يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ 26 وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ 27) سورة الرحمن، ببالغ الحزن والأسى تلقيت يوم السبت 18 رجب 1446ه نبأ وفاة الصديق العزيز الأخ سليمان بن محمد المنديل، حيث تمت الصلاة عليه في جامع عبدالله المهيني، و وُوري جثمانه الثرى في مقبرة الشمال. لا يستطيع الإنسان نسيان من كان أثره طيباً في حياته، تبقى ذكراه محفورة في قلبه، لقد اتصف أبو هاني -رحمه الله- بالأمانة والصدق والشجاعة، فقد كان -رحمه الله- صريحاً واضحاً في رأيه، وكان نقده موضوعياً وبنّاء في مقالاته، تحس بنبرة غضب في كتاباته، وقد وصف -رحمه الله- هذا الغضب بأنه علامة إيجابية في التعامل مع الأحداث والرغبة في تعديلها للأفضل، كان غيوراً على تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، قائداً إدارياً ناجحاً في الشركات والمؤسسات الحكومية التي عمل فيها، فقد كان مدير التسويق في صندوق التنمية الصناعية السعودي بين 1974 – 1980م ثم وكيلاً لوزارة المالية وأميناً عاماً لصندوق الاستثمارات العامة بين عام 1980 – 1992م، وكان آخرها نائباً لرئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للبتروكيميائيات "بتروكيم". حين يرحل الأصدقاء المخلصون يبقى صدى أفعالهم وأقوالهم وذكرياتهم يتردد في الوجود، وكأنهم لا يغيبون بل يحيون في التفاصيل الصغيرة التي تركوها خلفهم، وفي هذا المقام أستذكر بعضاً من المراحل التي عشتها مع أخي العزيز سليمان المنديل، فهو صديق درب طويل قضيناه معاً منذ مراحل الدراسة الأولى، عمر صداقتنا يزيد على ال60 عاماً، بدأت عندما كنا في مدرسة ثانوية اليمامة، ثم سافرنا سوياً إلى بيروت قاصدين أميركا لإكمال دراستنا الجامعية في جامعة ولاية أوريغون في مدينة كورفاليس، كانت أول رحلة لي إلى عالم جديد ومختلف عن بيئتنا، وكانت لها مشاعر خاصة من الرهبة والقلق من المجهول، إذ إنها كانت صدمة حضارية بكل ما للكلمة من معنى، إلا أن صحبة الأخ سليمان المنديل في هذه الرحلة بالإضافة إلى الأخوين عبدالمحسن عبدالله آل الشيخ ومحمد عبدالرحمن العريفي قد أزاحت عني بعضاً من همومها وقلقها، ومن ذكريات مرحلة الثانوية مع أبي هاني أيضاً تمثيلنا لمدرسة ثانوية اليمامة في برنامج للمسابقات اسمه "عشرون سؤالاً" يقدمه الأستاذ القدير ماجد الشبل -رحمه الله-، وكان يلقب سليمان المنديل ب"شوقي اليمامة"، وكان معالي الأخ عبدالله يحيى المعلمي منافسنا الشرس في معهد العاصمة، ومن أميز المشاركات التي جمعتني بأخي سليمان المنديل والأخ عبدالرحمن مازي، الترتيب لإقامة الحفل التكريمي لأستاذنا الكبير عبدالعزيز محمد المنقور -رحمه الله- تحت مظلة الغرفة التجارية، وأيضاً كانت لأبي هاني مساهمة كبيرة في تأسيس منتدى الرياض الاقتصادي بفضل كفاءته وخبرته في العمل الإداري والحكومي فهو من عائلة تقلدت المناصب الرفيعة في الدولة على مدى جيلين من الزمن. هذه هي سنة الحياة، وهذا هو منتهانا لمقابلة رب غفور، وليس علينا إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة لمن كان بالأمس جليسنا واليوم فقيدنا، اللهم اجعل قبره سعة وضياء ونوراً، واجعله في جنات النعيم، اللهم اجعل ما أصابه كفارة له ورفعة في درجاته، وأسأل الله العلي القدير أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يجبر مصابهم، ويحسن عزاءهم، وأختم بقول الله عز وجل: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) سورة البقرة 155-156. المهندس سعد بن إبراهيم المعجل