بلغ عائد المخدرات في 2005، ربع ناتج افغانستان الداخلي الإجمالي. ولا يزال الأمن مشكلة مستعصية. ففي العام المنصرم قتل 125 جندياً من قوات التحالف، وتتوسل الجماعات الأفغانية المعارضة بالعمليات الانتحارية تكتيكاً جديداً ومشتركاً. والفساد يعم البلد كله وبعض النواب المنتخبين اخيراً هم اسياد حرب معروفون، وأيديهم ملطخة بالدم. وتشكو المساعدة الدولية ضعف التنسيق وقصوره. وفي الأثناء، عمدت الولاياتالمتحدة الى خفض عديد قواتها. فحمل هذا افغاناً كثراً على حسبان ان المجتمع الدولي يعد العدة لتركهم وبلدهم. وقياساً على التغيرات التي ينبغي ان تواجهها افغانستان، ينبغي ألا نغفل فرص تطور ايجابي. فمسار بون ارسى اسس اضطلاع الأفغان بمسؤوليتهم الديموقراطية عن مصيرهم، وأعطى الناخبين اول رئيس جمهورية منتخباً، ودستوراً جديداً أقر في ختام مناقشات وتسويات حقيقية، وحكومة مركزية تتمتع بالمشروعية. وشق المسار نفسه الطريق الى برلمان ربع اعضائه من النساء، وهن كن الى وقت قريب، لا يحق لهن مغادرة البيت من غير محرم ذكر. وإلى هذا، فمعظم الپ20 ألف مجلس بلدي انتخب اعضاؤها بالاقتراع السري. وأقدم البنك الدولي، برهاناً على المكانة التي يوليها المجالس البلدية، على إقرار برنامج مساعدات محلية. وأقرت الحكومة المركزية استراتيجية تنمية. والرأي العام المحلي يساند معظمه هذا التغير، على ما تدل استقصاءات رأي والأفعال. فمشاركة النساء تلقى القبول، شأن الحرب على القاعدة وطالبان، ومساعي اقتلاع زراعة المخدرات. وعلى القوى الدولية إظهار مساندتها العملية للاستراتيجية الحكومية الرامية الى حصار المخدرات، وتقليص الاعتماد على عوائدها، والاقتصاص من تجارها وبائعيها، والساعية في تقديم بدائل الى المزارعين المتضررين. وعلاج تخبط أفغانستان في مشكلات المخدرات القاسية ينبغي ان يحمل المساهمين على التزام استراتيجية طويلة المدى تقضي بمراقبة سوق المخدرات، وبإجازة انضمام افغانستان الى البلدان المنتجة الأفيون لأغراض طبية. وبدل إهدار مئات الملايين من الدولارات على المعونة التقنية، يحسن بالمشاركين مساعدة الحكومة الأفغانية على بلوغ اهدافها في حقلي التأهيل والتعليم، وفي مستطاع المساهمين الدوليين تقديم العون على تأهيل 40 ألف أفغاني في السنة، في الميادين الأثيرة مثل الهندسة وإدارة الأعمال والزراعة والقانون والاقتصاد. ولا ريب في ان اصلاح القضاء مسألة عاجلة. والنظام القضائي القائم قاصر عن معالجة السرقة الخاطفة قصوره عن معالجة انتهاك حقوق الإنسان. فمجلس القضاء الأعلى الأفغاني هو في عهدة فصائل محافظة، واصطفي القضاة والمدعون العامون على هوى الفصائل وولاءاتها. وفي مقدور القادة العشائريين المحليين ارتكاب ما يشاؤون من غير محاسبة قضائية. وإذا لم تحظ افغانستان بنظام قانوني متين، فلن يقبل عليها المستثمرون. وإلى اليوم، يبدو المهاجرون الأفغان الى بلدان الخليج، وهم استثمروا نحو 5 بلايين دولار في مرافق إقليمية ودولية متفرقة، عازفين عن الاستثمار في بلدهم الأم. ولكن الإصلاح ليس مستحيلاً ولا ممتنعاً. ففي الشهر المنصرم، أقر القادة الأفغان، من غير حماسة والحق يقال، برنامجاً قضائياً انتقالياً، وقد يتيح البرنامج هذا إضعاف قبضة مجرمي الحرب الشرسين على البلد والسلطة. وإنجاز الخطة يؤذن بإعلاء الحق والقانون على التعسف والغصب، اولاً، وبتحسين الأمن والتمهيد لحكومة افضل. والحق ان الإحجام عن المبادرة والعمل ارتداد على الشعب الأفغاني الذي استقبل الجيش الأميركي وقوات الأطلسي في 2001 استقبال المحررين. ويدعو واجب الاحترام وداعي المصلحة الى الوفاء بالعهد. عن جورج سوروس رئيس صندوق استثمار سوروس، ومجلس ادارة"معهد المجتمع المنفتح"،"بروجيكت سانديكايت"الدولية، 2/2006