عرفت تقنية البلوتوث على المستوى الشعبي في مطلع العام 1998م عندما نشأت شراكه بين عدد من الشركات العالمية : نوكيا، اي بي إم، أريكسون، إنتل وتوشيبا والإعلان عن ما يعرف باسم مجموعة: The Bluetooth Special Interest Group والتي يرمز لها بالاختصار Bluetooth SIG لتعتمد تقنية البلوتوث كخدمة أساسية في منتجاتها، ثم شهدت الساحة انضمام العديد من الشركات المتخصصة في مجال الاتصال وتقنية المعلومات لهذه المجموعة. فما هي هذه التقنية؟ عندما بحثت عن أصل تسمية بما يعرف بالبلوتوث Bluetooth وجدت أكثر من رواية مختلفة لكن أشير في موسوعة ويكيبيديا العالمية إلى أن التسمية جاءت تيمناً باسم هارلد بلوتوث Harald Bluetooth ملك الدنمارك. فتقنية البلوتوث تعتمد على الاتصال اللاسلكي عن بعد باستخدام نطاق محدود، ويمكن تعريفها بأنها شبكة الاتصال الشخصية اللاسلكية Personal Area Network واختصارها Wireless PAN وبطبيعة الحال ليست الوحيدة في هذا المجال ولكن هناك تقنية الاتصال عبر الأشعة تحت الحمراء IrDA. والفرق ما بين التقنيتين هو أن البلوتوث يغطي مساحة أوسع تتعدى المائة متر، ومن وراء الحواجز وفي أي اتجاه وأنها توفر الاتصال لأكثر من جهاز. متطلبات الخدمة بالنسبة لأجهزة الهواتف المحمولة والحواسيب الكفية ليست هناك أي متطلبات للتشغيل لأن الخدمة تكون متوفرة بشكل أساسي، أما الأجهزة المكتبية أو الحواسيب المحمولة فهذه قد تكون بطاقات البلوتوث مدمجة بها وإن لم يكن كذلك فبالإمكان الحصول على بطاقة لا يتجاوز حجمها حجم الإصبع يتم تركيبها بمنفذ usb، والأنظمة تتعرف عليها بشكل تلقائي، فقد جربت التركيب والتشغيل من أنظمة ويندوز ولينكس وكانت تعمل بكل كفاءة بدون الحاجة لتعريفها. حدود الخدمة قد يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم السؤال: هل الفائدة من هذه التقنية محصورة فقط في أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية؟ طبعاً لا.. فهي أعم وأشمل من أن يتم حصرها في تشغيل جهاز أو تحقيق اتصال ما بين الهواتف والحواسيب، فقد ترى يوماً ما أنه بإمكانك تشغيل سيارتك باستخدام البلوتوث من أي مكان وقد تشعل أنوار غرف وأروقة المنزل وتطفئها باستخدام جهاز تحكم عن بعد من أي مكان داخله والكثير الكثير.. فأنت ترى وسائل التحكم عن بعد (الريموت كنترول) كيف تتحكم بالأجهزة من دون تسليك.. لكن هب أنك خارج الغرفة هل يعمل جهاز الريموت؟ بالطبع لا.. لأنه يحتاج إلى توجيه الإشعاع لمكان الاستقبال في الجهاز المراد التحكم به، بينما مع البلوتوث لا يشترط ذلك. الفوائد والإيجابيات لا شك أن الاتصال عبر البلوتوث خدمة ليس لها مثيل، حيث وسعت نطاق التواصل والمشاركة ليس على مستوى أجهزة الكمبيوتر فحسب بل أن الذين من لم يسبق لهم التعامل مع الكمبيوتر أصبحوا يستفيدون من هذه الخدمة أيما استفادة كل حسب توجهه واهتمامه، ومن التطبيقات التي وفرتها هذه الوسيلة الاتصال ما بين الكمبيوتر وجهاز الهاتف المحمول وأجهزة الكمبيوتر فيما بينها حتى أنه صار بالإمكان عمل شبكات محلية باستخدام هذه التقنية، وأصبح بالإمكان حفظ نسخة من البيانات الشخصية وأرقام الاتصال من الهواتف، كما أنها جعلت من أجهزة الاتصال تعمل