بعد مماطلة من الاحتلال الإسرائيلي، دخل اتفاق «وقف إطلاق النار» في قطاع غزة، حيز التنفيذ، بعد 15 شهراً من حرب الإبادة الإسرائيلية التي خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم. وبموازاة الإبادة بغزة، صعّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرون من اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدسالمحتلة، ما أسفر عن استشهاد 835 مواطناً وإصابة آلاف آخرين، وآلاف حالات الاعتقال، وتزايد عمليات هدم المنازل والمنشآت، والحواجز العسكرية التي تقطع أوصال المدن والبلدات والقرى، بالإضافة إلى القوانين العنصرية التي سنتها «الكنيست» الإسرائيلية للتضييق على الفلسطينيين وعمل وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا». * الأزمة المالية وكان للعدوان الإسرائيلي، تداعيات على الاقتصاد الوطني الفلسطيني، حيث تعمق الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية مع قرصنة حكومة الاحتلال مزيد من أموال المقاصة الفلسطينية، وارتفعت نسبة البطالة مع تعطل آلاف العمال الذين كانوا يعملون داخل أراضي ال48، وتراجع الأنشطة الاقتصادية في الضفة. * قطاع غزة ومنذ السابع من أكتوبر 2023، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدواناً على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 46899 مواطناً على الأقل، بينهم 17,581 من الأطفال، وحوالي 12,048 من النساء، وإصابة أكثر من 110725 آخرين، في حين لا يزال نحو 11 ألف مفقود تحت الركام وفي الطرقات، ما أدى إلى انخفاض عدد سكان القطاع بمقدار 6 % مع نهاية عام 2024. وتسبب عدوان الاحتلال الإسرائيلي في تهجير أكثر من 85 % من مواطني قطاع غزة أي ما يزيد على 1.93 مليون مواطن من أصل 2.2 مليون، من منازلهم بعد تدميرها. كما غادر القطاع نحو 100 ألف مواطن منذ بداية العدوان. ويعيش نحو 1.6 مليون من المواطنين القطاع حالياً في مراكز إيواء وخيام تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الآدمية، وسط دمار هائل وغير مسبوق في البنى التحتية وممتلكات المواطنين، وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 80 % من قطاع غزة مدمر. * إغلاق المعابر إغلاق المعابر كافة في قطاع غزة وفرض حصار مشدد منذ بداية العدوان، تسببا في نقص حاد في المواد الغذائية والمياه والأدوية وإمدادات الوقود، الأمر الذي تسبب في مجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. والآن هناك 96 % من مواطني قطاع غزة (2.2 مليون نسمة) يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد حتى سبتمبر 2024، من بينهم ما يزيد على 49 ألف امرأة حامل، كما يواجه أكثر من 495 ألف مواطن (22 % من السكان) مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد (المرحلة الخامسة) منهم 11 ألف امرأة حامل، وحوالي 3,500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء. * التعليم وحرم العدوان، 788 ألف طالب في قطاع غزة من الالتحاق بمدارسهم وجامعاتهم للعام الثاني على التوالي، بينهم أكثر من 58 ألفاً كان يُفترض أن يلتحقوا بالصف الأول في العام الدراسي 2024-2025، فضلاً عن 39 ألفاً ممن لم يتقدموا لامتحان الثانوية العامة. ومنذ بدء العدوان وحتى نهاية سبتمبر 2024، دمرت أكثر من 77 مدرسة حكومية بشكل كامل، فيما تعرضت 191 مدرسة للقصف والتخريب، منها 126 مدرسة حكومية، و65 مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، ودمر