أكد مستشار الرئيس جورج بوش لشؤون الأمن القومي ستيفن هادلي ان العراقيين وصلوا الى"حافة الهاوية"، بعدما اتسع نطاق الانتقامات الطائفية، اثر تفجير مقام الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، معرباً عن أمله بأن يستغلوا هذا الحادث لتشكيل حكومة وحدة وطنية، خصوصاً انهم دانوا هذه الجريمة. في غضون ذلك، وقع الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر أمس"ميثاق شرف"مع"هيئة علماء المسلمين"يحرم دم المسلمين ويتعهد الطرفان بموجبه عدم الاعتداء على دور العبادة. وتعهد الزعماء الدينيون والسياسيون خلال اجتماع عقدوه في بيت رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري العمل على تهدئة الوضع و"إعادة المساجد الى اصحابها وحمايتها". وعلى رغم تراجع حدة العنف، وأجواء التهدئة التي سادت العراق خلال اليومين الماضيين، قتل 26 مدنياً وجنديان اميركيان ووقعت اشتباكات في عدد من احياء بغداد على رغم حظر التجول. والى تصريحات هادلي التي أدلى بها الى شبكة"سي بي اس"كشفت مجلة"تايم"الأميركية في عددها الصادر اليوم أن مسؤولاً أميركياً يعمل في مكافحة الارهاب علق على الأحداث الدموية التي أعقبت تفجير سامراء الأربعاء الماضي، بالقول إن"أبواب الجحيم ستفتح في العراق". كما نقل مصدر قريب من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني عن الأخير أن الوضع في العراق بات"لا يحتمل"، لأن من الصعب جداً"السيطرة على الشارع". وصرح مسؤول رفيع المستوى سابقاً في ادارة الرئيس جورج بوش بأن هذه الأحداث عرقلت الخطط الأميركية لخفض عديد القوات هذا العام، لأن وجودها وحده يحول دون اندلاع حرب أهلية. وفي إطار التهدئة، قال الجعفري في مؤتمر صحافي في بغداد بعد اجتماع مع قادة الكتل السياسية ان زعماء التيارات السياسية"أكدوا وجوب اجراء تحقيق في الاعتقالات، وإعادة المساجد الى اصحابها وإعمارها وإدانة ما حصل في سامراء لتقطع الطريق أمام الارهابيين". وزاد ان"بعضهم طرح قضية ميثاق شرف وطني والاتصال مع الدول المجاورة للمساعدة في السيطرة على الحدود والاتفاق على تكرار هذا الاجتماع وسيادة القانون". وتابع ان"الجميع اتفق على حماية العتبات المقدسة والمساجد واعتبار من قتل في المساجد شهيداً وتعويض المتضررين وتطبيق الخطة الأمنية التي أعلنت مساء الأحد". وشدد على ان"هذه الأمور التي تم الاتفاق عليها سيتم طرحها في غرفة العمليات لتحويلها الى خطوات عمل"، معرباً عن سعادته وتفاؤله بما دار في الاجتماع لأن"همّ الجميع كان العراق". وكانت الخطة التي أعلنها الجعفري تضمنت تشكيل فريق سياسي استشاري من عدد من الشخصيات والقيادات السياسية ورؤساء الكتل البرلمانية للوقوف على وجهات نظرهم ومساهمتهم في تعزيز الوحدة الوطنية للقضاء على الفتنة الطائفية. الى ذلك، يسعى الصدر الذي دعا الى وحدة المسلمين في مواجهة الأميركيين، الى لجم الميليشيا التابعة له التي يتهمها السنة بارتكاب تجاوزات ضدهم. وصرح الناطق باسمه في النجف، صاحب العميري ان"مهمته الأولى تكمن في السيطرة على الوضع للحفاظ على وحدة المسلمين وحماية مقدساتهم". وأدرك الصدر الذي كان يقوم بجولة في المنطقة، حين تعرض المقام الشيعي في سامراء للاعتداء وما تلاه من عمليات ثأر أُتهم مؤيدوه بتنفيذ بعضها، ان الأمر لن يكون سهلاً في حال اندلاع أزمة طائفية. وأوضح الناطق باسمه عوس الخفاجي انه قرر تعيين"لجنة"للسيطرة على القاعدة الشعبية، ومنع مؤيديه من ارتداء الزي الأسود"كي لا يستغل من أصحاب النفوس الضعيفة". لكن السفير الاميركي في العراق زلماي خليل زاد والاحزاب السنية يرغبون بحل هذه الميليشيا أو على الاقل تحويلها حزباً سياسياً، وكرر زاد السبت ان"الميليشيات والجماعات المسلحة تشكل تهديداً للديموقراطية ... واعتقد ان من أولى مهمات الحكومة المقبلة اتخاذ قرار في مصير هذه الأحزاب غير القانونية". والواقع ان الأوساط السنية التي كانت تربطها، حتى الآن، علاقات جيدة مع ميليشيا الصدر في مقابل عدائها ل"منظمة بدر"الشيعية التابعة ل"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية"، فوجئت بموقف مؤيدي الزعيم الشيعي. ودان"الحزب الاسلامي"رد فعل عناصر"جيش المهدي"، محملاً اياهم مسؤولية معظم الهجمات على المساجد السنية. لكن"التيار الصدري"دافع عن نفسه، مؤكداً أن مخربين استغلوا اسمه لارتكاب جرائمهم، في مقابل إقراره بأن تجاوزات حصلت في عدد من الأمكنة. وفي الوقت ذاته، سعى هذا التيار الى كسب ود حلفائه السابقين، فوقع"ميثاق شرف"مع"هيئة علماء المسلمين". وأجرى مصالحة مع"الحزب الاسلامي". ودعا الصدر أمس لدى وصوله الى البصرة، قادماً من ايران الى تظاهرة سلمية شيعية - سنية تطالب بخروج القوات المتعددة الجنسية، خصوصاً الاميركية، والى"التآخي". وقال أمام حشد من مؤيديه"أدعو الى تظاهرة سلمية موحدة في بغداد نظموها أنتم في زمان معين، شيعة وسنة وغيرهم، وطالبوا بخروج المحتل والتحابب والتآخي في ما بينكم".