كوسائط تخزين متنقلة، فمثلاً في السابق قد يحتاج الواحد منا لقلم تخزين أما الآن فعن طريق الاتصال اللاسلكي عبر البلوتوث يمكن أن تنقل ملفاتك إلى جهازك المحمول وإذا أردت استرجاعها تقوم بإرسالها بنفس الطريقة إلى الجهاز الآخر؛ خاصة إذا علمنا أن هناك بطاقات بلوتوث تشبه أقلام التخزين تباع بأسعار رخيصة يمكن استخدامها للأجهزة المكتبية أو الحواسيب المحمولة التي لا تتوفر فيها تقنية البلوتوث. وعلاوة على كل ما ذكر هناك فائدة أخرى وهي توفير بيئة اتصال مجانية ما بين الزملاء أو الأهل داخل المكان الواحد حيث يمكنهم التحادث فيما بينهم دون الحاجة لاستخدام خط الهاتف الجوال. وهناك الكثير من الفوائد الأخرى كمساهمتها في التقليل من استخدام الأسلاك التي لا يتسع المجال لذكرها. السلبيات لكل تقنية جانب سيئ وسلبيات، وبطبيعة الحال هذا الجانب لا يلغي الفائدة والجوانب الإيجابية وهي - وكما رأينا - كثيرة، فمن أبرز السلبيات إساءة استخدام هذه التقنية من قبل بعض الشباب من خلال تناقل الملفات ذات المضمون السيئ، هذا علاوة على إهدار الأوقات من قبل بعض الموظفين والطلبة في استقبال وإرسال الملفات، كما أن من السلبيات مضايقة الشباب للنساء في الأسواق والأماكن العامة والعكس. مخاطر أمنية كأي وسيلة اتصال ذات مجال تترتب على تقنية البلوتوث مخاطر أمنية، فكما نعلم أن هذه التقنية تتم عبر موجة قصيرة يبلغ ترددها 2,4 جيجاهيرتز، وفي هذا الإطار أجرت شركة A.L. Digital بحثاً أشارت فيه إلى وجود ثغرة أمنية خطيرة صاحبت إدخال هذه التقنية في الهواتف المحمولة لكل من نوكيا وأريكسون، حيث يمكن من خلال هذه الثغرة انتهاك خصوصية المستخدمين وسرقة بياناتهم وعناوينهم الهاتفية. وقد قمت بزيارة موقع نوكيا - كمثال نموذجي ولكون أجهزتها هي الأوسع انتشاراً - وذلك بغية التعرف على التدابير التي اتخذتها الشركة لمواجهة المشاكل المترتبة على هذه التقنية فوجدت أنها قد أشارت في موقعها إلى هذه المشكلة وأنها قامت - كحل مؤقت - بإدخال خيار الإخفاء بحيث لا يظهر المستخدم للأجهزة الأخرى، والأجهزة المعرّضة للاختراق والتي لم تشملها خاصية الإخفاء هي هواتف Nokia 0136 - 0136i - 0566 - 0198 - 0198i، هاتف عدة السيارة Nokia 016 وهاتف السيارة Nokia 018. هل يكفي هذا؟ بالطبع لا.. فإجراء الإخفاء قد يفيد مع الأجهزة فيما بينها، لكن ماذا عن البرامج الخاصة بسرقة البيانات عبر البلوتوث من دون إجراء اقتران سواء تلك التي في الأجهزة الكفية أو بالأجهزة الكبيرة، لذلك فقد يكون المستخدم عرضة للاختراق طالما أن الخدمة في وضع تشغيل، والحل في هذه الحالة هي الحرص على عدم الاحتفاظ بوثائق وصور ذات طابع شخصي في هذه الأجهزة، والعمل على إيقاف الخدمة وعدم تشغيلها إلا عند الحاجة ولوقت قصير ثم يعاد إيقافها، مراعاة عدم فتحها في الأماكن العامة والطرقات. وقد حصلت قصة تدعم ما نوصي به، فأثناء مرافقتي لأحد الأصدقاء بسيارته وأثناء وقوفنا عند إحدى الإشارات وسط مدينة الرياض وردت لجهازه إشارة طلب استقبال ملف عبر البلوتوث من شخص مجهول، أخبرني بالأمر فطلبت منه حذف الرسالة عندما تبين لنا أنها عبارة عن ملف تنفيذي يطالبه بالتثبيت فقام بحذفه. [email protected]