النادل الصيني الذي وقف أمام الطاولة ينتظر طلبات زبائن مطعم"الستيك"في"قرية القرن"سناتيري فيليج في دبي لن يتطوّع لإسداء الخدمة"التاريخية"للشاب الذي ارتمى على كرسيّه، مشغول البال، ساهياً عمّا يدور حوله. فكما انتهى منذ زمن بعيد عصر رسائل الحمام الزاجل، بات استخدام نادل المطعم في مهمة نقل رسائل"الاعجاب"أو أكثر من ذلك! بين الزبون"الساهي"والزبونة"المتغاوية"، الجالسة الى الطاولة المقابلة، أيضا موضة قديمة. لم يراهن الشاب على"النادل الزاجل"هذه المرة. التقط هاتفه من آخر طراز، نقّل طرف إصبعه على الأزرار، فعّل خيار"البلوتووث"Bluetooth وارتاح الى تلك الدائرة الصغيرة التي ظهرت على شاشة الهاتف، تحيط بها دوائر تختفي وتعود الى الظهور، كرادار يصدّر موجات لاسلكية. بضعة أزرار أخرى، وسيتمكن الشاب من النفاذ الى لائحة تتضمن أسماء، في غالبيتها غير حقيقية، لأناس يحملون هواتف تعمل بالتقنية ذاتها ويتواجدون على بعد عشرة أمتار، كحدّ أقصى، في محيطه. سيكون عليه الآن أن يخمّن أي اسم يعود الى الفتاة التي نالت اعجابه:"هل هي"دبي دريم"أم"ذا بلوند سوسو"؟ إحتار لمن يبعث برسالة"التحرّش"الأولى التي ستبقى مجهولة المصدر، الى أن تقرر الفتاة أن ترد عليه برسالة أخرى. وهكذا حتى يتفق الطرفان على"علامة"محددة تمكنهما من التعارف. كأن يطلب منها أن تقف أو تطلب منه أن يرفع الوردة عن الطاولة ويلوّح بها. فتقنية"البلوتووث"، أو كما تصاغ ترجمتها العربية"السنّ الأزرق"، تتيح ربط الأجهزة الالكترونية لاسلكيا من دون الحاجة الى أسلاك أو كوابل. وهي أيضا تبقي على مصدر الرسالة مجهولا ولا تظهر رقم الهاتف الذي صدّرها. وقد بدأ إدراج شركات الهواتف النقالة لهذه التقنية على لائحة الخيارات المتوافرة للمستخدمين، في نهاية العام 1999 . ودبي، واحة التجارة والتكنولوجيا في المنطقة، تتيح بسهولة للمقيمين فيها تداولاً يومياً مع ابتكارات التقنية الحديثة. ولا يحتاج الحصول على هذه التقنية الى عناء كبير. إذ تساعد الاجور المريحة والمنافسة الحاصلة بين الشركات على توافرها بأسعار مشجعة، تجعل من الشاب، الذي يبدو حائراً في هذه اللحظات أي اسم على شاشته يمثّل الفتاة، قادراً على حيازة هاتف بتقنية"السنّ الأزرق". فجأة، يظهر على الشاشة اسم جديد:"باشين إن دبي"شغف في دبي. يبتسم الشاب ويتفاءل بأن اسما كهذا يليق بجميلته. يحسم خياره ويرسل رسالة الكترونية محمّلة بكل"الباشين"الممكن. ثوان قليلة تمرّ قبل أن"تطنّ"نغمة استلام رسالة الى جانبه. في واقع الأمر، لقد ضحك"السن الأزرق"في الوجه الخاطىء، ولم يكن"لاف إن دبي"الا الاسم الحركي للنادل الصيني الذي سارع الى التقاط هاتفه النقال من جيبه لتفقّد الرسالة التي كانت تقول:"أنا رجل وحيد.. وعيناك تعجبني!".