كشف مزاد على الرسائل الادبية والطبعة الاولى من كتب اشهر ادباء القرن العشرين بعضها موقع باقلام اصحابها، كنزاً من الاسرار الادبية في المشهد الثقافي البريطاني اول القرن الماضي. والمزاد الذي اشرفت عليه مؤسسة كريستيز للمزادات في لندن ويستكمل في منتصف هذا الشهر، قدم بين عروضه محتويات مكتبة الليدي اوتولاين موريل صاحبة الصالون الاشهر في لندن في تلك الفترة وعضو جماعة بلومزبيري الشهيرة التي ضمت ابرز الكتاب والشعراء والنقاد والفنانين، مثل فرجيينا وولف وشقيقتها الفنانة التشكيلية فانيسا بيل. ولم تتحدد المفاجأة فقط برسائل غير منشورة لادباء معروفين او مسودات بعض اعمالهم من تلك المكتبة، او لوحات وصور فوتوغرافية لفنانين معروفين، بل تعدت ذلك الى كشف سر ادبي: السيدة الارستقراطية ليدي موريل، كانت البطلة الحقيقية للرواية الشهيرة"عشيق ليدي تشاترلي"للروائي دي اتش لورانس، وشخصيات اعمال ادبية اخرى لكتاب اخرين. ليدي اوتولاين الممشوقة الطول ذات الشعر الاحمر والملابس المتوهجة الألوان، ارتبطت بصداقات وعلاقات عاطفية اسطورية، وكانت ذات هوس كبير في البحث عن الكتب والاعمال الفنية الشهيرة في زمنها ذاك. وبقيت كل تلك الثروة الادبية والفنية في عهدة عائلتها منذ وفاتها عام 1938. وتنتمي ليدي اوتو لاين موريل الى عائلة ترتبط مع الطبقة الارستقراطية والملكية البريطانية بصلة المصاهرة، فابنة عمها المباشرة اليزابيث بوز لايون هي السيدة التي أصبحت بعد ذلك الملكة الام، والدة الملكة اليزابيث. اما زوجها، فهو المحامي موريل النائب في البرلمان البريطاني عن حزب الليبراليين الاحرار. وارتبطت موريل بالاوساط الثقافية منذ العام 1908، واستقبلت في بيوتها مشاهير تلك الفترة، بل انها اعتبرت منازلها الثلاثة الموزعة بين لندن واكسفورد والريف الانكليزي، بمثابة"البيت المفتوح"والنادي الترفيهي لهؤلاء المشاهير، يرتادونه متى شاؤوا للراحة والاسترخاء وحضور الحفلات الصاخبة الكثيرة التي ما كانت لتهدأ. من بين الاوراق الثمينة التي عرضت في المزاد رسالة موجهة اليها من الروائية فرجينيا وولف تقول فيها:"اكره ان اكون دلواً محايداً. الرجال يثيرون ضجري بسرعة". وتتساءل وولف بدهشة كيف يمكن اوتولاين ان تنتعش ذهنياً من علاقتها بالذكور. وتتابع قائلة:"كنت افكر بحفلات الشاي التي تقيمينها وخطر في بالي الشاعر ستيفن سبندر الذي يتحدث دوماً عن نفسه، وتوم العجوز تي اس اليوت الذي يبالغ في الحديث عن نفسه وعن افكاره، وكذلك الشاعر سيغفريد ساسون، والدائرة تدور في هذا الشكل حول جميع الرجال الضيوف"!. غير ان بين الرجال الذين كانت تعلق عليهم فرجينيا وولف بسخرية واحد مثل الفيلسوف بيرتراند رسل احد اهم الاشخاص المؤثرين في القرن العشرين، والشاعر دبليو بي ييتس، والروائيين هنري جيمس ودي اتش لورنس، ورئيس الوزراء البريطاني خلال فترة الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل. وارتبطت ليدي اوتولاين موريل بأكثر من علاقة"غير سعيدة"مع أشخاص من المترددين على بيتها، بينهم الناقد المعروف روجر فراي، الرسام اوغوستوس جون، وبيرتراند رسل نفسه الذي تحولت علاقتها به لاحقاً من عاطفة عاصفة الى علاقة صداقة قوية. ومع ان بيتها كان مفتوحاً للكثير من الزوار المنتمين الى المشهد الأدبي او السياسي اول القرن العشرين، إلا أن كثيراً منهم استمتعوا بتلك الضيافة، ثم سخروا من صاحبتها بأحاديثهم، وصوروها في اعمالهم في شكل كاريكاتيري وفي صورة تشير اليها بوضوح. حدث ذلك على الاقل في عشرة اعمال، من بينها اعمال لادباء مثل اوزبيرت سيتويل، الدوس هاكسلي، كما في شخصية هيرميون روديس المسيطرة المتهورة في رواية"نساء عاشقات"لدي اتش لورنس. ويعتقد بعض النقاد انها كانت"الموديل"لبطلة الرواية الاشهر لدي اتش لورنس"عشيق الليدي تشاترلي"ليس في المعنى الحرفي، لكنه استلهم كثيراً مما كان يتداول من نمائم في اوساط بلومزبيري. وقد جرحت عميقاً من تصوير لورنس لها، كما انزعجت فرجينيا وولف من تلك الرواية. وكتبت في احدى رسائلها اليها:"أنا غاضبة جداً وأكاد أرد على رسائله بصعوبة. انظري كيف كنت ترسلين له اكياس الشاي وتستضيفينه في الاكواخ التي يسترخي فيها، وتلتقطين له الصور، ليسارع بعد ذلك الى قلمه و..، في الحقيقة كما قلت لك انا لم اقرأ الرواية". الا ان ارشيف اوتولاين يوضح انها كانت الالطف والارق بين مجموعة بلومزبيري، لذا فقد سامحت لورنس! كريسبن جاكسون رئيس قسم الكتب والمخطوطات في مزادات كريستيز يعلق على شخصيتها بقوله انها كانت سهلة الاستغفال لدى من حولها، الا انها كانت تحب مساعدة الجميع، وفتحت بيتها مركزاً لمعارضة الحرب. وكان الشاعر ساسون قتل في الحرب لاحقاً من الاصدقاء المخلصين لها بنية خالصة.