أكثر من 51 مبنى تابعاً للجامعات بشكل كامل، و57 مبنى بشكل جزئي، وتعرضت أكثر من 20 جامعة لأضرار بالغة. * الصحة 14 مستشفى فقط تعمل في قطاع غزة من أصل 36، بشكل جزئي، وسط نقص حاد في المعدات والكوادر الطبية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي تسبب في تفشي الأمراض، وعدم تمكن المواطنين من الوصول إلى الخدمات الطبية الطارئة. ودمر الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه 815 مسجداً تدميراً كلياً، و151 مسجداً بشكل جزئي، و19 مقبرة بشكل كامل، وانتهك قدسيتها من خلال الاعتداء عليها ونبش قبورها وإخراج الجثث، واستهدف ودمَّر 3 كنائس في مدينة غزة. وخسرت الثقافة الفلسطينية 44 كاتبًا وفنانًا وناشطًا في حقل الثقافة استُشهدوا خلال الأشهر الأربعة الأولى من العدوان، و32 مؤسسة ومركزًا ومسرحًا دُمرت إما بشكل جزئي أو كامل جراء القصف، إضافة إلى تضرر 12 متحفًا و9 مكتبات عامة، و8 دور نشر ومطابع. * المباني التاريخية وهدم الاحتلال نحو 195 مبنىً تاريخيًّا يقع أغلبها في مدينة غزة، بشكل جزئي أو كامل، وتضررت 9 مواقع تراثية و10 مساجد وكنائس تاريخية تشكّل جزءًا من ذاكرة القطاع، وتعمدت قوات الاحتلال تدمير الميادين العامة وهدم النصب والأعمال الفنية فيها، إلى جانب تدمير 27 جدارية فنية في الأماكن العامة وعلى طول شاطئ بحر مدينة غزة. وشهدت كافة الأنشطة الاقتصادية في قطاع غزة منذ بداية العدوان وحتى نهاية عام 2024 انهياراً تاماً، ما أدى إلى انكماش حاد وغير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 82 %، رافقه ارتفاع معدل البطالة إلى 80 %. * الضفة الغربية بما فيها القدس وفي الضفة الغربية، استشهد خلال فترة العدوان على قطاع غزة، منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى نهاية عام 2024، نحو 835 مواطناً، بينهم 173 طفلاً، وأصيب 6,450 آخرون، نتيجة لهجمات قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستعمرين. ونفذ الاحتلال ومستعمروه بعد السابع من أكتوبر وحتى نهاية عام 2024، 19700 اعتداء، بحق المواطنين وممتلكاتهم، بينها 3630 اعتداء نفذها مستعمرون، أسفرت عن استشهاد 22 مواطناً، وأدت لاقتلاع وتخريب وتضرر وتسميم 19 ألف شجرة. * الأراضي الزراعية وخلال الفترة ذاتها، استولت قوات الاحتلال على 53 ألف دونم وفق إعلانات مختلفة، منها «أراضي دولة» و»أمر وضع اليد» و»محميات طبيعية»، وأقامت 13 «منطقة عازلة» حول المستعمرات. ومنذ بداية العدوان وحتى نهاية 2024، تمت عملية دراسة (مصادقة وإيداع) 23 ألف وحدة استعمارية جديدة في مستعمرات الضفة بما فيها القدس، فيما أقام المستعمرون 57 بؤرة استعمارية جديدة، وشرعت سلطات الاحتلال بتسوية أوضاع (شرعنة) 13 بؤرة استعمارية أخرى. وشهدت الفترة ذاتها تصاعداً ملحوظاً في هدم منازل المواطنين، حيث هدمت قوات الاحتلال خلال الفترة ذاتها 1022 منشأة سكنية وزراعية، وسلمت 1167 إخطاراً بالهدم ووقف البناء. * المعتقلون منذ السابع من أكتوبر 2023، صعّدت إدارة سجون الاحتلال من إجراءاتها بحق المعتقلين والمعتقلات وضاعفت الإجراءات القمعية من ضرب مبرح وإهانات تحط من كرامتهم، واستولت على منجزاتهم التي تحققت نتيجة سنوات طويلة من النضال في معتقلات الاحتلال، وقللت الطعام كماً ونوعاً، وحرمتهم من الزيارة، ومارست بحقهم شتى أنواع التعذيب والقهر والإذلال، الذي وصل إلى حد التحرش والاعتداء الجنسي على بعضهم. ونفذت قوات الاحتلال عمليات