لم يكن الرئيس المكسيكي فنسنتي فوكس يتوقع أن يأتي قرار قضائي صدر لمعاقبة ندّ له بمفعول عكسي يهزّ كرسي الرئاسة، ترجم بخروج أكثر من مليون مكسيكي إلى شوارع العاصمة تضامناً مع حاكم ولاية مكسيكو زعيم اليسار لوبيز أوبرادور، المهدد بملاحقة قضائية يرى كثيرون أن الهدف منها منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2006. وتخطّت التظاهرة الصامتة التي لم يخترق صمتها إلا صرخات"لست وحدك"، أكثر التوقعات تفاؤلاً بحجم الحشد الممكن تعبئته، ما دفع الرئيس فوكس بعد صدور قرار مجلس النواب بكف يد أوبرادور في 8 نيسان أبريل الجاري، إلى الإعلان أن"المكسيك أعطت العالم نموذجاً ساطعاً عن كيفية تطبيق دولة القانون على الجميع من دون استثناء". ويبدو أن الرئيس صدم بحجم الاعتراضات الدولية لما وصف ب"غلطة وقحة"ارتدت على مخططات أكبر حزبين مكسيكيين، هما حزب الرئيس فوكس وحزب الثورة المؤسساتية الذي حكم المكسيك مدة 75 عاماً متواصلة، ما دفعه إلى اتخاذ"تدبير جراحي احترازي"يقضي بكفّ يد حاكم الولاية وإحالته إلى القضاء وتجريده من حقوقه السياسية. ويتهم أوبرادور بعدم الالتزام بقرار قضائي طلب منه وقف أعمال شق طريق تؤدي إلى مستشفى حكومي على أرض مستملكة. ونتج من ذلك طعن مجلس الولاية بصلاحية قرار مجلس النواب، بينما ردّ القاضي الموكل طلب الادعاء على أوبرادور لنواقص شكلية. وعلى عكس المتوقع، أدت خطوة مجلس النواب نقيض غايتها، وتحوّل أوبرادور إلى الموضوع الوحيد في السياسة المكسيكية. وراح أوبرادور يتنقل في أنحاء البلاد في ما بدا انطلاقة مبكرة لحملته الرئاسية. إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن شعبيته وكذلك شعبية حزب الثورة الديموقراطية في صعود، في حين أخذت شعبية خصومه، وفي مقدمهم الرئيس فوكس، بالتراجع. وجاء إعلان البيت الأبيض بأن القرار الصادر بحق أوبرادور"شأن داخلي مكسيكي"، ليعكس منعطفاً في التعاطي الأميركي مهّد له تصريح موظف كبير في الإدارة الأميركية قال فيه:"يبدو أن قرار مجلس النواب المكسيكي مناورة سياسية لا عملاً قضائياً، وربما يتأتى من ذلك عدم استقرار سياسي أعتقد أننا والمكسيكيين بغنى عنه".