شهدت بغداد أمس، قبل 48 ساعة من طرح بنود"مبادرة المصالحة الوطنية"التي سيُطلقها رئيس الوزراء نوري المالكي غداً الاحد في جلسة مجلس النواب،"اختبار قوة"واشتباكات شوارع عنيفة بين"مقاتلين سنة"وميليشيا"جيش المهدي"التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر في شوارع عدة من العاصمة دفعت رئيس الوزراء الى إعلان حالة الطوارئ وحظر للتجول استمر لساعات في وقت سقط 33 قتيلاً في سلسلة هجمات، بينها تفجيران انتحاريان احدهما في مكان قريب من الموقع الذي قُتل فيه"ابو مصعب الزرقاوي". راجع ص 2 و3 و4 ووقفت العاصمة العراقية امس على حافة"حرب اهلية"وانهيار خطتها الامنية بتفجر مواجهات ذات ابعاد طائفية اعقبت وجوداً، لا سابق له، لعناصر"جيش المهدي"في شوارع العاصمة في وقت خرج"مسلحون"في احياء سنية لمهاجمة قوى الجيش والشرطة ما استدعى حكومة المالكي، المشغولة بالبحث في الخلافات بين القوى الشريكة فيها على بنود مشروع المصالحة الوطنية، الى اعلان حظر شامل للتجول للسيطرة على الموقف. ثم عادت وتراجعت عنه بعد جهود امنية وسياسية ودينية للتهدئة خلصت الى انهاء الحظر قبل 12 ساعة من موعده الاول. وانتشر المئات من عناصر الميليشيا الشيعية في ساعات مبكرة من الصباح في شوارع بغداد بحجة تأمين طريق وصول آلاف المصلين من مدينة الصدر الى جامع براثا الى الشمال الغربي، منها استجابة لدعوة اطلقها الصدر الخميس لصلاة جماعية للسنة والشيعة في الجامع الشيعي الذي تعرض قبل اسبوع لهجوم انتحاري اودى بحياة العشرات من المصلين. وقال مصدر أمني ل"الحياة"ان الوجود الكثيف للميليشيا التي يتهمها زعماء سنة بتنفيذ عمليات اغتيال بين الاهالي، اثار حفيظة سكان في الاحياء السنية وشجع مسلحين ومقاتلين في المناطق التي مرت في شوارعها جموع كانت تريد الوصول الى جامع براثا تحت حماية مشددة الى شن هجمات بقنابل يدوية. وانطلقت المواجهات الاولى في منطقة الفضل وسط بغداد وامتدت لاحقاً الى شارع حيفا والرحمانية عندما هاجم مسلحون بقنابل يدوية سيارات للمصلين الشيعة احترقت واحدة منها وقتل ثلاثة اشخاص داخلها واصيب ثلاثة آخرون بجروح. وقال اللواء مهدي صبيح قائد الشرطة الوطنية ل"الحياة"ان الاحداث المتتابعة التي شهدتها بغداد امس اقتضت معالجة سريعة باعلان حظر للتجول تم التراجع عنه بعد تهدئة الموقف. واشار الى ان وجود مسلحين مستعدين لمهاجمة المصلين المتوجهين الى جامع براثا استدعى تدخلاً من القوى الامنية التي عالجت الموقف قبل تفاقمه. ولم تكن احداث شارع حيفا الوحيدة في بغداد امس. اذ اشتبك مسلحون مع وحدة للحرس الوطني في منطقة السفينة في الاعظمية بعد رواج اشاعات تتحدث عن نزول"جيش المهدي"الى شوارع بغداد بينما هاجم مسلحون آخرون دوريات لقوات حفظ النظام في منطقة الدورة جنوببغداد ما ادى الى مقتل احد عناصر الشرطة واصابة آخرين بجروح. وتمت السيطرة على الموقف بعد اتصالات اجراها رجال دين سنة وشيعة هدفت الى تجنب تفاقم الاحداث، كما اتصل رئيس الوزراء العراقي مع عدد من القيادات السياسية السنية والشيعية للغرض نفسه. وقالت مصادر ل"الحياة"ان قوى سياسية سنية اشترطت انسحاب ميليشيا"جيش المهدي"التي انتشرت بكثافة منذ الصباح في احياء شارع فلسطين والمستنصرية والقاهرة والشعب والوزيرية وباب المعظم والطالبية وجميعها في جانب الرصافة، كشرط لانسحاب المسلحين السنة الذين كانوا يهدفون الى مهاجمة"جيش المهدي". وتأتي الاحداث بعد يومين من اختطاف مسلحين مجهولين عشرات من العمال الشيعة في معمل تابع لوزارة الصناعة في منطقة التاجي شمال بغداد، عثر على جثث بعضهم واطلاق سراح آخرين ولا يزال مصير عدد آخر مجهولاً. وتُعد مواجهات امس الاولى بعد الاحداث التي اعقبت تفجيرات سامراء في دلالاتها الى شكل المواجهة الطائفية المحتمل حدوثها في العاصمة والاماكن المرشحة للتفجر فيها والحساسيات التي افرزتها احداث سامراء وتداعياتها بين المسلحين السنة وعناصر"جيش المهدي"الذي كان متحالفاً ابان احداث النجف اواسط العام 2004 مع مجموعات مسلحة سنية. وكان المكتب الاعلامي لرئيس الوزراء اعلن عزم المالكي تقديم مشروعه للمصالحة الوطنية غداً الاحد فيما اشارت تسريبات رسمية ل"الحياة" ان المشروع سيتضمن خطوات اهمها الحوار مع المسلحين وحل الميليشيات وتنفيذ تدابير لتهدئة الاحتقان الطائفي. وذكرت صحيفة"التايمز"اللندنية امس أن السفير الأميركي في بغداد زلماي خليل زاد والرئيس العراقي جلال طالباني استخدما سياسة"الجزرة والعصا"لاقناع المسلحين السنة بالجلوس الى طاولة المفاوضات، خصوصاً عبر التهديد بالنفوذ الايراني المتنامي في العراق، وقال خليل زاد للصحيفة:"ابلغت السنة الذين يشكون إلي من إيران ان بعض الأمور التي يفعلونها مثل القتال والتمرد يخدم المصالح الايرانية". من جهة ثانية انهى الرئيس العراقي السابق صدام حسين وعدد من معاونيه المعتقلين معه في سجن مطار بغداد الذي تديره القوات الاميركية، اضراباً عن الطعام بدأوه الاربعاء احتجاجاً على مقتل المحامي خميس العبيدي احد أعضاء هيئة فريق الدفاع.