اعتقال طالت أكثر من 25 ألف مواطن منهم ما يقارب 14300 معتقل من الضفة الغربية بما فيها القدس، والآخرون من قطاع غزة. استخدم الاحتلال الاعتقال الإداري كسياسة عقابية انتقامية بحق أعداد كبيرة من المعتقلين، إذ تقدر أعداد ممن تم تحويلهم أو تجديد الاعتقال الإداري لهم مرة أو عدة مرات نحو 10 آلاف معتقل. واستشهد في الفترة ذاتها، 54 معتقلاً داخل سجون الاحتلال، 35 منهم من معتقلي قطاع غزة، وما زال الاحتلال يحتجز جثامينهم. ووثقت مؤسسات الأسرى، اعتقال 450 امرأة وفتاة وطالبة جامعية وأسيرة محررة، لا يزال يحتجز الاحتلال منهن 89 داخل معتقلاته، فضلاً عن اعتقال 1065 طفلاً، وما يقارب 700 منهم منذ بدء عام 2024. حكومة الاحتلال أبلغت «المحكمة العليا الإسرائيلية» أن عدد الغزيين المعتقلين في سجونها هو 3636، وأن 529 غزياً في السجون الإسرائيلية ممنوعون من لقاء المحامين. * الأزمة المالية ومنذ بدء عدوان الاحتلال على قطاع غزة، بدأت إسرائيل باقتطاع ما يعادل نفقات الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، من أموال المقاصة، إلى جانب تشريع قانون جديد في الكنيست باقتطاعات جديدة تحت بند تعويض عائلات أفراد قُتلوا أو أصيبوا في هجمات نفذها فلسطينيون، يضاف ذلك إلى اقتطاعات سابقة توازي مدفوعات الحكومة لعائلات الشهداء والجرحى والمعتقلين، إلى جانب اقتطاعات أخرى غير القانونية. ووصلت الاقتطاعات غير القانونية إلى 70 % من قيمة المقاصة الإجمالية، ما تسبب بتعمق الأزمة المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وانعكس على قدرتها بالإيفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها. وللعام الثالث على التوالي لا تستطيع الحكومة الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفي القطاع العام، وتسدد جزءاً من رواتبهم الشهرية. كما شهد قطاع التعليم اضطرابات في العامين الدراسيين الماضيين، لم يلتحق إثرها الطلبة بمقاعدهم الدراسية بشكل منتظم، بسبب عدم قدرة الحكومة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه موظفي وزارة التربية والتعليم العالي، فيما أوشك قطاع الصحة على الانهيار، جراء النقص الحاد في الأدوية والمُستهلكات الطبية، حيث إن هناك 120 صنف دواء غير متوفرة في الوزارة منها 20 أدوية أورام، و420 صنفاً من المُستهلكات الطبية رصيدها صفر في الوزارة منها 170 صنفاً تخصصياً، ما أثر على تقديم الخدمة للمواطنين، عبر قائمة الانتظار الطويلة للعمليات في المستشفيات الحكومية، فيما تحول الوزارة العمليات الطارئة للمستشفيات الخاصة أو الأهلية. وتواجه فلسطين كارثة اقتصادية، واجتماعية، وإنسانية، وبيئية، وصحية، وتعليمية، وغذائية أدت إلى انكماش القاعدة الإنتاجية وتشويه الهيكل الاقتصادي لفلسطين. فمع نهاية عام 2024، تشير التقديرات إلى استمرار الانكماش الحاد غير المسبوق في الناتج المحلي الإجمالي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 82 %، رافقه ارتفاع معدل البطالة إلى 80 %. وامتد هذا التراجع إلى اقتصاد الضفة بنسبة فاقت 19 %، مع ارتفاع معدل البطالة إلى 35 %. وفي المحصلة، أدى ذلك إلى تراجع الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 28 % رافقها ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 51 %. * قوانين عنصرية وخلال فترة العدوان، سنت سلطات الاحتلال عشرات القوانين لدعم الاحتلال والاستيطان، والتمييز العنصري، والتضييق على حرية التعبير، والحريات