حدّد الرئيس محمود عباس الاول من تموز (يوليو) المقبل موعداً لعقد المؤتمر العام السادس لحركة «فتح» داخل الوطن، كما اعلن ان حكومة جديدة برئاسة الدكتور سلام فياض ستشكل في الساعات المقبلة. وعرض فياض امس الخطوط العريضة لحكومته امام اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. وقال أمين سر اللجنة ياسر عبدربه إن «برنامج الحكومة الجديدة يقوم على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال»، مضيفا ان «الصمود هو عنوان هذه الحكومة. الصمود في القدس ومواجهة اجراءات التهويد. الصمود في كل الاراضي الفلسطينية ومواجهة الاستيطان والحواجز وكل الضغوط والممارسات الاحتلالية». ولوحظ خلو التشكيلة الوزارية الجديدة من القيادات السياسية في حركة «فتح»، واقتصارها على التكنوقراط من ابناء الحركة. ومن الاسماء «الفتحاوية» الجديدة في الحكومة كل من الدكتور محمد اشتيه والدكتور حسن ابو لبدة وهشام عبدالرازق، وسفيان ابو زايدة، وحاتم عبدالقادر. ومن الفصائل الاخرى، صالح زيدان وبسام الصالحي واحمد مجدلاني. وامتنعت «الجبهة الشعبية» والمبادرة الوطنية التي يقودها مصطفى البرغوثي عن المشاركة لأساب سياسية. وقال الرئيس عباس إن تشكيل الحكومة الجديدة لن يؤثر على الحوار الوطني المقرر استئنافه في 16 الشهر الجاري، مشيراً الى ان «هذه الحكومة ستستقيل لتحل محلها حكومة الوفاق الوطني، في حال التوصل الى اتفاق». غير ان الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم قال لوكالة «فرانس برس» إن قرار تشكيل الحكومة «لا يبشّر بخير، وهو نعي مسبق لنتائج الحوار الوطني، وينم عن سوء النيات وعدم الرغبة في التوصل الى اتفاق، وهذا قرار يكرس حال الانقسام الداخلي». مؤتمر «فتح» وشروطه من جهة اخرى، حدد الرئيس عباس للمرة الاولى مكان عقد المؤتمر العام السادس لحركة «فتح» وموعده، قائلا إنه سيعقد في الاول من تموز المقبل في الوطن. واضاف انه عرض على «الشقيقتين» مصر والاردن عقد المؤتمر على اراضيهما، وانهما رحبتا بذلك، لكنهما فضلتا عقد «هذا العرس الفلسطيني على ارض فلسطين». واكد ان المؤتمر لن يعقد في حال منعت اسرائيل اياً من اعضاء المؤتمر المقيمين في قطاع غزة والخارج من الدخول الى الضفة الغربية. ويرى مراقبون في ذلك إبقاء للباب مفتوحاً امام إمكان تأجيل عقد المؤتمر، اذ ان اسرائيل قد تعترض على دخول عدد من ممثلي الخارج او غزة، خصوصا اولئك الذين ينتمون الى الجناح العسكري للحركة في لبنان او في القطاع. وقال عضو المجلس الثوري ل «فتح» امين مقبول إن الحركة قد تضطر الى ايجاد موعد ومكان آخرين في حال رفضت اسرائيل السماح لاعضاء في المؤتمر من غزة والخارج بالدخول للمشاركة. ولا يُرضي عقد المؤتمر في الوطن عدداً من اعضاء اللجنة المركزية المقيمين في تونس والذين رفضوا على الدوام دخول الاراضي الفلسطينية عبر «بوابات تسيطر عليها اسرائيل» مثل فاروق القدومي ومحمد جهاد وابو ماهر غنيم. وكان المؤتمر الاخير لحركة «فتح» عقد