في خطوة تمهّد لأول مواجهة دستورية بين"حركة المقاومة الاسلامية"حماس وحركة"فتح"، أجرى المجلس التشريعي المنتهية ولايته والمؤلف من غالبية"فتحاوية"، تعديلات طاولت قانون المحكمة الدستورية، كما صادق على مراسيم رئاسية توسع من سلطات الرئيس"الفتحاوي"وتقلص من سلطات"حماس"في التشريعي والحكومة. وفيما عزا رئيس المجلس روحي فتوح هذه الاجراءات الى ما أسماه"حق المجلس في ممارسة صلاحياته حتى اليوم الأخير"، وصفت"حماس"التعديلات بأنها"انقلاب ابيض"ووسيلة لسلب صلاحيات التشريعي والحكومة لمصلحة الرئاسة التي تسيطر عليها"فتح". وقال أحد ابرز نواب"حماس"عزيز دويك:"الاجراءات تمثل وضع المقصلة على رقبة حماس"، مشيراً الى تأثيراتها الكبيرة على السلطات التي سيتمتع بها التشريعي والحكومة. وقال القيادي في الحركة سعيد صيام ان"التشريعي المقبل لن يعترف بأي خطوات استباقية اتخذها المجلس المنتهية صلاحيته"و"لن نعتبرها دستورية وسنعمل على الغائها". اما أبرز التعديلات التي أجراها التشريعي فتتعلق بتشكيل المحكمة الدستورية وتنص على ان"تعيين رئيسها وقضاتها يتم بقرار من الرئيس وبالتشاور مع مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل". ورأى الخبراء في هذا النص الذي جاء معدلاً لنص سابق يشترط مصادقة التشريعي على رئيس المحكمة وأعضائها، انتقاصاً من سلطة التشريعي وتعزيزاً لسلطة الرئيس. يذكر ان المحكمة الدستورية هي الجهة القضائية التي تبت في الخلافات بين السلطات الثلاث، وتشمل صلاحياتها"الرقابة على دستورية القوانين"، وهو ما يثير قلق"حماس"من رفض المحكمة المصادقة على قوانين اسلامية لتناقضها مع الدستور. وقال ناطق باسم"حماس"انه"لا يمكن القبول بأن يكون رئيس السلطة المرجعية الدستورية الاولى". وشملت المراسيم الرئاسية التي صادق عليها التشريعي مرسوماً يقضي بتعيين رئيس لديوان الموظفين تابع للرئاسة، وهو ما يمنح الرئيس ومن خلفه"فتح"، سيطرةً على قطاع الموظفين. وبموجب هذا التعديل، فان رئيس ديوان الموظفين الجديد قد يرفض منح حكومة"حماس"فرصة تعيين أعداد جديدة من الموظفين المؤيدين لها في مناصب حكومية مهمة، او فصل او استبدال موظفين ينتمون الى"فتح"التي تشكل الجسم الرئيس لموظفي السلطة 140 ألفاً. ومن المفارقة ان الرئيس محمود عباس خاض صراعاً مع الرئيس الراحل ياسر عرفات عام 2003 لتحويل منصب رئيس ديوان الموظفين من سلطة الرئيس الى سلطة رئيس الوزراء. كما قضى مرسوم رئاسي ثان بتعيين"أمين عام"للتشريعي ليحل محل"أمين سر"المجلس الذي يشغله نواب منتخبون في العادة. وبموجب التعيين الجديد، يكون الأمين العام للتشريعي مسؤولاً عن جميع موظفي المجلس، ما يحول دون قدرة"حماس"على احداث أي تغيير في بنيته الحالية. ويقضي مرسوم رئاسي ثالث بتعيين مدير جديد لديوان الرقابة الادارية والمالية. كما صادق المجلس على مرسوم رئاسي اعتبر النواب الجدد نواباً في المجلس الوطني بعدما كان هذا البند أُسقط من القانون الاساسي"سهوا"على حد تعبير فتوح. ويسهم هذا المرسوم الذي يأخذ صفة القانون، في دفع"حماس"خطوة نحو دخول مؤسسات منظمة التحرير. واعربت"حماس"عن عزمها تغيير هذه التعديلات"غير الدستورية"فور دخولها المجلس الجديد السبت المقبل، لكن المختصين يقولون ان أي تعديلات مستقبلية على هذه المراسيم ستؤدي الى أزمة بين"حماس"و"فتح". وقال الباحث في الدائرة القانونية في المجلس عصام عابدين:"يمكن للتشريعي المقبل الغاء هذه الاجراءات، لكنه يحتاج الى مصادقة الرئيس الذي سيرفضها، وعندها ستكون حماس في حاجة الى ثلثي أعضاء المجلس لكسر قرار الرئيس، وهو ما لا يتحقق لها". وأضاف:"خلال هذه العملية ستنشأ أزمة بين فتح وحماس".