العامة والنشاط السياسي، التي كان لها أثر كبير على أبناء شعبنا سواء في الضفة الغربية بما فيها القدس، أو قطاع غزة، أو أراضي عام 48. ومن أبرز هذه القوانين العنصرية: أقرت الهيئة العامة للكنيست في 28 أكتوبر 2024، بأغلبية أصوات الائتلاف وكتل المعارضة الصهيونية، مشروعي قانونين يحظران عمل وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، «الأونروا»، في المناطق الواقعة تحت ما تسمى «السيادة الإسرائيلية» وهنا القصد تحديدًا القدسالشرقيةالمحتلة، والبلدات والمخيمات التي ضمها الاحتلال الإسرائيلي لمناطق نفوذها، مثل مخيمي اللاجئين شعفاط وقلنديا، كما أنه بموجب القانون سيتم إغلاق مكتب الوكالة في القدسالشرقية. وسيتم نزع المكانة الدبلوماسية الممنوحة للعاملين في منظمات الأممالمتحدة. وقانون تمديد سريان القانون المؤقت لمنع لم شمل العائلات الفلسطينية عاماً إضافياً، والذي أقرته الكنيست في الخامس من مارس 2024، وقرار يرفض الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب واحد، وأقرته الكنيست في 22 فبراير 2024، وقانون يجيز تعريف شخص ليس مواطناً أو مقيماً ك»ناشط إرهابي» تسري عليه أحكام «قانون مكافحة الإرهاب» وأقرته الكنيست في 17 يناير 2024. وفي 17 يوليو 2024، اتخذت الهيئة العامة للكنيست، قراراً سياسياً، يرفض «بشكل قاطع» قيام دولة فلسطينية في أي مكان في فلسطين التاريخية، أو حسب نص القرار، «في أرض إسرائيل»، و»غربي نهر الأردن». وأقرت الهيئة العامة للكنيست، في 22 مايو 2024 بالقراءة التمهيدية بأغلبية الأصوات، مشروع قانون يقضي بضم مستعمرات مقامة على أراضي المواطنين جنوب مدينة الخليل، إلى ما تسمى «سلطة تطوير النقب»، وهو أحد مشاريع «قوانين الضم». وأقرت الهيئة العامة للكنيست في 29 تشرين الأول أكتوبر 2024، بأغلبية الأصوات من الائتلاف والمعارضة الصهيونية، بالقراءة النهائية، قانونًا حكوميًا، يحظر فتح ممثليات دبلوماسية في القدسالشرقيةالمحتلة، تهدف إلى خدمة الفلسطينيين، ومن دون موافقة الحكومة الإسرائيلية. * فلسطينيو ال1948 منذ بدء عدوان الاحتلال على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، ارتفعت وتيرة تضييقاته على فلسطينيي ال48 بالوسائل كافة من قمع حريات وتحريض وتهديد وملاحقة وتحقيق واعتقال وتنكيل. في الأسابيع الأولى من بدء عدوانها، أعلنت الحكومة الإسرائيلية حالة الطوارئ العامة، التي شملت إقرار العديد من القوانين والتعديلات في تعليمات الاعتقال ومنع التظاهرات، لترهيب الفلسطينيين داخل أراضي ال48، وتشديد القبضة عليهم. وألغت «النيابة العامة» الإسرائيلية شرط موافقة النائب العام أو أحد نائبيه لتنفيذ اعتقال بتهم التحريض، وفقما كان متبعاً قبل الحرب، إذ تتيح أنظمة الطوارئ اتخاذ إجراءات مشددة بحق المعتقلين، تشمل تمديد احتجاز المعتقلين لفترات طويلة، ومنعهم من الالتقاء بمحاميهم لمدة قد تصل إلى 90 يومًا، إضافة إلى أن الشرطة الإسرائيلية أعلنت تعليمات تنص على منع المصادقة على تنظيم تظاهرات في المدن والبلدات الفلسطينية داخل أراضي ال48. ووثق تقرير أعده مركز عدالة، بالتعاون مع هيئة الطوارئ العربية خلال الأسابيع الخمسة الأولى من العدوان 251 حالة اعتقال وتحقيق، أو «محادثات تحذيرية» أغلبيتها في إطار حرية التعبير عن الرأي، وقدمت 76 لائحة اتهام على خلفية الأحداث. وورد في تقرير نشرته الهيئة المشتركة للكتل الطلابية التي تعمل تحت مظلة اللجنة العربية للطوارئ، أن أكثر من 