عام 1989 في العاصمة التونسية. وحسب النظام الداخلي للحركة، فإن المؤتمر العام يعقد مرة كل خمس سنوات، ويجري فيه انتخاب الهيئات القيادية للحركة مثل اللجنة المركزية والمجلس الثوري. لكن الظروف التي مرت فيها الحركة في الاعوام العشرين الماضية حالت دون عقد المؤتمر، منها الانتفاضتان الاولى والثانية، وانشاء السلطة. وشكل الرئيس الراحل ياسر عرفات صمام امان كبير في «فتح» في السنوات العشرين الماضية التي لم يجر فيها اي انتخاب لقيادة الحركة، لكن بعد رحيله اثيرت تساؤلات كبيرة عن شرعية هذه القيادة غير المنتخبة، خصوصا ان عددا من اعضائها توفي (خمسة من اعضاء اللجنة المركزية)، وعدد آخر اصيب بأمراض الشيخوخة. ويتوقع الا ينجح اعضاء في الامتحان الديموقراطي بسبب فقدان شعبيتهم. وينشط عدد من القادة الشباب في الحركة استعدادا لعقد المؤتمر، ابرزهم محمد دحلان. ويتوقع ان يصعد الى عضوية اللجنة المركزية اعضاء من الجيل الشاب ابرزهم القائد الاسير مروان البرغوثي. ارتياح واسع في «فتح» واثار اعلان الرئيس عباس عن موعد لعقد المؤتمر ارتياحاً واسعا بين اعضاء حركة «فتح»، خصوصا من الجيل الشاب الذي لم يشارك في مؤتمرات حركية سابقة. ومما زاد في ارتياح هؤلاء اعلان عباس ان عدد اعضاء المؤتمر لن يكون 650 عضوا كما اوصت اللجنة التحضيرية، وانما «اكثر بكثير من 1200 عضو». وطالب الجيل الشاب، خصوصا مروان البرغوثي، برفع عدد اعضاء المؤتمر الى 3000 عضو لاستيعاب الاجيال الجديدة التي انضمت الى الحركة في الاعوام العشرين الماضية. لكن اللجنة التحضيرية قررت رفعه الى 1580 عضوا قبل ان تتراجع اخيرا وتوصي بتقليصه الى 650 عضوا. واعترض ناشطون في الحركة، خصوصا قادة الاقاليم المنتخبون، بشدة على توصية اللجنة تلك واعتبروها محاولة للتأثير على المؤتمر لجهة اعادة انتخاب اللجنة المركزية والمجلس الثوري القديمين، خصوصا ان عدد اعضاء المؤتمر من هاتين الهيئتين يبلغ 120. وقال هيثم الحلبي امين سر «فتح» في محافظة نابلس إن «الرئيس عباس اعاد وضع مؤتمر الحركة على السكة الصحيحة». واضاف: «وفق المعايير التي اعلنها الرئيس (امس)، فإن المؤتمر سيشكل فرصة كبيرة للاجيال الجديدة في الحركة». وقال امين مقبول إن المؤتمر المقبل سيشكل «انطلاقة جديدة لحركة فتح». واضاف: «هذا مؤتمر تاريخي ومهم انتظرناه سنوات». المبادرة العربية من جهة اخرى، نفى عباس ادخال تغيير على المبادرة العربية للسلام، واوضح ان العاهل الاردني «الملك عبدالله الثاني طرح الأفكار العربية أثناء زيارته للولايات المتحدة، بناء على تفويض من كل الدول العربية، وقد فعل ذلك، والموقف العربي موحد ومتماسك، والإشاعات عن تغيير أو تبديل حرف من هذه المبادرة ليس له أساس من الصحة». وعن زيارته المقبلة لواشنطن قال عباس: «ذاهبون إلى أميركا نحمل الأفكار والآراء نفسها، وتشاورنا مع الجميع عرباً وإسلاماً في هذا الموضوع، وإذا أظهرت إدارة اوباما أنها تريد الحل، فهذا هو الطريق للوصول إلى الحل الشامل والعادل».