لم تنجح القوى المعارضة اللقاء النيابي الديموقراطي، كتلة قرار بيروت، حركة التجدد الديموقراطي، لقاء قرنة شهوان، والنواب المستقلون في بلورة موقف موحد حول المشاركة في الحكومة الجديدة، او الوقوف على الحياد بعدما كانت سمّت نجيب ميقاتي لتأليفها. وعقدت هذه القوى في وقت مبكر صباح امس اجتماعات منفردة لتدارس المشاركة في الحكومة، اعقبها لقاء موسع في مكتبة المجلس النيابي قبل ان تشارك في وفد موحد في المشاورات التي عقدها ميقاتي مع الكتل النيابية. ثم عادت الى عقد لقاء موسع قومت فيه النتائج الاولية للمشاورات التي اجرتها مع ميقاتي وانتهت الى قرار يقضي بابقاء اجتماعاتها مفتوحة لمواكبة التطورات على صعيد تأليف الحكومة، على ان تتخللها لقاءات منفردة بعدما قرر"لقاء قرنة شهوان"عقد خلوة اليوم لمناقشة موقفه النهائي من الحكومة العتيدة. وعلمت"الحياة"من مصادر المعارضة ان وجهات النظر بالنسبة الى المشاركة لم تحسم لمصلحة موقف واحد على رغم النقاش المستفيض الذي شارك فيه العدد الاكبر من نوابها. وبحسب المصادر فإن اللقاء الديموقراطي برئاسة وليد جنبلاط يميل الى المشاركة في الحكومة لأن تسمية ميقاتي رئيساً للحكومة جاءت تتويجاً لصفقة سياسية تولت رعايتها في شكل اساس فرنسا والمملكة العربية السعودية وبالتالي لا بد من استكمالها باتخاذ قرار بالمشاركة. ونقل عن النواب في اللقاء قولهم ان جنبلاط لم يعقد صفقة سياسية منفردة وانه كان طوال اقامته في باريس على اتصال بجميع القوى في المعارضة وان دمشق ليست بعيدة منها، بمعنى التزامها تطبيق الطائف واعتباره الناظم الوحيد للعلاقات اللبنانية ? السورية شرط ان يتم ذلك من خلال المؤسسات الدستورية بخلاف ما كان يحصل في السابق عبر القنوات الامنية اللبنانية ? السورية، اضافة الى تعهدها المساعدة على اجراء الانتخابات النيابية في أقصى سرعة. واذ توقف النواب امام الدور الايجابي الذي لعبه الرئيس الفرنسي جاك شيراك وولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز في اجتماعهما في باريس، بعد ان كان الاخير التقى في الرياض نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أكدوا في المقابل ان التسوية السياسية بقيت في العناوين وتحديداً بالنسبة الى اعادة الاعتبار للطائف وتطبيقه بحذافيره، والإسراع في اجراء الانتخابات، واذا أمكن في موعدها، وان أي تأجيل لا يعود الى اسباب لوجستية ولفترة قصيرة، سيكون مرفوضاً وسيترتب عليه رد فعل سياسي، اضافة الى اقالة قادة الاجهزة الامنية. ولفت هؤلاء النواب، وخصوصاً مروان حمادة وغازي العريضي اللذين كانا طوال اجتماعي المعارضة على اتصال بجنبلاط، الى وجود ضرورة للانتقال من الشارع الى الحكومة، وان المعارضة كسواها مسؤولة عن تحضير المناخ لإخراج البلد من المأزق. وتوقفوا ايضاً امام فحوى اتصالات جنبلاط اثناء وجوده في باريس بقادة المعارضة واجتماعه مع قائد التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، وقالوا ان"من غير الجائز لنا كمعارضة ان نعطي فرصة من اجل التوصل الى حل من خلال تسمية ميقاتي، ومن ثم نترك اللعبة لغيرنا في داخل الحكومة". ورأوا ان المعارضة بذلت جهداً لتأمين ايصال ميقاتي الى سدة الرئاسة الثالثة، وقالوا ان التعب على هذا الصعيد يجب ان لا يضيع سدى. ثم تساءلوا:"كيف نتحدث عن التوصل الى تسوية سياسية من خلال التسمية ولا نشارك في الحكومة؟". وأشاروا ايضاً الى عدم تشجيعهم لمبدأ تشكيل حكومة غير سياسية من التكنوقراط، وقالوا:"ان الهدف من الاشتراك، توفير الحماية لميقاتي من ناحية ولأنفسنا كمعارضة من ناحية اخرى"، محذرين من ان المجيء بحكومة حيادية يعني ان رئيس الجمهورية اميل لحود سيكون المسيطر عليها. وأضافوا:"هل يعقل ان نوافق على تشكيل حكومة لغيرنا، بدلاً من ان نقتحم التركيبة الوزارية بفريق عمل يكون قادراً على التأثير ويمنع وضع اليد على الحكومة من الآخرين؟ وما معنى ألا ننخرط في اللعبة لضمان تنفيذ ما تعهد به الرئيس المكلف والذي يتطابق مع كل ما سمعناه في باريس من الرئيس شيراك والأمير عبدالله بن عبد العزيز؟". وسأل النواب عن جدوى الموافقة على عدم اشراك المرشحين للانتخابات في الحكومة،"فما الضمانة لعدم تدخل هؤلاء لمصلحة قوى سياسية اخرى، خصوصاً ان لا شيء اسمه حيادي في المطلق، فللوزير اياً كان، ارتباطات سياسية تضغط عليه للتعاطف مع هذا المرشح او ذاك وان الامر ينطبق على رئيس الحكومة اذ ليس في مقدوره الوقوف على الحياد المطلق في الشمال وحليفه الاساس سليمان فرنجية يستعد لخوض المعركة!". ودعا نواب في"اللقاء الديموقراطي"الجميع الى تحمل المسؤولية والضغط في اتجاه تحديد موعد سريع لاجراء الانتخابات ولمصلحة القانون"الذي نريد". وبدا النائبان فارس بويز وبيار أمين الجميل الاقرب الى وجهة نظر"اللقاء الديموقراطي"، الا ان نواب كتلة قرار بيروت والتيار السياسي للرئيس الشهيد رفيق الحريري لم يظهروا حماسة للاشتراك في الحكومة لأن المعارضة لن تكون القوة الاساسية في مجلس الوزراء القادرة على التأثير في القرارات التي سيتخذها، اضافة الى انها لا تريد ان تشكل غطاء الحكومة في الوقت الذي لم تباشر لجنة التحقيق الدولية عملها. لكن العامل الاهم المؤثر في موقف الكتلة يتعلق بحسابات طرابلسية ضغط من اجلها مسؤول تيار المستقبل في الشمال الوزير السابق سمير الجسر ونائب الضنية أحمد فتفت وتضامن معهما في شكل مباشر عضو"حركة التجدد"النائب الطرابلسي مصباح الاحدب. وعلمت"الحياة"ان الجسر وفتفت والأحدب يعتبرون ان المجيء بحكومة غير سياسية او حيادية من طراز الوزير السابق فؤاد بطرس يقطع طريق الترشح على ميقاتي بعدما كان صرح بأنه سيكون قدوة للوزراء في عزوفهم عن خوضها، اضافة الى التعهد الذي كان قطعه امام المعارضة بعدم الترشح، علماً ان بعض نواب بيروت ابدى تفهماً لوجهة نظر جنبلاط، وسمعت"الحياة"احدهم يؤيد موقف حمادة والعريضي. ودافع بعض النواب المستقلين في"لقاء قرنة شهوان"عن موقفهم عدم الاشتراك بحجة ان المعارضة ستفقد صدقيتها لأنها تعد العدة لخوض الانتخابات ضد رموز السلطة اضافة الى انسجامها مع دعوة البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير الى تشكيل حكومة مصغرة بخلاف المشاركة التي ستدفع باتجاه توسيعها. كما ان لقاء القرنة يبرر موقفه بأن غالبية اعضاء الحكومة ستكون في مكان آخر وبالتالي لن يكون من تأثير او وزن للمعارضة فيها، اضافة الى ان الغالبية النيابية ما زالت بيد الموالاة وان للعامل السوري دوراً في توجيه الاكثرية ومن الافضل التحضير لخوض الانتخابات على لوائح موحدة. ما يعني ان اللقاء يصر على استحضار ابرز الرموز في الموالاة كخصم له في الانتخابات ولا يحبذ اعادة خلط الاوراق السياسية قبل هذا الاستحقاق الدستوري. وفي انتظار ما ستقرره المعارضة، فإن التواصل بين جنبلاط وحركة"أمل"و"حزب الله"مستمر والبحث يدور في امكان التوافق على قانون انتخاب جديد يكون بمثابة حل وسط بين القضاء دائرة انتخابية والمحافظة مع النسبية.