100 طالب وطالبة في المؤسسات الأكاديمية جرى تحويلهم إلى «لجان طاعة»، فضلاً عن مئات المنشورات التحريضية على الطلبة، والاعتداء على مساكنهم. طور الاحتلال نظاماً «قانونياً» وتنفيذياً محكماً لفرض السيطرة على الإنترنت، ما أدى إلى انتهاكات صارخة للحقوق الرقمية وخلق «رعب رقمي» دفع المستخدمين إلى تقليل التعبير عن آرائهم، إضافة إلى تضاعف الهجمات الرقمية خاصة الهجمات ذات الخلفية السياسية والوطنية بعد الحرب على غزة، مثل «انتحال الشخصية» و»التصيد الاحتيالي» و»التحرش والإساءة»، وهذا يعكس حالة من الرقابة الذاتية والامتناع عن النشاط الرقمي التي وصلت إلى 70 % من الشباب داخل أراضي ال48، ما يقلل استخدام شبكة الإنترنت كأداة للنشاط الجماهيري. وطال استهداف الاحتلال قيادات داخل أراضي ال48، حيث اعتقلت السلطات الإسرائيلية في التاسع من نوفمبر رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية بأراضي ال48 محمد بركة، وأعضاء كنيست سابقين عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي. ومنذ بداية الحرب تحولت الأستوديوهات في قنوات التلفزيون الإسرائيلية إلى جبهة تحريض مفتوحة ومسعورة تدعو إلى المزيد من القتل والدمار والانتقام بشكل يومي، وهمّشت وسائل الإعلام هذه أي صوت ينادي بوقف الحرب ولديه أي موقف إنساني أو يدعو إلى حل سياسي وليس إلى حل عسكري». * تحركات القيادة في المحافل الدولية لوقف العدوان ومنذ اليوم الأول للعدوان، بذلت القيادة الفلسطينية جهوداً دبلوماسية وقانونية في المحافل الدولية والعربية كافة لوقف الإبادة التي يتعرض لها شعبنا في قطاع غزةوالضفة الغربية بما فيها القدس. وعملت بعثة دولة فلسطين في الأممالمتحدة على بلورة ثلاثة أهداف وحدت من خلالها المجموعة العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز والمجموعات الأخرى، وهي وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات لأنحاء قطاع غزة كافة، ووقف التهجير القسري داخل قطاع غزة وإفراغ القطاع من المواطنين الفلسطينيين. * القمة العربية وعقب القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية التي عُقدت في العاصمة السعودية الرياض في 11 نوفمبر 2023، تم تشكيل اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، وكُلفت ببدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، لبلورة موقف دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمَدة. وقامت اللجنة منذ تكليفها بعديد الزيارات إلى عواصم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وعواصم أوروبية، وعقدت لقاءات مع رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية، لحشد موقف دولي لوقف الحرب على غزة، وحماية المدنيين، وإدامة إيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة إلى جميع أنحاء القطاع، واتخاذ خطوات فعالة لتنفيذ حل الدولتين. وجرى التوجه إلى مجلس الأمن مراراً وتكراراً لإصدار قرار بوقف العدوان، وتم استخدام حق النقض (الفيتو) على عدة قرارات، بينما تم اعتماد 4 قرارات كان آخرها القرار 2735 الذي اعتمد في شهر يوليو 2024، ولكنه لم يطبق بسبب تعنت حكومة الاحتلال وإصرارها على مواصلة الإبادة التي ترتكبها في القطاع. وعلى صعيد تحرك دولة فلسطين على مستوى محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية، أصدرت الأخيرة في 21 نوفمبر 2024 مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه السابق