استأنف القادة العراقيون أمس محادثات متعثرة في شأن صوغ الدستور، بضغوط على السنّة العرب للموافقة على اقامة دولة اتحادية. وكانت محادثات استمرت اسابيع انتهت من دون التوصل الى اتفاق الاثنين الماضي، الموعد النهائي المحدد لوضع الدستور، وأعطى البرلمان زعماء الأحزاب والكتل السياسية، أسبوعاً اضافياً لتسوية خلافاتهم. واذا لم تستكمل المسودة، ستواجه الجمعية الوطنية البرلمان احتمال حلها، واجراء انتخابات جديدة، في مناخ يسممه قتال دموي، أفرز صراعاً عرقياً وطائفياً عنيفاً. وتوقع ناطق في مكتب الرئيس جلال طالباني ان تكون المحادثات مكثفة بين الكتل السياسية الرئيسية، موضحاً ان طالباني سيرأس اجتماعاً للجماعات الكردية والشيعية، بعد محادثات غير رسمية الثلثاء. ويأمل مسؤولون أميركيون يمارسون ضغوطاً للتوصل الى اتفاق في وقت مناسب، لاجراء استفتاء عليه في تشرين الاول اكتوبر المقبل، بأن يقوض الدستور قدرة المسلحين، ويساعد الرئيس جورج بوش على اتخاذ خطوة اعادة القوات الاميركية الى وطنها، وهي خطوة تحظى بتأييد شعبي واسع في الولاياتالمتحدة. ويعارض السنّة العرب الذين فقدوا وضعهم المهيمن في عهد الرئيس المخلوع صدام حسين، مطالبة الشيعة والاكراد بدولة اتحادية. وتحدث رئيس الوزراء ابراهيم الجعفري شيعي والرئيس طالباني كردي علناً الثلثاء عن ايمانهما باقامة دولة اتحادية. وقال الجعفري للصحافيين انه يرى ان الفيديرالية أصبحت حقيقة بالنسبة الى الاكراد، وان غيرهم في محافظات أخرى، يجب ان يكون له الحق ذاته. وأضاف أن الاسبوع الاضافي سيكون كافياً للتوصل الى اتفاق يحسم مسودة الدستور، فيما أوضح السفير الاميركي زلماي خليل زاد ان هناك خطة لطباعة نص واحد، يوضح البنود التي حسمت، وتلك التي ما زالت محور خلاف. وقال السفير واصفاً صعوبة تحديد وثيقة عمل:"في لحظة ما تصورت اننا اتفقنا على أمر، ثم اكتشفت انه لم يتفق عليه في الوثيقة التي أقرأ منها". وظهرت مطالب جديدة كما تجدد بعض المطالب القديمة، وقال يونادم كنا وهو عضو مسيحي في لجنة الدستور، ان الاكراد يدفعون بقوة أكبر كي ينص الدستور على حق تقرير المصير لهم، رغم انهم واجهوا معارضة من السنّة والشيعة، علماً ان الشيعة طالبوا قبل خمسة ايام من انتهاء مهلة انجاز الدستور بمنطقة حكم ذاتي في جنوبالعراق، على غرار اقليم كردستان. وأكد السنة انهم يتعرضون لضغوط للموافقة على الفيديرالية. وذكر صالح المطلك سني أحد أعضاء لجنة الصياغة التي تضم 17 عضواً، ان السنة يقاومون تحركاً من الأكراد لتجنب ترسيم حدود منطقتهم المتمتعة بالحكم الذاتي، موضحاً ان السنة لا يعارضون اقليماً كردياً ولكن بحدوده المعروفة قبل الغزو الاميركي. وزاد:"السنة يريدون تحديد كل شيء الآن، لكن الاكراد لا يريدون ترسيم الحدود، كي يكون بامكانهم التوسع في المستقبل وفي هذه الحال ستندلع حرب". ويمكن الاكراد أن يشيروا الى قانون ادارة الدولة الموقت الذي ينص على أن مسألة كركوكالمدينة التي يريدون ضمها الى منطقة الحكم الذاتي، يجب ترك حسمها لوقت لاحق. وتتركز ثروة العراق النفطية قرب البصرة في الجنوبوكركوك في الشمال، ما سيكون من شأنه افقار السنّة، اذا منحت الاقاليم الاتحادية سيطرة على موارد اراضيها. واعتبر المطلك ان فكرة الاكراد والشيعة عن سهولة تكوين اقاليم اتحادية من مجموعة من المناطق"غير محكمة"، لافتاً الى ان"تحديد اي اقليم ينبغي ان يكون قراراً وطنياً وليس اختياراً فردياً". ولاحظ كنا ان هناك"بادرة بسيطة"على قرب التوصل الى تسوية من جانب بعض السنة العرب الذين وافقوا على فكرة ان تدار محافظات باعتبارها اقاليم اتحادية، على الا تصل الى ثلاث محافظات أو أكثر، كما يسمح الدستور الموقت. وتابع ان انصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مستعدون لقبول ذلك، لكن"الائتلاف الموحد: الشيعي يصر على ألا يقل الاقليم الاتحادي عن ثلاث محافظات. وشدد على ان السنة العرب لن يوافقوا لان ذلك"يتعارض مع فكرتهم عن العراق كما عرفوه". في تكريت معقل الرئيس المخلوع صدام حسين، نظمت أمس ندوة حول الاستفتاء الشعبي على الدستور العراقي، وذلك في مبنى المحافظة، بحضور ممثلين عن مجلس عشائر محافظة صلاح الدين، البالغ عددهم 33 شيخاً يمثلون الاقضية والنواحي والقرى التابعة للمحافظة. وأكد ناجي جبارة رئيس مجلس شيوخ العشائر، في كلمة في الندوة ضرورة"المشاركة الفعالة لكل شرائح المجتمع في الاستفتاء الشعبي على مسودة الدستور والانتخابات، كي تأخذ المحافظة مكانها وحقها في التمثيل". واوضح ان"الجهود ستكون في أعلى درجاتها لانجاح العملية التي ستحدد مستقبل المواطن العراقي". ونبه الى رفض مبدأ الفيديرالية، مشيراً الى ان"الفيديرالية التي تقسم العراق طوائف ستكون مرفوضة من جميع أبناء المحافظة، اذا وضع نصها في الدستور الذي سيعلن في الثاني والعشرين من آب اغسطس الجاري". وعرض يحيى عاصي الحديدي، رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في المحافظة"الصعوبات"التي تواجه فريقه الذي يعمل في"مساحة جغرافية واسعة". ودعا ابناء المحافظة الى المشاركة في الاستفتاء على الدستور منتصف تشرين الاول، مؤكداً ان تسهيلات ستقدم في المراكز المنتشرة في المحافظة"لانجاز العملية الديموقراطية في العراق على أحسن وجه". وتحدث عن"تعاون اهالي النواحي والاقضية لإنجاح العملية الديموقراطية". وأكد حيدر البلداوي وهو من مجلس المحافظة، ان"المفوضية تمنح هويات للمراقبين من الكيانات السياسية في المحافظة، لتهيئة مستلزمات انجاح العملية". شعلان الكريم شيخ عشائر آل عيسى طالب بفرز الأصوات في المحافظة وليس في بغداد"لأن كثيرين يتخوفون من تأثير بعض العناصر في السلطة على النتائج". وبمقتضى التأجيل، على اللجنة البرلمانية المكلفة صوغ الدستور، تسليم مشروع المسودة الى البرلمان في 22 الشهر الجاري كحد اقصى، لاقراره خلال استفتاء في منتصف تشرين الاول، على ان تجري انتخابات تشريعية بعد شهرين.