غردت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" خارج السرب أمس عندما أعلنت رفضها التوصية التي قدمتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الى الرئيس محمود عباس بالدعوة الى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، في وقت كشف مستشار الرئيس نبيل عمرو أن عباس حريص على قانونية القرار الذي سيعلنه في خطاب سيلقيه السبت المقبل أملاً في الخروج من عنق الزجاجة. وقال عمرو في مؤتمر صحافي عقده في احد فنادق مدينة رام الله امس ان من"صلاحيات الرئيس اتخاذ القرار المناسب في حال الازمات والاضطرابات السياسية". واضاف رداً على سؤال عن احتمال نشوب حرب اهلية في حال دعا عباس الى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة، ان"صندوق الاقتراع هو رجل الاطفاء القادر على اطفاء أي حرب اهلية"، معتبرا انه"لا يوجد أي سبب يستحق ان تندلع لأجله حرب اهلية". واعتبر ان"من حق اللجنة التنفيذية ان تتخذ التوصيات التي تؤدي في النهاية الى حلول سياسية، باعتبارها المرجعية السياسية العليا للشعب الفلسطيني، وصاحبة القرار السياسي مع الرئيس". وشدد على ان عباس سيدرس توصيات اللجنة"باهتمام". لكن عمرو ذهب بعيداً جداً في تفسير خلفيات اتخاذ اللجنة التنفيذية هذه التوصية، ملمحاً الى حاجة دولية وربما ضغوط تمارس على الرئيس عباس من اجل انهاء الازمة الداخلية للبدء في مرحلة جديدة في ضوء تقرير بيكر - هاملتون. وكشف انه"ستبدأ قريباً اتصالات مع رئاسة المجلس الوطني الفلسطيني لتأمين عقد اجتماع للمجلس المركزي وهو حلقة وسيطة بين المجلس الوطني واللجنة التنفيذية للنظر في الوضع الفلسطيني واتخاذ قرارات سياسية، خصوصا ان الوضع السياسي الان في القضية الفلسطينية اصبح ناشطا للغاية، واصبحت هناك حاجة استثنائية وضاغطة لانجاز الوضع الداخلي الفلسطيني واغلاق كل ملفات الخلاف والاختلاف لمصلحة ايجاد صيغة لانهاء الاستعصاء كشرط لتطوير العملية السياسية من حولنا". "الشعبية" ترفض التوصية واعتبر عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية الدكتور رباح مهنا أن توصية"التنفيذية"ليست حلاً للأزمة الراهنة بل"تزيد من تعقيدات الوضع الفلسطيني الداخلي، إضافة إلى التكاليف الباهظة لتنظيمها في وقت يعاني فيه شعبنا من الفقر والبطالة والصعوبات المالية". ورأى في مؤتمر صحافي عقده في مقر وكالة"رامتان"الفلسطينية المستقلة للأنباء في غزة أمس أن البديل للدعوة لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة هو العودة إلى"وثيقة الوفاق الوطني"التي"تشكل أساسا صالحا لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية". اجتماع بين"فتح"و"حماس" وكشف ل"الحياة"أن الجبهة نجحت في إعادة جمع حركتي"فتح"و"حماس"إلى مائدة المفاوضات بعدما توقفت المشاورات في شأن تشكيل حكومة الوحدة منذ أكثر من أسبوعين في أعقاب إعلان عباس أنها وصلت إلى"طريق مسدود". ولفت إلى أن الجبهة التي عقدت سلسلة لقاءات منفصلة مع قادة من الحركتين ومن حركة"الجهاد الإسلامي"و"الجبهة الديموقراطية"أيضا، تمكنت من إقناع الطرفين بالعودة إلى طاولة المفاوضات في جلسة كان مقررا ان تعقد ليل الأحد - الاثنين في غزة في إطار لجنة الحوار الوطني. وقال مهنا ان"رهن تشكيل حكومة الوحدة بموافقة أميركا واللجنة الرباعية الدولية على فك الحصار عن شعبنا يعني الارتهان والاستجابة للشروط الأميركية والرباعية، ما أدى إلى الهبوط بسقف الموقف السياسي الى ادنى من سقف وثيقة الوفاق الوطني". ودعا الى"اعطاء الحوار الوطني مداه لتشكيل حكومة وحدة"قبل اتخاذ أي توصيات أو قرارات قد تدخل الساحة الفلسطينية في نفق الاقتتال الداخلي المظلم، مطالباً"بتنفيذ اعلان القاهرة في اذار مارس عام 2005 في شأن اعادة تأهيل وبناء منظمة التحرير والبدء الفوري بعمل اللجنة العليا لتفعيلها". "حماس": التنفيذية غير منتخبة واعربت"حماس"عن ارتياحها للموقف الذي اتخذته"الشعبية"برفض توصية"التنفيذية"، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم ل"الحياة"ان"التنفيذية لا تمثل كل قطاعات الشعب الفلسطيني، وهي غير منتخبة من الشعب حتى تقبل المنتخب وتلتف على قرارات الشرعية الفلسطينية". واشار الى ان المبادرة الوطنية الفلسطينية التي يقودها الدكتور مصطفى البرغوثي قالت ان"توصية التنفيذية لم يتم التوافق عليها اثناء اجتماع اللجنة". وتساءل:"إذاً من صاغ بيان اللجنة اذا كانت الشعبية والمبادرة لا توافقان على التوصية؟". واعتبر ان هذه التوصية"عمقت الجرح الفلسطيني واضافت ملحاً عليه، وزادت آلام الشعب الفلسطيني الذي كان يتوقع منها وفاقاً"، معتبراً أن اللجنة هي التي"غردت خارج سرب وثيقة الاسرى". واتهم برهوم بعض مستشاري عباس بأنهم يتحكمون فيه، وقال ان"الرئيس بات محكوما من بعض مستشاريه، خصوصا الذين قالوا منذ اليوم الاول لظهور نتائج الانتخابات التشريعية انه من العار على حركة فتح ان تشارك في حكومة تقودها حماس". ورأى ان الرئيس"غيب نفسه عن كثير من المواقف التي يفترض ان تكون جزءا من مهماته وصلاحياته". وحمل برهوم"اطرافا معينة"في"فتح"المسؤولية عن توتير الساحة الفلسطينية وافشال جهود تشكيل حكومة الوحدة، كما اتهم"فتح"والرئيس بإغلاق باب الحوار لتشكيل هذه الحكومة التي تتمسك"حماس"بتشكيلها. وكان ممثل الحركة في لبنان أسامة حمدان قال ل"الحياة"ان قرار اللجوء الى انتخابات مبكرة بمثابة انقلاب على الشرعية ويهدف الى إثارة فتنة. ووصف هذا الفريق من اللجنة التنفيذية بأنه فاقد للشرعية والنصاب وليست له صلة بالواقع بأي شيء على الإطلاق، معرباً عن أمله في أن يتغلب صوت العقل على صوت الفتنة. وقال هذا الفريق غير قادر على استعادة الخيار الديموقراطي للشعب الفلسطيني.