يوآف غالانت، بعد أن وجد قضاة المحكمة «أسباباً معقولة للاعتقاد بأنهما مسؤولان عن ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية». وفي 19 يوليو 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية، فتوى حول التداعيات القضائية للممارسات الإسرائيلية وانعكاسها على الأراضي المحتلة، والذي أكد أنه يتوجب على إسرائيل وقف الاحتلال وإنهاء وجودها غير الشرعي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. ولاحقاً للفتوى، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024، بأغلبية الأصوات، قراراً يطالب بأن تنهي إسرائيل «وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينيةالمحتلة» خلال 12 شهراً. ومن واشنطن إلى نيويورك، ولندن وباريس وروما وبرلين ومدريد وبروكسل واستوكهولم وأوسلو، والعشرات من عواصم ومدن العالم، نظمت الآلاف من التظاهرات والوقفات والفعاليات في الشوارع والميادين الرئيسية، وفي الجامعات والمدارس، للتنديد بحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على شعبنا منذ السابع من أكتوبر، ونصرة لفلسطين وقضيتها العادلة. وبالتوازي مع الحراك الشعبي غير المسبوق والذي تصاعد يوماً بعد يوم، رداً على المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق شعبنا، برز التضامن الدولي في رفع الدعاوى على الاحتلال ومسؤوليه في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع منظومة الاحتلال، وصولاً إلى سلسلة من الاعترافات بدولة فلسطين. وفي 29 ديسمبر 2023، رفعت جنوب أفريقيا دعوى في محكمة العدل الدولية بالتنسيق مع دولة فلسطين، حول ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية في فلسطين. وقدمت جنوب أفريقيا إلى المحكمة ملفاً من 84 صفحة، جمعت فيه أدلة على قتل إسرائيل لآلاف المواطنين في قطاع غزة، وخلق ظروف «مهيئة لإلحاق التدمير الجسدي بهم»، ما يعتبر جريمة «إبادة جماعية» ضدهم. وأصدرت المحكمة عدداً من الأوامر الطارئة التي تطالب إسرائيل باتخاذ جميع التدابير لمنع الأفعال المحظورة بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية، واتخاذ إجراءات لضمان توفير الاحتياجات الإنسانية الملحة لقطاع غزة بشكل فوري. وعلى صعيد المساعي لنيل عضوية دولة فلسطين الكاملة في الأممالمتحدة، صوت 14 عضواً في مجلس الأمن الدولي بقبول عضوية دولة فلسطين الكاملة، إلا أن الولاياتالمتحدة عطلت هذه المساعي باستخدامها حق النقض «الفيتو». وفي 10 مايو الماضي، اعتمدت الجمعية العامة قراراً ب143 صوتاً مقابل 9 أصوات معارضة، بأن دولة فلسطين مؤهلة لعضوية الأممالمتحدة الكاملة، وفقاً للمادة 4 من ميثاق الأممالمتحدة، والتي تنص أنه «ينبغي بالتالي قبولها عضواً» في المنظمة. ويوصي القرار مجلس الأمن بأن يعيد النظر بشكل إيجابي في هذه المسألة، وبموجب القرار أعطيت لدولة فلسطين مجموعة من الصلاحيات التي تقربها من العضوية الكاملة، من ضمنها مقعد دولة فلسطين في الجمعية حسب الحروف الأبجدية مع الدول كاملة العضوية وتقديم مشاريع قرارات ونقاط نظام. وعلى صعيد نيل مزيد من الاعترافات بدولة فلسطين، اعترفت النرويج وإيرلندا وإسبانيا بشكل متزامن، بدولة فلسطين، ودخل القرار حيز التنفيذ في 28 مايو 2024، وتلتها سلوفينيا وأرمينيا اللتان اعترفتا بدولة فلسطين في يونيو 2024، لترتفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 149 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.