لم تبتهج حركة"فتح"بنتائج استطلاع جديد للرأي العام بيّن أنها ستحصد نصف مقاعد المجلس التشريعي في الانتخابات المقررة الشهر المقبل، لأنها وجدت قواعدها منقسمة أفقياً وعمودياً قبيل موعد اغلاق باب الترشيح غداً. وبدأت مظاهر الانقسام في"فتح"تظهر منذ أيام قليلة مع تسرب أسماء مرشحي الحركة في الدوائر. وتنوعت الاعتراضات على هذه القوائم بين من يراها تمثل منطقة جغرافية ولا تمثل أخرى، أو تمثل عائلة ولا تمثل منافستها، أو تضم أشخاصاً أخفقوا في الانتخابات الداخلية للحركة ولا تضم آخرين نجحوا. وبدأت أشكال الاحتجاج تأخذ منحى عنيفاً في الساعات القليلة الماضية عندما أقدمت مجموعات مسلحة من الحركة على دهم مقار لها او للجنة الانتخابات في عدد من المناطق مثل دير البلح في غزة وطولكرم في الضفة. وظهرت علامات انقسام جدية في صفوف الحركة في الدوائر المختلفة، ففي نابلس ورام الله ظهرت تجمعات على خلفية تمثيل اللاجئين، وفي جنين على خلفية تمثيل المدينة، وفي نابلس على خلفية تمثيل الريف، وفي غزة ظهرت تجمعات احتجاجية على الخلفيات المذكورة جميعها. وطالبت قادة فروع الحركة في 28 قرية جنوب نابلس مؤيديها بعدم المشاركة في الانتخابات لعدم وجود تمثيل لهذه القرى في قائمة الحركة. اما في الخليل، فبدت المعركة بين أقطاب الحركة أكثر سخونة، اذ وزعت وثيقة تزعم تلقي وزير الاعلام السابق نبيل عمرو تعهداً من معهد في واشنطن يديره المعبوث الأميركي السابق لعملية السلام دينس روس بتقديم الدعم المالي اللازم له لخوض الانتخابات. واتهمت مصادر مقربة منه مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي جبريل الرجوب بتصميم الوثيقة وتسريبها . وكان الرجوب حصل على أعلى الأصوات في الانتخابات الداخلية للحركة في الخليل، لكن مصادر مقربة منه قالت ل"لحياة"ان النية لديه تتجه الى عدم خوض الانتخابات بعد اصرار اللجنة الحركية المسؤولة عن الانتخابات وضعه في قائمة الدائرة وليس في قائمة الوطن. وبالنسبة الى غالبية المرشحين، تبدو قائمة الوطن أسهل من قائمة الدائرة نظراً لأن التصويت في الأولى يجري على خلفية سياسية بينما يبدو التصويت في الثانية خليطاً بين العشائري والسياسي والشخصي. ويبدي بعض القادة الشباب خشيته من حدوث انقلاب على قيادة مروان البرغوثي لكتلة"فتح". وقال النائب حاتم عبد القادر احد مرشحي الحركة عن دائرة القدس:"لدينا قلق حقيقي من انقلاب القيادة على نتائج الانتخابات الداخلية وابعاد مروان البرغوثي عن رئاسة القائمة لصالح احد اعضاء اللجنة المركزية". وأضاف:"ما يقلقنا ان الرئيس عباس لم يصدر بعد قراراً رسمياً بذلك". ورجح تشكيل قائمة موازية برئاسة مروان في حال اختيار شخصية أخرى على رأس كتلة"فتح". وكان اثنان من قادة الجيل الشاب في"فتح"هما قدورة فارس واحمد غنيم زارا مروان في سجنه أمس للتباحث معه في شأن خياراته على ضوء الشكل النهائي لقائمة الحركة التي ستعلن غداً. وفي مقابل ضجيج الأزمة العاصفة في"فتح"، تجري"حماس"، المستفيد الأول من هذه الأزمة، تحضيراتها للانتخابات بصمت وثقة كبيرين. وافادت مصادر في"حماس"ان الحركة ستعلن قائمتها النسبية غداً ظهراً بعد ان اعلنت اسماء قوائمها على مستوى الدوائر. وقال مسؤول في الحركة فضل عدم ذكر اسمه ان حركته اتبعت تكتيكاً في تشكيل قوائمها يقوم على اختيار الشخصيات الأكثر تأثيراً على الجماهير لقوائم الدوائر، واختيار الشخصيات الأقل تأثيراً للقائمة النسبية. وأضاف:"قد تجد الكثير من رجال الدين في قوائم الدوائر، وهذا أمر مهم لأنهم الأكثر تأثيراً على الجمهور، أما القائمة النسبية فراعينا اختيار شخصيات مهنية مشهود لها بالنجاح ونظافة اليد لسهولة تسويقها سياسياً على مستوى الوطن". ويرى المراقبون ان التنافس بين شخصيات"فتح"سيضعف فرص الحركة في تحقيق نصر كبير ويعزز فرص خصمها الأكبر"حماس". وقال المعلق الصحافي هاني المصري:"كلما زاد التنافس في حركة فتح زادت فرص فوز حماس". وأضاف:"التنافس في فتح سيقود الى تشتيت اصوات الحركة ومؤيديها بينما تنصب أصوات حماس لصالح كتلة الحركة، ما يعزز فرص فوزها". ولا يستبعد كثير من المراقبين ان تتفوق"حماس"على"فتح"في حال حدوث انقسام في الأخيرة رغم ان نتائج الاستطلاعات تعطي للثانية أفضلية كبيرة على الأولى تصل في بعض الأحيان الى الضعف.