصعب الفترات في تاريخها منتظرة نتائج التحقيق في فشل الحرب على لبنان، فإن وزير الدفاع الذي يفترض ان يستخلص العبر من تقارير ستقدمها نحو 50 لجنة تحقيق، غارق في المعركة على تنسيب أعضاء جدد لحزب"العمل"عشية انتخابات زعامة الحزب. واضاف انه بناء للمعلومات التي في حوزته عن اداء وزير الدفاع أثناء مداولات المؤسسة العسكرية في قضايا امنية حساسة وحاسمة، يبدو بيرتس"غائبا - حاضرا"اذ يقضي وقته متثائبا مرهقا غير ملم بما يدور. ونقل عن احد الوزراء ان بيرتس ينام أحيانا أثناء المداولات. وزاد المعلق ان بيرتس لا يبدي اهتماما خاصا بمراجعة تقارير استخبارية، خلافاً لسابقيه الذين قضوا ساعات يوميا في قراءتها. واضاف انه بينما تمسك وزراء الدفاع السابقون بالمنصب لأنهم عشقوه، فإن بيرتس تمسك بالمنصب لاقتناعه بأنه من دونه سيخسر المعركة على قيادة حزب"العمل". ولاحظ بارنياع ان الشخصيات الأجنبية التي تزور اسرائيل توصلت هي الأخرى الى استنتاج بأن بيرتس، الذي شدها فور انتخابه وتشكيل الحكومة الجديدة بصفته زعيما سابقا لنقابة العمال يحمل أفكارا حمائمية، لا يملك سوى خطاب محدد، ومجرد كلام من دون أفعال، ما حدا ببعضها مثل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في زيارتها الأخيرة لاسرائيل الى استثنائه من لقاءاتها. وحذر الكاتب من ان بيرتس في وضعه الحالي وقضاء معظم وقته في المعركة من أجل البقاء زعيما للحزب بالتوازي مع بقائه وزيرا للدفاع، سيخسر في نهاية الامر المنصبين. وكتب معلق الشؤون الحزبية في"هآرتس"يوسي فرطر في مقاله الأسبوعي كلاما مماثلا معتمدا هو ايضا على مصادره في وزارة الدفاع. وقال ان بيرتس يولي الشؤون الحزبية أهمية قصوى على حساب المسائل الامنية، و"كثيرا ما يكون حاضرا مداولات لقادة الأجهزة الأمنية، لكن بجسده فقط وليس بذهنه". وزاد ان رئيس الحكومة ما زال يبحث عن"المعادلة السحرية"التي تمكنه من استبدال بيرتس بالجنرال باراك من دون ان يتسبب ذلك في انسحاب"العمل"بايعاز من زعيمه الحالي، من الائتلاف الحكومي. واضاف ان نجاح اولمرت في مهمته ستوفر له سنة من الهدوء، اذ ان من شأن"التخلص"من بيرتس وتعيين باراك ان يأتيا ايضا بقائد جديد للجيش يحل محل دان حالوتس،"ما يسهل على اولمرت مهمته اثناء استجواب لجنة التحقيق في نتائج الحرب له"، أي انه سيكون بمقدوره الاشارة الى ان الوزير وقائد الجيش الجديدين سيصححان كل الأخطاء.